لم يحفل الإعلام الرياضي كثيراً بالتوصيات الأخيرة لمجلس الشورى، بشأن عدم الموافقة على تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى وزارة، والسبب من (وجهة نظر شخصية) يعود إلى عدم قناعة المتابع الرياضي بأسباب ومبررات التصويت ضد تحويل الرئاسة إلى وزارة، إضافة إلى عدم وجود متخصصين في الشأن الرياضي داخل المجلس، وعدم استفادة المجلس من آراء المختصين في المجال الرياضي ولو على سبيل (الاستئناس بالرأي) كما يحدث في كثير من البرلمانات في العالم. وما يثير (العجب) هو أحد المبررات التي طرحها أحد أعضاء المجلس بأن عدم تأهل المنتخب الوطني لنهائي كأس العالم كان أحد أسباب عدم التوصية بتحويل الرئاسة إلى وزارة؟ وإذا كان هذا المعيار معتبراً لدى المجلس فلماذا لا يُوصي بتحويل الرئاسة إلى وزارة عندما تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم أربع مرات متتالية؟ والأغرب من ذلك هو ما قاله عضو آخر بأن الرئاسة أهملت عدداً من قرارات الشورى؛ ولذلك لا تستحق أن (نكافئها)؛ فالمعروف أن التوصيات البرلمانية تأتي بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة ويحقق الهدف المنشود، ولا تأتي مكافأة أو عقاباً، والأهم من ذلك كله أن مجلس الشورى لا يملك الصلاحية أصلاً لتحويل الهيئات أو الرئاسات إلى وزارات، ودوره استشاري فقط، فلماذا هذه الحدة في التعابير؟ هذه بعض الأسباب لعدم اهتمام الشارع الرياضي عامة والإعلام الرياضي خاصة بتوصيات الشورى، وقوّى هذا الشعور السلبي لدى المتابعين ما أثاره عضو الشورى الدكتور عبدالرحمن العناد، حين صرّح لوسائل الإعلام بأن (دور مجلس الشورى السعودي لا يتعدى البصم على الأوراق)، وهو ما طرح تساؤلات في الشارع السعودي عن تأثير المجلس ودوره في مواكبة التطور والتغيير الذي تشهده المملكة، وقد شهد شاهد من أهلها؛ حيث يقول عضو مجلس الشورى السابق الدكتور عبدالعزيز الثنيان في كتابه (سنوات في مجلس الشورى): «إن بعض الأعضاء لا همّ لهم سوى الاستعراض المنبري، وإنهم يتسابقون للحديث دون أن يقدموا جديداً». وهنا أتساءل بوصفي مواطناً: ألا يمكن لجهة ما أن تناقش التقرير السنوي لمجلس الشورى وتقيّم أداءه وفعالية أعضائه؟ وإذا كانت التوصيات هي العمود الفقري لمجلس الشورى فما الفارق بالنسبة لي بوصفي مواطناً بين توصيات مجلس الشورى وتوصيات مركز الحوار الوطني؟ من وجهة نظري الفارق كبير؛ فمركز الحوار الوطني حين يُقدِم على طرح موضوع للنقاش يقوم أولاً بتوزيع الدعوات على نخبة من المختصين من غير منسوبي مركز الحوار، ويدعو الجهات ذات العلاقة للمشاركة؛ فتخرج توصيات اللقاء بنّاءة بتعاون مشترك بين أفكار المختصين والممارسين وأصحاب الشأن؛ فمثلاً في لقاء الحوار الوطني عن (التعليم) قام المركز بدعوة وزير التعليم ونخبة من الأكاديميين والأساتذة والإعلاميين وطلبة المدارس وأصحاب الخبرات والباحثين في هذا المجال؛ فخرجت التوصيات متكاملة تحقق الهدف المطلوب بشكل علمي وديمقراطي كما هو الحال في كل لقاءات الحوار الوطني، وهو ما جعل جريدة (الجزيرة) تطالب مراراً بتخصيص أحد لقاءات الحوار الوطني لمناقشة الشأن الرياضي بكل تفاصيله، بينما يخرج أعضاء الشورى (أحياناً) بتوصيات قد تكون بعيدة عن هموم ومتطلبات أصحاب الشأن، الذين لم يشاركوا أصلاً في تقديم التوصيات التي تخصهم، ولا يقتصر ذلك على الشأن الرياضي فقط، بل نتذكر توصيات الشورى قبل سنوات حين خرج أعضاء المجلس بتوصيات حول موضوع (الرضاعة الطبيعية) دون أن تشارك امرأة واحدة في تلك التوصيات؟ وبعد كل ما سبق أرى أن علاقة مجلس الشورى برعاية الشباب ليست علاقة بين إدارتين حكوميتين فقط، بل هي علاقة تمس وتشمل كل المهتمين بالشأن الرياضي من المواطنين، بمعنى أن توصيات الشورى يفترض أن تخاطب وتراعي مصلحة الجماهير الرياضية والأندية واللاعبين ومعرفة العوائق التي تعترض عمل المؤسسة الرياضية، وذلك يتطلب علاقة أوسع وأكثر شفافية بين الطرفين، تتحقق عن طريق الزيارات المتبادلة والاجتماعات بين أعضاء المجلس ومسؤولي الرياضة ورجالات الإعلام الرياضي وبعض المهتمين؛ لتفعيل التعاون بين الجانبين؛ للخروج بفائدة أكبر للنهضة الرياضية وللجماهير الرياضية، الذين هم الشريحة الأكبر من المواطنين، وخصوصاً فئة الشباب الذين سوف يستشعرون دور مجلس الشورى من خلال ملامسته لاهتماماتهم وهمومهم وعشقهم للرياضة، فتوصيات الشورى في الشأن الرياضي تمس جماهير المدرجات قبل أن تمس المسؤولين في المكاتب. فماذا لو أن الرئيس العام لرعاية الشباب أو نائبه بادر لزيارة مجلس الشورى على رأس وفد من مسؤولي الرياضة، أو ماذا لو أن معالي رئيس مجلس الشورى أو نخبة من الأعضاء بادروا بزيارة رعاية الشباب والاطلاع على برامجها وأعمالها؟.. بكل تأكيد سيصب ذلك في المصلحة الوطنية العليا، وسيساعد رعاية الشباب على تحقيق أهدافها، وسيساعد الشورى على اختيار التوصيات الأفضل، ويهمنا نحن المواطنين الرياضيين أن تتكامل العلاقة بين الطرفين؛ لتحقيق شراكة إيجابية تخدم المصلحة العامة. وعلى دروب التوصيات البناءة نلتقي.