سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجناية على (النهاية لابن الأثير) تتفاعل بين القراء! تعقيباً على ما نشره الراجحي في (ورّاق الجزيرة)
الشمراني يرد على الحلبي ويتعقب الراجحي!
عبدالله بن محمد الشمراني*
اطلعت على المقال المنشور في جريدة (الجزيرة) العدد رقم (10314) تاريخ (28\9\1421ه) في صفحة (ورّاق الجزيرة) للأستاذ الفاضل: عبدالعزيز بن فيصل الراجحي مدير قسم المخطوطات بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وما كتبه الأستاذ الفاضل، هو عين ما كنت سأكتبه، ولكنه تعجل وكاسلت، فكان له فضل السبق الى التنبيه الى هذه السرقة، وأود أن أضيف (النقاط الثلاث) الآتية تعقيبا على مقاله: النقطة الأولى: قوله: عن ظاهرة ضغط الكتب: (وهذه وإن كنت بادرة حديثة، إلا أنها كانت الطريقة المتبعة في الطباعة أول دخولها البلاد العربية). قلت: إن كان الكلام متعلقاً بالطبع والنشر فنعم, أما الظاهرة نفسها (ضغط الكتب الكبيرة)، فجادة معروفة عند السلف، على بعض الناس للورق الرقيق، لعدم تحمله الاستعمال الكثير، ولا يرغبون في الخط الدقيق، لصعوبة قراءته، وكانت تسمى هذه الطريقة : (القرمطة). قال صاحب : (القاموس) (ص682): ((القرمطة): دقة الكتابة، ومقاربة الخطو) ا,ه. إلا أن السلف لم يكرهوا ذلك، للحاجة اليه, أما لغير حاجة فهو مكروه. يقول الخطيب في :(الجامع) (537): (بلغني عن بعض الشيوخ: أنه كان إذا رأى خطا دقيقا، قال: هذا خط من لا يوقن بالخلف من الله). وقال النووي في :(التقريب) (ص67): (يستحب تحقيق الخط، دون مشقة، وتعليقه, ويكره تدقيقه، إلا من عذر، كضيق الورق، وتخفيفه للحمل في السفر، ونحوه) ا,ه. قلت: (مشق الكتابة): (مد حروفها) ا,ه من :(القاموس) (ص924)، ومثالها: (ناقة), وجاء في: (فتح المغيث) (2\151): ((التعليق): هو فيما قيل: خلط الحروف التي ينبغي تفرقتها، وإذهاب أسنان (ما) ينبغي إقامة أسنانه، وطمس ما ينبغي إظهار بياضه. وكذا (المشق) بفتح أوله، وإسكان ثانيه، وهو : خفة اليد، وإرسالها، مع بعثرة الحروف، وعدم إقامة الأسنان,, فيجتمعان في عدم إقامة الأسنان، ويختص (التعليق) بخلط الحروف، وضمها، و (المشق) ببعثرتها، وإيضاحها بدون القانون المألوف)ا,ه. وقال أبو سعد السمعاني - رحمه الله - في : (أدب الإملاء) (2\585): (لا ينبغي للطالب أن يكتب خطا دقيقا، إلا في حالة العذر، مثل أن يكون فقيرا لا يجد من الكاغد سعة، أو يكون مسافرا فيدق خطه، ليخف حمل كتابه عليه). وأسند الى : إسماعيل بن طاهر النسفي: (قيل لطالب الحديث، أو غيره، لمَ تقرمط؟ فقال : لقلة الورَق، والورِق، والحمل على العنق) ا,ه. وجاء في : (فتح المغيث) 2\150 - نقلا عن ابن عساكر - أن ابن عبدالله الصوري كتب (صحيح البخاري)، و (صحيح مسلم) في مجلد لطيف، وبيع بعشرين دينارا. وحدثني الشيخ أبو تراب الظاهري، قال: (وجدت عند شيخنا أحمد شاكر - رحمه الله - بمصر مجلد متوسط، بخط المحدث: محمد عابد السندي، فيه الكتب الستة، بخط دقيق، ومقروء، وهي نسخة جيدة، وكان شيخنا يعول عليها، ويهتم بها، لأنها بخط محدث) ا,ه. كما ذكر المحدث أحمد شاكر في (مسند الإمام أحمد) (15\249) - 250) أنه اطلع على نسخة فريدة من : (تهذيب الكمال) في مجلد واحد متوسط، على ورق رفيع جميل، كتبت لأحد الأمراء في (اليمن). قلت: (و تهذيب الكمال ) مطبوع في (35) مجلدا. وقد اعتنى السلف قديما بهذا الجانب، (الاهتمام بالكتابة، وما يتعلق بها)، ومن أراد المزيد في هذا الباب