اعتبر ناشطون في السوق التجارية العراقية تقليص مبيعات البنك المركزي العراقي من الدولار يومياً، سبباً رئيساً لزيادة الطلب عليه من جانب المواطنين، ما أدى إلى ارتفاع يومي مضطرد لسعر صرفه أمام الدينار، ما انعكس سلباً على أسعار السلع والبضائع. وأشاروا إلى أن ذوي الدخل المحدود كانوا ضحايا تدهور قيمة الدينار، إذ يواجهون مزيداً من الصعوبات في تأمين حاجاتهم خلال شهر رمضان المبارك. وحمّل صاحب محل تجاري مختصّ باستيراد المواد الغذائية في منطقة الكرادة وسط بغداد، الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي، مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار ووصفها بالتعسّفية، خصوصاً أن أصحاب محال الصيرفة أعربوا عن استيائهم من قرار «المركزي» تقليص حصص الدولار لشركات الصرافة والمصارف، فيما عمد إلى فرض رسوم مثل الضرائب والجمارك على البضائع المستوردة، كتأمينات للحصول على الدولار من دون مراعاة زيادة الطلب عليه. وأضاف أن «العراق أصبح بعد عام 2003 من أكثر الدول استيراداً للسلع، وعلى رغم ذلك، فإن البنك المركزي اتخذ قرارات تعوق حصول التجار على الدولار، ما يضطرهم إلى البحث عنه في السوق الموازية التي يطلق عليها اسم السوق السوداء، ما أدى أيضاً إلى ارتفاع سعر صرفه في شكل غير طبيعي إلى 1460 ديناراً للدولار، بعدما كان لا يتجاوز في السوق الموازية حتى مطلع السنة 1200 دينار». وتوقع أن يزداد الارتفاع إلى أكثر من 1500 دينار في ظل عدم اتخاذ قرارات حكومية لمنع ذلك. ونُقل عن الخبير الاقتصادي ميثم لعيبي، في تصريحات صحافية، قوله أن بدء مرحلة تراجع الثقة بالدينار كمخزن للقيمة والتخلّي عنه في مقابل زيادة الطلب على الدولار، تسبّب بارتفاع سعر صرف الأخير، إضافة إلى زيادة الطلب عليه بسبب حلول شهر رمضان وعيد الفطر، لافتاً إلى استمرار عمليات خروج الدولار لغير الأغراض الاستيرادية. وحمّل «المركزي» المضاربين في السوق مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، نافياً أن يكون السبب وراء قلّة حصص شركات الصرافة والتحويل المالي والمصارف من العملة الصعبة. ونقل عن مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله أن «البنك زاد من منافذ لبيع الدولار وقلّص الروتين المتّبع لشرائه من جانب شركات الصيرفة والتحويل المالي والمصارف، من مزاد العملة الصعبة». وأضاف: «المركزي شكّل غرفة عمليات لاتخاذ إجراءات رادعة بحق الصرافة المخالفة لتعليماته، ولصدّ المضاربين ومنعهم من التلاعب بسعر صرف الدينار». إلى ذلك، كشف النائب كاظم الشمري، عن «مخاوف من انعكاسات لا تحمد عقباها على وضع السوق التجارية، خصوصاً في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردّية التي تتزامن مع حلول شهر رمضان، ووجود أكثر من ثلاثة ملايين نازح عراقي». ولفتت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية نورا البجاري، إلى أن «أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار لن تُحل إلا بعد تعديل قانون المركزي الرقم 94 لسنة 2004، بما يتناغم مع المرحلة الحالية». وأردفت: «مسودة القانون الجديد للمركزي موجودة في مجلس شورى الدولة تمهيداً لدرسها قبل موافقة الحكومة عليها وإحالتها على البرلمان»، معتبرة أن «المشاكل بدأت تتراكم نتيجة وجود قانون يتعارض مع الكثير من المظاهر الاقتصادية والمالية التي استحدثت في العراق».