حضر كثير من الثلج والصقيع الى بوابات «معرض لاس فيغاس لإلكترونيات المستهلك 2010» Las Vegas Consumer Electronics Show، الذي تستضيفه دورياً هذه المدينة المفعمة بالأضواء والمغامرات، والتي أسسها رجل من عصابات المافيا. وفي دواخل المعرض، غاب وجه بيل غيتس، الذي اعتاد ان يكون من الصور الأيقونة في حضوره لهذا المعرض. ففي أزمنة أكثر تألقاً بالإبداع، ألف «معرض لاس فيغاس لإلكترونيات المستهلك» أن يكون مساحة لقاء وتفاعل بين الأسماء الكبيرة التي أسست المعلوماتية وأطلقت زمانها، مثل بيل غيتس («مايكروسوفت» Microsoft) وستيف جوبز (من «آبل» Apple) وبيل جوي (مبتكر لغة «جافا» JAVA للبرمجة) وغيرهم. وفي هذه السنة، لم يكن من الممكن إغماض النظر عن الأزمة الإقتصادية التي ما زالت تعصف بالاقتصاد الأميركي (وتالياً العالمي)، منذ عام 2008. وزاد قوة حضور الأزمة أن المعرض وصلها مثخناً بالجراح التي ما زالت مفتوحة، منذ إنهيار شركات الإنترنت في عام 2001. وما زال سوق «نازداك» Nasdaq الذي تصنعه أسهم شركات المعلوماتية والاتصالات يراوح تحت مستوى 2500 نقطة، بعد أن ققز فوق مستوى 6 آلاف نقطة، قبل انفجار فقاعة الإنترنت في ربيع عام 2000. «آي درون»: خليوي «آي فون» طائراً في هذه السنة، أبدى صانعو الاجهزة الالكترونية الذين عانوا من ازمة اقتصادية خانقة، أملهم بصعود المعلوماتية والاتصالات المتطورة وخروجها من أزمتها. وتأمل هذه الشركات بأن تصل مبيعاتها الى 681 بليون دولار، استناداً الى مجموعة من الدراسات الواسعة. ولم تتردد في القول بأن رهانها الأساسي ينصبّ على الاسواق الناشئة في اميركا اللاتينية والصين وآسيا، خصوصاً مع استمرار الركود في الدول المتطورة وتراجع الاسعار فيها. ومن المتوقع أن تصل حصة آسيا الى أكثر من ثلث السوق العالمية. وكذلك أملت الشركات العملاقة في الاتصالات في بيع 1.169 بليون جهاز الكتروني في 2010، ما يشكل بعض الزيادة مقارنة بعام 2008. وفاق عدد الشركات المشاركة في المعرض 2500 شركة، بينها 330 تدخل المعرض للمرة الأولى. وعرضت ابتكاراتها الساحرة والمتعددة الوظائف، كالتلفزيون الذي يتحوّل الى هاتف بفضل الانترنت وخدمة «سكايب» Skype، والهاتف المحمول الذي يسمح بمشاهدة التلفزيون. وقدّم محرك البحث الشهير على الانترنت «غوغل» Google خليويه الذي حمل اسم «نكسوس 1» Nexus 1 الذي يعقد عليه الرهان لينافس جهاز «آي فون»، على رغم ان المعرض عينه بيّن ان «آي فون» أصبح معياراً ومقياساً لأجهزة الاتصالات المتطورة حاضراً. ويعمل هذا الخليوي بنظام تشغيل «أندرويد» Android الذي واصلت شركة «غوغل» تطويره منذ عام 2007. والحال ان «غوغل» التقطت النقطة الأساسية في نجاح «آي فون» iPhone المتمثلة في إعلائه مبدأ وضع القوة في الإتصالات بيد الجمهور، وعدم إبقائها في يد الشركات، وانه كلما كثرت التطبيقات والتجهيزات التي تتيح للمستخدم المزيد من التحكّم في جهازه واتصالاته، زاد إقبال الجمهور عليه. وهكذا، قدّم «نكسوس 1» نفسه بأن اقتناءه لا يقتضي إتفاقاً بين المنتج، وهو شركة «أتش تي سي» HTC الكورية وبين شركات تشغيل شبكات الخليوي. وكذلك شدّد عارضوه على قدراته على الإتصال لاسلكياً مع الانترنت، عبر تقنيتي «واي فاي» Wi-Fi و «واي ماكس» Wi-Mx ما يعني أن الدخول الى الانترنت، لم يعد يمر بالضرورة عبر شبكات الخليوي. وإذ يلاحظ أيضاً أن تقنية «واي ماكس» آخذة في التوسع في شكل سريع، يتبيّن أن «غوغل» تعتزم ركوب هذه الموجة من الاتصالات اللاسلكية، واستخدامها كعنصر أساسي في رواج هاتفها «نكسوس 1». واحتوى خليوي «نكسوس 1» على التقنيات التي أثبتت نجاحها في تجربة «غوغل» مع الانترنت، خصوصاً «غوغل إيرث» الذي بإمكانه ايضاً أن يصبح جهازاً لتوجيه السائق أثناء القيادة، و «غوغل ستريت فيو» الذي يرشد الى ما تحتويه الشوارع من منازل ومحلات ومولات ومستشفيات وصيدليات وغيرها. والمعلوم ان تقنية «واي ماكس» توفّر إتصالاً لاسلكياً قوياً وواسعاً، يفوق ما تقدمه تقنية «واي - فاي» بأضعاف مضاعفة. حلّق جهاز «آي فون» فوق جمهور معرض لاس فيغاس، وحرفياً، محمولاً على طائرة من دون طيّار لها أربع مروحيات منفصلة. وسُميّت هذه الطائرة «آي أر درون» I R Drone. وصنعتها شركة «بارو» الفرنسية المتخصصة في الهواتف النقالة. ومن المستطاع التحكّم في هذه الطائرة بواسطة جهازي «آي فون» و «آي بود توتش» iPod Touch. هل تصل هذه الطائرة المؤتمتة الى ساحات الحرب في أفغانستان مثلاً؟ وفي معرض لاس فيغاس، لفت الأنظار جهاز «زوم» Zomm الذي يتصل لاسلكياً مع الهاتف الخليوي عبر تقنية «بلوتوث»، بحيث يرسل تنبيهاً الى صاحبه عندما يبتعد عنه، ما يحمي الهاتف النقّال من الضياع. ويتضمن «زوم» مجموعة من المزايا الأخرى، مثل التنبيه الى وصول الرسائل الجديدة في البريد الالكتروني. وظهرت أقنعة رياضية، لهواة الغطس والتزلج وقيادة الدراجة الهوائية، تضمّ كاميرات رقمية للصور وللفيديو، خصوصاً تلك التي طرحتها شركة «ليكويد إيميج» Liquid Image ما يتوقع ان يترك آثاراً كبيرة على صناعة الأشرطة الرقمية المصورة. وواصلت تقنية الكريستال السائل «آل سي دي» LCD تطوّرها خلال هذا العام، فعرضت شركة «أل جي» شاشة بقياس 42 بوصة، لا يزيد وزنها على 4 كيلوغرامات. والمعلوم ان الشركة عينها عرضت في العام الماضي، شاشة مسطحة تعمل بتقنية الكريستال السائل، لا تتجاوز سماكتها 2.6 ملليمتر. شاشات... شاشات... شاشات ضمن سيل من الشاشات التي لا تنتهي عدداً، ظهر جهاز من صنع شركة «سامسونغ» Samsung عبارة عن «ريموت كونترول» متطوّر يحتوي على شاشة صغيرة. وبإمكانه الإتصال مع التلفزيون، بحيث يُصطحب في فترات الابتعاد عن الشاشة في المنزل، مثل الذهاب الى المطبخ لإعداد الشاي أو لدخول الحمام. وكذلك يستطيع الجهاز التحكّم بالمواد التي تنقل من التلفزيون والفيديو الى الكومبيوتر، ما يوفر ثمن شراء جهاز آخر لإداء تلك المهمات. كما يمكن استخدام هذا الجهاز عينه كجهاز تلفزيون اضافي عندما يرغب شخص في مشاهدة مباراتين في الوقت نفسه او عندما يكون في المنزل شخصان يرغب كل منهما في متابعة برنامج مختلف. اطلق على الجهاز اسم «الكل في واحد» («اول ان وان بريميوم ريموت» All in One Premium Remote). ويبدأ تسويقه تجارياً في الولاياتالمتحدة عند نهاية 2010، بالترافق مع إطلاق شركة «سامسونغ» لتلفزيوناتها العالية الدقة «هاي ديفينشن تي في»High Definition TV. ونالت أجهزة قراءة الكتب إلكترونياً الكثير من الإهتمام، واحتلت مساحات واسعة في «الصالون الالكتروني العالمي»، وبالترافق مع توقع شركة «فوريستر ريسيرتش» تضاعفت مبيعات هذه الأجهزة خلال السنة الجارية في الولاياتالمتحدة. وعرضت أكثر من 50 شركة مصنعة للكتب الالكترونية اجهزة للقراءة على الشاشة. وبرزت بينها الشركة الفرنسية «بوكين» التي تحتل المرتبة الثانية أوروبياً، وعرضت جهازي «سيبوك اوبس» و «سيبوك جن 3» التي يفترض أنها تتجاوب مع حاجات الجمهور في قراءة الكتاب الالكتروني. وكذلك برز جهاز «كيو» Q من تصميم شركة «بلاستيك لوجيك» Plastic Logic، ويتمتع بصدفة سوداء من البلاستيك، ما يميزها عن اللون الأبيض العاجي لكتاب «كيندل» Kindle الذي تصنعه شركة «أمازون» Amazon. وقد عرضت الأخيرة جهازاً لا يتأثر عند وقوعه في الماء. هل يعني ذلك أنها تراهن على «القراءة تحت الماء» وفي الحمامات مثلاً؟