وجّه رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، انتقادات حادة إلى شركائه، قادة الاتحاد الأوروبي، بعد رفضهم حصص توزيع إلزامية للمهاجرين غير الشرعيين، وسط انقسامات حول سبل وقف موجات الهجرة الكثيفة إلى شواطئ أوروبا الجنوبية، فيما خاض قادة الاتحاد منذ مساء أول من أمس وحتى الساعات الأولى من صباح أمس، نقاشات تمحورت حول التعامل مع الأزمة، واتفقوا على خطة تطوّعية تهدف إلى استيعاب 60 ألف شخص. وكشفت مصادر ديبلوماسية توتّراً شديداً ساد عشاءً متأخراً، في إطار القمة الأوروبية، حيث اتهم رينزي المجتمعين بأنهم لا يبالون إلا بمصالحهم الخاصة. وقال للقادة ال27: «إذا كنتم عاجزين عن الاتفاق على 40 ألف مهاجر، فأنتم لا تستحقّون بأن تُطلقوا على أنفسكم إسم أوروبا». وأضاف: «وإذا كان هذا نموذجكم لأوروبا، فلتحتفظوا به لأنفسكم، فإما أن يكون هناك تضامن وتكافل أو فلتكفّوا عن إضاعة وقتنا». وأفاد مصدر أوروبي بأن رئيسَي مجلس أوروبا دونالد توسك، والمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، اختلفا في الاجتماع، الأمر الذي نفاه المسؤولان. وصرّح يونكر في مؤتمر صحافي مشترك مع توسك، أمس: «لا تصدّقوا من يغرد ويسرب المعلومات. عندما نواجه صعوبات، نناقشها في ما بيننا. لكن المهم هو إقرار قادة الاتحاد الأوروبي عدد طالبي اللجوء الذين سيُعاد توطينهم عملاً باقتراح المفوضية». وتابع: «لا يهمني إن تم الأمر في شكل تطوعي أم لا، لأن الأهم هو اتفاقنا على إقرار رقم 60 ألفاً». ويُعتبَر يونكر صاحب اقتراح قبول 40 ألف لاجئ سوري وأريتري سبق أن وصلوا إلى أوروبا، وإعادة توطينهم بموجب نظام إلزامي، إضافة إلى إعادة توطين 20 ألف سوري يقيمون حالياً في مخيمات خارج أوروبا، داخل دول الاتحاد ال28. وأكد توسك، رئيس الوزراء البولندي السابق الذي اقترحت بلاده نظام الحصص، أن «المهاجرين الذين لا يحق لهم قانوناً دخول الاتحاد الأوروبي، سيُرحَّلون»، وستُسرَّع المفاوضات مع دولهم الأصلية لإعادتهم. وأضاف أن الدول الأعضاء ستتّفق من الآن وحتى حلول منتصف تموز (يوليو) المقبل، على عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم على أساس طوعي. في المقابل، أكد رينزي أن نتيجة الاجتماع لا تلبّي احتياجات إيطاليا، مشيراً إلى أن «إعادة التوطين خطوة أولى، لكنها ليست حلاً بالنسبة إلينا». وكان توسك صرّح في وقت سابق، عن «غياب التوافق» في شأن الحصص، أي أن الدول المعارضة لهذه الفكرة تقترح استقبالاً طوعياً واقعياً لمواجهة تدفّق المهاجرين. وقال: «لا يمكن استخدام الخطة الطوعية عذراً لتجنّب فعل أي شيء. أتفهم الذين يريدون هذه الآلية الطوعية، لكنهم لن يحظوا بمصداقية إلا إذا قدموا تعهدات مفصلة ومهمة بحلول نهاية تموز كحدّ أقصى». وأضاف أن «التضامن بلا تضحية خبث. لسنا في حاجة الآن إلى تصريحات فارغة عن التضامن، إنما أفعال وأرقام». واعترضت بريطانيا والمجر ودول أخرى من الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي، على الحصص بسبب تصاعد المعارضة الداخلية للهجرة المتفاقمة. من جهة أخرى، رأت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس، أن قرارات الاتحاد الأوروبي في شأن أزمة المهاجرين «خطوة مهمة»، لكن يتعيّن فعل المزيد، بما في ذلك معالجة الأسباب الجذرية. وقال المسؤول في المفوضية، أدريان إدواردز: «تعبّر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن دعمها القوي لقرار الاتحاد الأوروبي، وتحضّ الدول الأعضاء على تقديم التزامات ملموسة لتحقيق هذا الهدف». وأضاف: «هناك حاجة الى تصرّف أوروبي جماعي يركّز على أولويات منح اللجوء». في غضون ذلك، أنقذ خفر السواحل الإيطالي أكثر من 209 مهاجرين، معظمهم أفارقة، في البحر المتوسط قبالة الساحل الليبي أول من أمس، فيما انتشل الأسطول الألماني 627 مهاجراً الثلثاء الماضي، نقلهم إلى ميناء ريجيو كالابريا الإيطالي.