تميل النفس البشريَّة بشكلٍ تلقائي نحو الطرف الذي يُحسن إليها بشكلٍ أكبر من غيره، والأبناء عندما يجدون الحب والاهتمام مُوجَّه إليهم بشكل أكب من قِبل أقارب أُمِّهم؛ فإنَّهم حتماً سيميلون بمشاعرهم وأحاسيسهم تجاههم، والعكس في هذه الحالة صحيح. ويرى البعض أنَّ واقع العديد من أفراد المُجتمع يتمثِّل في اهتمام الأبوين بأبناء ابنتهم أكثر من اهتمامهم بأبناء ابنهم، وبالتالي فإنَّ إبرة بوصلة عاطفة أبناء البنت تميل بشكل تلقائيّ في مُعظم الأحيان تجاه أقارب والدتهم بشكلٍ أكبر مِمَّا هو عليه بالنسبة لأقارب أبيهم. كما أنَّ هناك من يرى أنَّ اتِّساع هُوَّة الخلاف بين الزوجة وأهل زوجها سواءً والدة الزوج أو شقيقاته يؤدِّي في الغالب إلى نفور الزوجة وعدم تقديرها لهم، وبالتالي فإنَّه من البديهي أن ينعكس ذلك على الأبناء بشكلٍ سلبيّ من جانب ضعف ارتباطهم بهم والنفور منهم، ولذا فإنَّ ولاء العديد من الأبناء عادةً ما يكون لأخوالهم وأقارب والدتهم بشكلٍ أكبر مِمَّا هو عليه بالنسبة لأقارب والدهم. ويبقى من المهم أن يهتم الآباء بتنشئة أبنائهم مُنذ الصغر على المُساواة في حُبِّ أقارب أبيهم وأقارب والدتهم من أجل ألاَّ تحدث قطيعة رحم من قبل الأبناء مُستقبلاً لأيٍّ من أفراد الفريقين، كما أنَّ على الأم عدم حصر اهتمام وتقرُّب أبنائها بذويها فقط، وألاَّ تصنع الحواجز بين الأبناء وأقارب أبيهم، بل إنَّه ينبغي عليها حثَّهم على صلتهم والتودُّد إليهم والاهتمام بهم. منذ الصغر! وبيَّن "عبدالعزيز السالم" -طالب جامعي- أنَّ ارتباطه بجدته -والدة أمِّه- وأبناء خاله يعود لعيشه معهم منذ طفولته بعد أن انتهت العلاقة التي تربط والده بوالدته بالانفصال عن بعضهما، مُوضحاً أنَّ أعمامه وقرابة أبيه لم يكونوا يُكثرون السؤال عنه أو الاهتمام به، مُشيراً إلى أنَّ ذلك هو أحد الأسباب المُهمة التي جعلته لا يشعر نحوهم بأيّ انجذاب عاطفي أو شعور بالانتماء إليهم في كُلِّ مرَّة يُصِّر فيها أبيه على اصطحابه معه عند زيارته لهم في العديد من المُناسبات خلال تلك الفترة، لافتاً إلى أنَّ شعوره بالغربة بينهم نتيجة معاملتهم له بجفاء جعل هذا الإحساس يتسلَّل إلى نفسه، وبالتالي مضت به الأيام مُهرولةً تجاه مرحلة الشباب ليكبُر معه هذا الشعور تجاههم. وأيَّده "أحمد صالح" -موظف-، قائلاً: أشعر بميل نحو خوالي وأقارب أمِّي مُقارنةً بأقارب أبي، مُرجعاً السبب في ذلك إلى علاقة الأخوَّة والصداقة التي تربطه بأبنائهم منذ الصغر، إلى جانب الزيارات الأسبوعيَّة التي تجمعهم ببعضهم البعض في منزل جدِّه لأمِّه وذلك بمُعدَّل مرَّتين في الأسبوع، وكذلك اللحظات الجميلة التي تجمعهم أثناء سفرهم سويَّةً في الإجازات، إضافةً إلى شعوره أنَّ انتماء أبناء عمومته وارتباطهم نحو أقارب أمهاتهم أكبر مِمَّا هو عليه بالنسبة لأقارب آبائهم، مُشيراً إلى أنَّ بعض أبناء عمومته ألمحو إلى ذلك في أكثر من مُناسبة، لافتاً إلى أنَّ هذا الأمر هو ما اعتادوا عليه مُنذُ مرحلة الطفولة، وبالتالي استمر هذا الشعور حتى الآن. وأشار "أبو ريَّان" -مُعلِّم- إلى أنَّ عاطفته كثيراً ما تميل نحو أقارب أُمِّه بشكلٍ أكبر، لافتاً إلى أنَّ سبب قلَّة اهتمام وحب أقارب والده له يعود للعديد من الأسباب التي قد يطول شرحها، بيد أنَّ من أهمها كثرة الخلافات بينهم وبين والدته، الأمر جعله يدفع وهو وإخوته ثمن ذلك غالياً. من