بدأ السُّياح الأجانب في تونس، خصوصاً من بريطانيا والدنمارك، حزم أمتعتهم والمغادرة تباعاً، بعدما طلبت منهم حكومات بلادهم ذلك. وقوبل ذلك بدهشة لا تخلو من امتعاض في الأوساط الرسمية التونسية، كونه ترافق مع كلام عن عدم تعاون السلطات بجدّية مع محقّقين بريطانيين جاؤوا للاطلاع على التحقيقات بعد الاعتداء على منتجع سياحي في سوسة، والذي أسفر عن 38 قتيلاً بينهم 30 بريطانياً (للمزيد). وتأتي «هجرة» السُّيّاح البريطانيين والدنماركيين، بعد تحذير لندن وكوبنهاغن رعاياهما من السفر إلى تونس إلا للضرورة، ونصيحتهما الموجودين هناك بالمغادرة فوراً تحسُّباً ل «احتمال كبير» بتنفيذ مزيد من الهجمات الإرهابية. ونظّمت بريطانيا رحلات جوية إضافية لإعادة أكثر من ثلاثة آلاف من رعاياها ظلّوا في تونس، من أصل عشرة آلاف سائح بريطاني دخلوا البلد قبل اعتداء سوسة في 26 حزيران (يونيو) الماضي، ما يُعتبر رقماً مرتفعاً بين الوافدين من بقية الجنسيات. وشكّكت أوساط تونسية بملابسات الموقف البريطاني، خصوصاً بعد تقارير مفادها بأن السلطات التونسية لم تتعاون مع محققين بريطانيين جاؤوا إلى تونس لمتابعة التحقيقات في اعتداء سوسة. مصادر في السفارة البريطانية في تونس أبلغت «الحياة» أن المحققين البريطانيين لم يجدوا «الجدّية الكافية في تعامل السلطات التونسية»، إضافة إلى اقتناع لندن بأن «الإجراءات الأمنية التي اتّخذتها الأجهزة التونسية لن تجنّب البلاد هجوماً آخر». ونفى رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد صحة الكلام عن تقصير حكومته في اتخاذ إجراءات أمنية حازمة، معتبراً أنّ قرار السلطات البريطانية «ستكون له تداعيات على (سياح) بقية البلدان. وزاد أن الحكومة التونسية «ستقوم بمراجعة العديد من الأمور بعد هذا القرار». وأكد الصيد أن «تونس رحّبت بالمحقّقين البريطانيين الذين قوّموا الوضع الأمني». وصرّح بأن «الوحدات الأمنية تمكّنت من اعتقال ألف إرهابي ومنع 15 ألف شاب من السفر الى بؤر توتُّر في سورية والعراق وليبيا»، وذلك منذ هجوم باردو الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى من السياح في آذار (مارس) الماضي. في غضون ذلك، تمكّنت وحدات أمنية تونسية أمس، من قتل خمسة عناصر مسلحة أثناء تبادُل للنّار في محافظة قفصةجنوب غربي البلاد. وقال ل «الحياة» وليد اللوقيني الناطق باسم وزارة الداخلية إن «العملية نُفِّذت بناء على معلومات استخباراتية تفيد بأن مجموعة إرهابية موجودة في جبل عرباطة»، مشيراً إلى ضبط خمسة رشاشات وقنبلة يدوية في حوزة المسلحين. ولم تحدد السلطات هوية القتلى في ظل توقُّعات بأن يكون بينهم قياديون في «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي».