طرحت «الجماعة الإسلامية» التي كانت علقت عضويتها في «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المصري السابق محمد مرسي، مبادرة جديدة للمصالحة تبدأ بفترة من التهدئة قبل الدخول في حوار وطني يخلص إلى حل سياسي. لكن يبدو أن تلك المبادرة تجاوزها الزمن بعدما اكتسى الصراع بين الحكم وجماعة «الإخوان المسلمين» طابعاً وجودياً. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي رفع من سقف تصريحاته في أعقاب اغتيال النائب العام هشام بركات الأسبوع الماضي، متعهداً تنفيذ أحكام الإعدام التي تصدر بحق أعضاء الجماعة الذين استبعدهم من دعوته إلى «التكاتف الوطني» بعدما وصفهم بأنهم «أهل الشر». ويتوقع أن يمرر السيسي خلال أيام قانون «مكافحة الإرهاب» الذي يشدد عقوبات العنف لتصل إلى الإعدام، لكنه يستهدف أيضاً ملاحقة قيادات «الإخوان» في الداخل والخارج بتهم «التحريض والتمويل»، فيما يتوقع أن يطاول تطبيق تقليص مدة التقاضي التي نص عليها مشروع القانون، عدداً من قيادات الجماعة بمن فيهم الرئيس السابق عندما تنظر محكمة النقض في طعون تقدم بها محامو «الإخوان» على أحكام راوحت بين الإعدام والسجن المشدد. وقال محامي «الإخوان» عبدالمنعم عبدالمقصود ل «الحياة» إن «التقليد القانوني هو ألا يطبق قانون جديد بأثر رجعي، وبالتالي من المفترض ألا يطبق قانون الإرهاب بعد التصديق عليه إلا على الطعون التي يتم التقدم بها بعد تاريخ صدوره». لكنه لم يستبعد تطبيق مواد القانون الجديد على مرسي وقيادات «الإخوان»، قائلاً: «المشهد الذي نعيشه مفتوح على كل الاحتمالات. لم تعد هناك ثوابت». وأضاف أن «هناك قضايا، أبرزها المقطم وغرفة عمليات رابعة، تم بالفعل تحديد مواعيد جلسات بين شهري تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) المقبلين، للنظر في الطعون التي تقدمنا بها فيها، وبالتالي من المحسوم عدم تطبيق القانون الجديد على تلك القضايا، فيما لم يتم تحديد جلسة للنظر في الطعن على الأحكام التي صدرت في قضية أحداث الاتحادية» ضد مرسي وقيادات «الإخوان». ولفت إلى أن هيئة الدفاع عن «الإخوان» تجهز أوراقها لتقديم طعن قبل 15 الشهر المقبل، على أحكام الإعدام والسجن ضد مرسي وقيادات «الإخوان» في قضيتي «التخابر» و «الهروب من السجن». وكان حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، دعا في بيان إلى «التوصل إلى توافق مجتمعي وإنهاء الأزمة بصوره عاجلة»، بعدما نبه إلى «خطورة الأوضاع التي تعيشها مصر والتي تتطور بخطوات متسارعة تكاد تعصف باستقرارها». وشدد على «ضرورة أن تتضافر جهود جميع القوى من أجل إنهاء الأزمة بصورة عاجلة من خلال المصالحة الوطنية الشاملة والحلول السياسية العادلة، وليس عن طريق استئصال الخصوم والقضاء عليهم في معادلة صفرية تسعى إلى تحقيقها كل أطراف الصراع». وأشار إلى أنه «يعيد طرح وتأكيد رؤيته لحل الأزمة من خلال ثلاث مراحل، تبدأ بمرحلة تهيئة الأجواء بين أطراف الأزمة في أقصر وقت ممكن، قبل الدخول في مرحلة الحوار السياسي بين أطراف الأزمة برعاية لجنة من حكماء الوطن، على أن يخلص الحوار إلى المصالحة الوطنية الشاملة وبناء رؤية مشتركة مع كل القوى الوطنية في المشهد، وإقامة شراكة حقيقية في تصور مستقبل الوطن». من جهة أخرى، اجتمع وزير العدالة الانتقالية إبراهيم الهنيدي أمس برئيس مجلس القضاء الأعلى أحمد جمال عبداللطيف للبحث في التعديلات التي طلبها المجلس على قانون الإرهاب الذي يراجعه قسم التشريع في مجلس الدولة. وكان المجلس رفض النص في القانون على إنشاء محاكم للإرهاب، مفضلاً الاكتفاء بتحديد دوائر للنظر في قضايا الإرهاب، كما رفض تقليص مهلة تقديم الطعون إلى 40 يوماً بدل شهرين ومادة نصت على الاكتفاء بحضور المحامين المحاكمة في غياب المتهمين. وقرر مجلس نقابة الصحافيين عقب اجتماع عقده أمس برئاسة النقيب يحيى قلاش تقديم صياغة جديدة لنص المادة 33 من مشروع قانون مكافحة الإرهاب التي أثارت جدلاً حولها، واعتبرتها النقابة قيداً على حرية الصحافة ومخالفة لنصوص الدستور. وتنص المادة المقترحة على أنه «يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية». وأعلن مجلس النقابة أنه سيتقدم بصياغة جديدة للمادة خلال ساعات، «بما يضمن ممارسة الصحافي لمهنته، ويحافظ على أمن وسلامة البلاد». كما قرر المجلس توجيه الدعوة إلى رؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والمستقلة لعقد اجتماع طارئ خلال أيام. إلى ذلك، اجتمع الرئيس السيسي صباح أمس بوفد من «اللجنة الأميركية اليهودية» قدم أعضاؤه التعازي في ضحايا العمليات الإرهابية وأكدوا «مساندتهم للشعب المصري في مواجهة الإرهاب»، وفقاً لبيان رئاسي مصري، أشار إلى أن الوفد «أشاد بما حققته مصر من إنجازات على مستوى تحقيق الأمن والاستقرار وعلى الصعيد الاقتصادي، كما أشاد بدور مصر المحوري في منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز الأمن والاستقرار فيها». ونوه السيسي خلال اللقاء إلى أنه «يتعين مواجهة خطر الإرهاب الذي تواجهه مصر في سيناء»، محذراً من «مغبة هذا الخطر، ليس فقط على مصر، لكن أيضاً على الصعيد الإقليمي». ونبه إلى «اتساع دائرة العنف والإرهاب التي لم تقتصر على منطقة الشرق الأوسط وإنما شملت دولاً أخرى في أفريقيا على سبيل المثال، معتمدة في ذلك على أفكار مغلوطة تتخذ من الدين ستاراً لها». واعتبر أن «مواجهة خطر الإرهاب تستلزم تضافر جهود المجتمع الدولي لدحره والقضاء عليه»، منوهاً إلى «أهمية تحقيق التوازن في منطقة الشرق الأوسط بما يضمن مناخاً أكثر ملاءمة للأمن والاستقرار والتعاون، فضلاً عن العمل على القضاء على بعض الأسباب التي تستغلها الجماعات المتطرفة لاستقطاب الشباب ومن بينها الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة». وتعقيباً على استفسار أعضاء الوفد عن رؤية مصر لجهود السلام وتسوية القضية الفلسطينية، أكد السيسي أن «تسوية تلك القضية ستقضي على أحد أهم الأسباب والذرائع التي يعتمد عليها الإرهابيون لاستقطاب بعضهم للانضمام إلى الجماعات الإرهابية والمتطرفة»، مشيراً إلى أن «تسوية القضية الفلسطينية وفقاً للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية ستوفر واقعاً جديداً وستجعل المنطقة أكثر أمناً واستقراراً». وأضاف أنه «يتعين تقديم ضمانات دولية تبث الأمل في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني من خلال إقامة دولتهم المستقلة وتشجع القيادة الإسرائيلية على المضي قدماً في طريق السلام». وأكد أن مصر «تحرص على علاقاتها مع الولاياتالمتحدة وتتطلع نحو تنميتها وتطويرها على الصعد كافة»، مشدداً على «أهمية تضافر جهود الأطراف كافة من أجل تعزيز السبل اللازمة لمواجهة التحديات التي تمر بها مصر والمنطقة».