بعد استقرار دام نحو خمس سنوات، عاد التذبذب الى أسعار صرف الدينار العراقي لأسباب اعتبرها خبراء الاقتصاد انعكاساً لانسحاب القوات الأميركية والاضطراب السياسي، غير إن البنك المركزي اعتبر الأمر فقاعة يقف وراءها منتفعون ومضاربون. وفور إعلان القوات الأميركية خروج آخر جندي لها من الأراضي العراقية تجاه قاعدة الكويت، تلاه تفجّر الخلافات السياسية الداخلية، شهد الدينار العراقي تراجعاً أمام الدولار بمقدار 17 نقطة، بعد ان كان حافظ على قيمته امام بقية العملات لأكثر من خمس سنوات، بسعر موحّد لم يتخط حاجز 1117 ديناراً للدولار. الأوضاع الأمنية وأكد مدير شركة «الجمال» للصيرفة جمال العجيلي في تصريح الى «الحياة، ان أسعار الصرف الحالية تتراوح بين 1225 و1227 ديناراً للدولار، عازياً الأسباب إلى ارتفاع قياسي للطلب على شراء الدولار، موضحاً إن «معظم المواطنين سارع بتحويل ما يمتلكونه من نقد بالعملة المحلية إلى عملات أخرى، بخاصة الدولار». وقال: «بسبب كثرة الأزمات التي مرت عليه من حروب وعقوبات اقتصادية وحالة عدم استقرار، جعلت منه أشبه بجهاز استشعار، يراقب المواطن العراقي الأوضاع الأمنية والسياسية، وبمجرد حدوث اختلال كان يسارع إلى تخزين الأغذية والوقود، لكن هذه المرة توجه نحو الدولار لعلمه إن القطاع الخاص هو المسيطر وليس الحكومة التي كانت تدير كامل النشاط التجاري في البلد، كما سيكون أسهل عليه خزن كمية قليلة من الدولارات ذات قيمة أعلى، عوضاً من الدينار». وسجل مزاد بيع العملة في البنك المركزي قبل يومين بيع 243 مليون دولار، وهذا يعني إن معدل الشراء ارتفع بمعدل الضعف عن الأسابيع الماضية، إذ لم يكن يفوق 125 مليون دولار. ويملك العراق كتلة نقدية بالدينار العراقي تتجاوز ال32 ترليون دينار، ويسعى الى استبدال عملته بأخرى جديدة بعد حذف ثلاثة أصفار منها. وقال نائب محافظ البنك المركزي مظهر محمد صالح: «البنك لا يتخوّف من تعاملات السوق المحلية، كونها لا تشكل شيئاً مقارنة بمزاد العملات الذي حافظ على سعر بيع ثابت لأكثر من خمس سنوات، كما أن البنك سعى الى تغطية قيمة الدينار ب57 بليون دولار، أي أكثر من 110 في المئة من حجم الكتلة النقدية العراقية، وهذا عامل تعزيز آخر لقيمة الدينار». وأضاف: «لدينا من الاحتياط ما يكفي لصد أي الأعيب يقوم بها المضاربون، ولهذا نحذرهم من القيام بتمرير إي معاملات مشبوهة». وتابع: «في موضوع الرقابة على تداولات من هذا النوع، يراقب البنك أعمال المصارف الخاصة والشركات المالية المعتمدة، لكن من المستحيل فرض رقابة على تجار الصيرفة والتحويلات المالية إلى الخارج، كونها بكميات كبيرة، وهناك تشابهاً بأسمائها وأعمالها». وزاد: «على المصارف مساعدتنا، كما ان بعض المحال لا تعمل بموجب القانون والضوابط». وأوضح الخبير الاقتصادي والأكاديمي مهدي الدواي في تصريح الى «الحياة»، ان «هذه التذبذبات في السوق العراقية ناجمة عن الواقع السياسي، فهناك الانسحاب الأميركي والاحتقانات السياسية التي رافقته، وأدت إلى انخفاض سعر الدينار»، لكنه عاد وأكد أن «هناك ثوابت اقتصادية، فالاقتصاد العراقي لا يتأثر بالأزمات العالمية وهناك غطاء العملة القوي ومزادات البنك المركزي، ما يجعل سوقنا بمأمن من التذبذبات القوية».