تلقيت نبأ وفاة معالي الشيخ الدكتور محمد عبده يماني - رحمه الله - بحزن شديد وألم وغصة في الحلق على فقد هذا الإنسان الطيب الخلوق، الذي أحبه الناس فأحبهم من خلال مساعداته ووقفاته المشرفة مع المحتاجين والفقراء والأرامل والأيتام. إنك إن بحثت عن هذا الإنسان فلن تجده إلا في جمعية خيرية أو مؤسسة وطنية أو محفل أدبي أو ثقافي أو رياضي أو إعلامي أو في أداء واجب اجتماعي.. إن وقته ليس ملكاً له، بل وهبه لفعل الخير في الداخل والخارج؛ فكم من جمعية رأس مجلس إدارتها فأحسن وأجاد، وكم من عمل تبناه فأتت ثماره في كل واد، وكم من كتب خطها قلمه فأبدع وأفاد. إن المتتبع لهذا الرجل منذ أن عرف في الوسط الاجتماعي يجده محبوباً؛ فالعطف والرحمة من سجاياه، والمساعدة وحب الخير زاده ومبتغاه، والابتسامة لا تفارق محياه، والدعابة دوماً على الشفاه. لقد افتقدك الأيتام، والأرامل والمساكين، وحفظة كتاب الله، وطلابك، ومحبوك.. لكنَّ عزاءنا فيما خلّفت من ذرية صالحة - بإذن الله - وما تركت من أعمال خيّرة تشهد لك، وما ألّفت من كتب قيّمة استفاد منها الكبار والصغار وسدت فراغاً في المكتبة العربية والإنجليزية. جعل الله ذلك في موازين حسناتك. يُذكر من تواضعه أن الإعلامي الأستاذ تركي الدخيل سأله في لقاء معه في برنامج إمضاءات إن كان قد فكّر في كتابة مذكراته فأجاب بأنه لم يفكر في ذلك؛ فبضاعته التي يحملها لا تستحق النشر. لقد رحل هذا الإنسان الطيّب وولاة الأمر عنه راضون، ومحبوه عليه يبكون. لقد أشهد الله خلقه في الأرض على حب مخلوقيه، فها أنت يا أبا ياسر تموت قرير العين والفؤاد وتحمل معك شهادةً عالية تقابل بها ربك يوم القيامة، وتقول يا رب أحبني كما حبّبت خلقك فيّ. رحم الله الشيخ الدكتور محمد عبده يماني فقيد الوطن عامةً وفقيد المجتمع المكي خاصةً، وندعو الله أن يكون في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. و(إنا لله وإنا إليه راجعون).