دون تفرقة وأوضح "صلاح البداح" -موظف- أنَّ عاطفته واهتمامه مُوزَّعةٌ بشكلٍ متساوٍ بين أقارب والده وأقارب أُمِّه، مُشيراً إلى أنَّها لا تميل لأيَّ طرفٍ على حساب الطرف الآخر، لافتاً إلى أنَّ واقع العديد من أفراد المُجتمع -للأسف- المُتمثِّل في اهتمام الأبوين بأبناء ابنتهم أكثر من اهتمامهم بأبناء ابنهم، جعل إبرة بوصلة عاطفة أبناء البنت تميل بشكل تلقائيّ في مُعظم الأحيان تجاه أقارب والدتهم بشكلٍ أكبر مِمَّا هو عليه بالنسبة لأقارب أبيهم، مُشدِّداً على ضرورة تغيير هذه النظرة القاصرة والاقتداء بسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلَّم- في هذا الجانب عبر الالتزام بالعدل بين الأبناء وتوزيع الُحب بينهم بشكلٍ متساوٍ -قدر الإمكان-، مُؤكِّداً على أهميَّة تنشئة الأبناء منذ الصغر على المُساواة في حُبِّ أقارب أبيهم وأقارب والدتهم من أجل ألاَّ تحدث قطيعة رحم من قبل الأبناء مُستقبلاً لأيٍّ من أفراد الفريقين. وشاركته الرأي "بُثينه الميمان"، مُضيفةً أنَّها تتعامل مع أقارب أبيها ووالدتها بالقدر نفسه من الاحترام والتقدير والحب، مُرجعةً ذلك إلى أنَّها لم تَكُن تشعر في يومٍ من الأيَّام أنَّ هناك اختلافاً في المعاملة التي تلقاها من كُلٍ منهما، إذ أنَّهما يتعاملان معها بالقدر نفسه من الاهتمام والحب، إلى جانب أنَّها لم تُلاحظ وجود تمييز في مُعاملة أقارب أمها أو أقارب أبيها لأبناء عمومتها أو أبناء أخوالها فالجميع في نظرهم سواء، مُشيرةً إلى أنَّ كلا الطرفين على قدرٍ عالٍ من العلم والثقافة وبُعد النظر، وبالتالي فإنَّها ترى أنَّ ذلك كان سبباً كافياً لشعورها هي وإخوتها وكافَّة أبناء العائلة بعدم التفريق في المعاملة بينهم، الأمر الذي انعكس على الجميع بشكلٍ إيجابي، مُبيِّنةً أنَّ هناك العديد من الاجتماعات الأسبوعيَّة التي يلتقي فيها الجميع على مائدة جدِّها لأبيها وجدِّها لوالدتها بين الحين والآخر. إحسان وحب ولفت "فيصل عبدالرحمن" -طالب جامعي- إلى أنَّ النفس البشريَّة تميل بشكلٍ تلقائي نحو الطرف الذي تجد منه الإحسان إليها بشكلٍ أكبر من غيره، مُضيفاً أنَّ الأبناء عندما يجدون الحب والاهتمام موجه إليهم بشكلً أكبر من قِبل أقارب أُمِّهم؛ فإنَّهم حتماً سيميلون بمشاعرهم وأحاسيسهم تجاههم، والعكس في هذه الحالة صحيح، مُشيراً إلى أنَّ هذا ما شعر به هو وأُخوته منذ طفولتهم، إذ أنَّ أقارب أُمِّهم كانوا يُغدقون عليهم من الحُب والاهتمام الشيء الكثير، وبالتالي وجدوا أنفسهم تميل إليهم بشكلٍ تلقائي، لافتاً إلى أنَّ ذلك لا يعني عدم حُبِّه لأقارب أبيه، مُبيِّناً أنَّ والده كان له دورٌ كبير في ذلك، إذ أنَّه يُكثر من اصطحابهم عند زيارته لوالديه وأقاربه بشكلٍ جعلهم يُكنُّون لهم مشاعر التقدير والاحترام، بيد أنَّ ذلك ليس بالقدر نفسه بالنسبة لأقارب والدتهم. وأرجعت "نجود العتيبي" -طالبة- سبب تعلُّق العديد من الأبناء بأخوالهم بانشغال الأب ومكوثه فتراتٍ طويلةٍ خارج المنزل، خاصةً عندما تكون لديه أعمالاً تستدعي سفره بكثرة، مُشيرةً إلى أنَّ الزوجة في هذه الحالة ستجد نفسها مُضطرةً للبقاء عند أهلها أو زيارتهم بشكلٍ شبه يوميّ، ورُبَّما كان ذلك لساعاتٍ طويلةٍ، لافتةً إلى أنَّ ذلك سيؤدِّي بمرور الوقت إلى تعلُّق الأبناء بأقارب أُمِّهم وحبَّهم لهم بشكلٍ أكبر مِمَّا هو عليه بالنسبة لأقارب أبيهم. رأي آخر! وكان ل "العنود عبدالله" -موظفة- رأيٌّ مُخالفٍ لسابقيها، إذ أنَّها تميل عاطفياً إلى أعمامها وأبنائهم بشكلٍ كبير، مُرجعةً ذلك لقضائها فترةً ليست بالقصيرة من عمرها برفقة والديها في منزل جدِّها لأبيها، وذلك إلى أن انتهت من دراسة المرحلة المتوسطة، مُضيفةً أنَّ جدتها لأبيها كانت تحنو عليها هي وأشقائها وأبناء عمومتها كافَّة بالقدر نفسه، بشكلٍ لم يجعلها تشعر يوماً أنَّ هناك تمييزاً لطرفٍ على آخر، مُشيرةً إلى أنَّها تألَّمت كثيراً حينما علمت أنَّ والدها سينتقل بهم للعيش في المنزل الجديد الذي اشتراه في ذلك الوقت، لافتةً إلى أنَّها تفاجأت عندما علمت أنَّ العديد من زميلاتها في المرحلتين الثانويَّة والجامعيَّة على اختلاف في الرأي معها فيما يتعلَّق بهذا الجانب، مُبيِّنةً أنَّ الغالبيَّة مِنهُنَّ لديهنَّ من الأسباب ماجعلهًُنَّ يُفضِّلن أخوالهنَّ وأقارب أُمهاتهنَّ بشكل أكبر مِمَّا هو عليه الحال بالنسبة لأقارب آبائهنَّ. مسؤوليَّة الأم وأكَّدت "أميمة الناصر" -أخصائيَّة اجتماعيَّة- على أنَّ اتِّساع الفجوات بين الزوجة وأهل زوجها سواءً والدة الزوج أو شقيقاته يؤدِّي في الغالب إلى نفور الزوجة وعدم تقديرها لهم، والعكس صحيح، مُضيفةً أنَّه من البديهي أن ينعكس ذلك على الأبناء بشكلٍ سلبيّ من جانب ضعف ارتباطهم بهم، مُشيرةً إلى أنَّ صلة الأبناء بأقاربهم واجبة سواءً من جهة الأم أو الأب، كما أنَّ على الأبناء زيارتهم والتودُّد إليهم، لافتةً إلى أنَّه فيما يتعلَّق بتفضيل أيّ طرفٍ على آخر فإنَّه لا علاقة للأبناء به، مُوضحةً أنَّه يعود غالباً إلى الوالدين أو الأقارب أنفسهم، سواءً كانوا من جهة الأم أو الأب، مُشدِّدةً على ضرورة الاهتمام بغرس ما أمرنا به شرعنا الحكيم في هذا الجانب فيما يتعلَّق بأهميَّة صلة الرحم في نفوس الأبناء. وأضافت أنَّ الأُم مسؤولة بدرجةٍ كبيرة عن حصرها اهتمام وتقرُّب أبنائها بذويها فقط، مُشيرةً إلى أنَّه من الطبيعي أن تكون عاطفة الأم موجهة بالدرجة الأولى نحو أهلها، بيد أنَّ ذلك لا ينبغي أن يؤثِّر بشكلٍ سلبي على الأبناء في جانب ارتباطهم العاطفيّ بأقارب أبيهم وأهله، كما أنَّ على الأم ألاَّ تصنع الحواجز بين الأبناء وأقارب أبيهم، بل إنَّه ينبغي عليها حثَّهم على صلتهم والتودُّد إليهم والاهتمام بهم، لافتةً إلى أنَّ اللوم لايقع على الأبناء حينما نجد منهم تفضيلاً لأبناء خالاتهم أو أخوالهم على سائر ذويهم، بيد أنَّ اللوم يقع بالدرجة الأولى على المُحرِّك الأساس لهذا الاتجاه، مُوضحةً أنَّ الأعمام أو العمات وبقيَّة أقارب الأب على وجه العموم إن كانوا يُفرِّقون في المعاملة بين أبناء الابن وأبناء البنت فإنَّ عليهم أن يتقوا الله في ذلك وأن يُغلقوا هذا الباب ويفتحوا باباً جديداً للعاطفة والتقرُّب منهم والتودد لهم على حدٍ سواء أيَّاً كانت الأسباب التي تحول دون ذلك. وقالت إنَّه لكي تستمر العلاقات الطيِّبة بين الأبناء وذويهم والعكس، فإنَّه يجب الالتزام بالكلام الطيب والابتسامة والبشاشة عند اللقاء والحرص على الزيارات المُتبادلة والسؤال عن أحوال كلاً منهم والحرص على مشاركاتهم كافَّة المُناسبات، والاهتمام بملاطفة الأطفال وملاعبتهم بغض النظر عن نتائج ماقد يقع بين الزوجة وأهل زوجها من خلافات حتى لايذهب الأبناء ضحيَّةً لهذا الصراع غير المُبرَّر. الأم تلعب دوراً هاماً في تعزيز صلة الرحم