فلينظر: (الجامع لأخلاق الراوي) (1\398 - 405)، و (أدب الإملاء) (2\564 586)، و(إرشاد طلاب الحقائق) (2\429 - 433)، و (فتح المغيث) (2\141 - 164). النقطة الثاني: وصفه لطبعة (النهاية في غريب الحديث) بتحقيق الأستاذين: الزواوي والطناحي رحمهما الله، وأنها أصح طبعات الكتاب. أقول كلامه صحيح لا شك فيه، وقد ذكر أسبابا (وافية) تؤكد ريادة هذه الطبعة، وأن المحققين بذلا جهدا مضنيا في سبيل إخراج هذا الكتاب على الصورة التي كتبها مؤلفه. النقطة الثالث: 1- تعرض هذا الكتاب والجهد المبذول في إخراجه للسرقة العلنية دون مراقبة الله، فضلا عن الخوف من ورثة المحققين من أن يقوموا برفع قضية على السارق، وقد كثرت السرقات العلمية في عصرنا بشكل ملحوظ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 2- ثم إن من كتب اسمه على غلاف الكتاب (مشرفا) لا يُعرف عنه أنه متخصص في اللغة، ولم تكن دراسته في كلية للغة العربية، فكيف يكون (مشرفا) على كتاب قالوا عنه إنه (النهاية) في هذا الفن (غريب الحديث)؟ وما هو إشرافه؟ بل الأمر لا يحتاج أكثر من ناسخين على (الحاسب الآلي)، ليقوما بنسخ الكتاب، وصف حروفه من جديد. 3- لم يشر في المقدمة الى طبعة الطناحي والزواوي لا من قريب ولا من بعيد، فضلا عن ذكر الجهد المبذول منهما في سبيل طبع الكتاب ونشره، فضلا عن شكرهما على ما قاما به. 4- تعجبت من جرأة (دار ابن الجوزي) في امتلاك حقوق هذا الكتاب، فقد كتبوا - دون حياء - على غلاف طبعتهم المسروقة: (حقوق الطبع محفوظة ولا يسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من الأشكال أو حفظه ونسخه في أي نظام ميكانيكي أو إليكتروني يمكِّن من استرجاع الكتاب وترجمته الى أي لغة دون الحصول على إذن خطي مسبق من الناشر). تأمل أخي القارئ كيف كان صاحب (ابن الجوزي) دقيقا في حفظ ما يظن أنه حقه، وهو ليس كذلك, فقد صاغ حقوق الطبع بطريقة قانونية حذرة، فليس لأحد أن يعيد طبعه ولا نسخه ولا حفظه ولا ولا ولا بأي طريقة وبأي وجه من الوجوه. وهكذا عندما تغيب الرقابة عن (الورّاقين) يأتون بالعجب. 5- إن نشره : (النهاية في غريب الحديث) - (الطبعة الأصلية للكتاب ) - لم تكن محل رضا عند المحققين لما وقعا فيه، وكم تمنيا أن يتاح لهما وقت مناسب ليعيدا النظر في هذا الكتاب، ويراجعا بعض ما فيه، كما صرح بذلك الطناحي نفسه في مقدمته (لمنال الطالب) (ص23 - 24)، إذا يقول عن الكتاب: (قد طبع عدة طبعات آخرها الطبعة التي نشرتها سنة (1383 ه - 1963م) في (خمسة ) أجزاء بمطبعة عيسى البابي الحلبي بالقاهرة وقد سطا على هذه الطبعة مصورو الكتب في :(بيروت)، وأصدروا منها طبعتين، ففوتوا بذلك علي فرصة استدراك ما فرط مني من هنّات وزلات، فلقد كان عملي في هذا الكتاب من أوائل اشتغالي بالعلم) ا,ه. 6- وليت المشرف على الطبعة المسروقة وناشرها - لما اتفقا على هذا الأمر - اتصلوا بورثة الطناحي وأخذوا منهم النسخة الخاصة بالمحقق ليستفيدوا من تعليقاته وتصحيحاته عليها, لكان أخف ظلما، والله المستعان. وفي الختام: أنصح نفسي وكل محقق، أو (مشرف)، أو ناشر، أن نتقي الله في أمانة العلم، ولا نبخس الناس أشياءهم، فالظلم ظلمات يوم القيامة، وألا نقدم حب الشهرة والمال على حب الجنة وما فيها. والى لقاء قريب - إن شاء الله - مع سارق جديد سرق مخطوطا كاملا لأحد السلف، ونسبه لنفسه، ولم يتردد - أيضا - في سرقة العنوان بنصه، والله المستعان. للتواصل: الرياض ص,ب:103871 الرمز : 11616