صادقت الكنيست الإسرائيلية (البرلمان) أمس بالقراءتين الثانية والثالثة، وبغالبية 61 نائباً ومعارضة 59، على تعديل «القانون الأساس: الحكومة»، الذي يقضي بالسماح بزيادة عدد الوزراء في الحكومة الجديدة ليتجاوز 18 وزيراً وزيادة عدد نواب الوزراء ليتجاوز أربعة نواب، ما مهد الطريق أمام رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لعرض حكومته الرابعة على الكنيست لنيل الثقة، اليوم، كما يبدو. لكن رغم إقرار التعديل ونجاح نتانياهو في تشكيل حكومته في اللحظة الأخيرة من المهلة القانونية التي أعطيت له، إلا أن مخضرمي الساحة الحزبية على انتماءاتهم المختلفة لا يذكرون متى كانت المرة الأخيرة التي أقسمت فيها حكومة جديدة الولاء، وفي اليوم ذاته بدأت الساحة الحزبية تعدّ بيان نعيها وتتكهن الفترة القصيرة التي ستعيشها، متوقعين لها «حياة صعبة» بسبب هشاشة قاعدتها البرلمانية (61 نائباً يدعمون الائتلاف في مقابل 59 نائباً في المعارضة). وساوى أحد المعلقين بين الحكومة الجديدة وبين البرنامج الترفيهي «البقاء» الذي يصارع فيه المشاركون من أجل البقاء على قيد الحياة – اللعبة. ورأى آخر أن الحكومة الجديدة ستخوض «معركة استنزاف» منذ يومها الأول، وأنها لن تعمّر طويلاً ليس فقط حيال التناقضات بين بعض مركباتها، إنما أساساً بسبب أطماع نواب «ليكود» بمناصب أثيرة. وسارع البعض إلى وصف الحكومة الجديدة ب «البطة العرجاء» وهي لم تبدأ السير بعد. واستذكر معلقون حكومات ذاقت الأمرّين بسبب ضيق قاعدتها، وكيف تم عام 2004 استقدام نائب على نقالة من سريره في المستشفى ليشارك في التصويت في الكنيست على «خطة الانفصال» عن قطاع غزة. وأشاروا إلى أن كلاً من النواب ال61 يرى في نفسه صاحب وزن مضاعَف لإدراكه أن فرط عقد الحكومة يتعلق بمزاجه، وأن رئيس الحكومة لا يمكن أن يتحرك على هواه إنما يقع تحت رحمته، خصوصاً في القرارات والقوانين التي تتطلب غالبية برلمانية مطلقة (61 نائباً). ولا يستبعد معلقون أن يأتي الخطر على هذه الحكومة من داخل «ليكود»، الذي يتمرد بعض أعضائه على زعيم الحزب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو. ويدرك نتانياهو هذه الحقيقة ولأجل ذلك رفض توزيع الحقائب الوزارية ال12 على نواب الحزب ال15 الذين يرون أنفسهم جديرين بمنصب وزير، قبل أن يضمن تصويتهم جميعاً على تعديل القانون بزيادة عدد الوزراء، لخشيته من أن عدم رضى أحد النواب من الحقيبة التي أسندت إليه أو من استثنائه من التوزير، قد يدفع به إلى التصويت ضد التعديل أو التغيب عن جلسة التصويت. وتعتبر حقيبة الخارجية «اللغم» الأكبر الذي يهدد بالانفجار في وجه نتانياهو، إذ يتنافس على المنصب ثلاثة من النواب النافذين في مقدمهم وزير الخارجية السابق سيلفان شالوم ووزير الداخلية الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التمهيدية في «ليكود» غلعاد أردان ووزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شطاينتس. ونقلت وسائل إعلام عن شالوم تهديده بأنه في حال عدم إسناد الخارجية له، فإنه لن يقبل تسلم أي حقيبة وزارية أخرى وسيبقى خارج الحكومة «متذمراً يتحين لحظة الانتقام» من نتانياهو. ولا يستبعد معلقون أن يحتفظ نتانياهو بالحقيبة لنفسه، فيتفادى بذلك غضب المرشحين، وفي الآن ذاته يُبعد عن مركز صنع القرار شخصية من «ليكود» قد تهدده مكانته زعيماً للحزب في المستقبل. لكن مصدراً في «ليكود» أعرب عن ثقته بأن نتانياهو سيعرف كيف يمتص غضب الخائبين من خلال وعود يوزعها. بدوره، يهدد النائب الدرزي المتطرف أيوب القرا ب «مفاجآت» في حال عدم تعيينه «وزيراً لشؤون الأقليات» ما استدعى نتانياهو إلى لقاء شخصيات درزية ليطلب منها «تهدئة» القرا ملمحاً إلى احتمال تعيينه نائب وزير. في غضون ذلك، اتضح من الخطوط العريضة للحكومة الإسرائيلية اليمينية – الدينية الجديدة التي سُلمت لنواب الكنيست أمس، أنها لا تتضمن بنداً في شأن قبولها حل الدولتين للشعبين أو استعداداً لإقامة دولة فلسطينية، إنما شملت حديثاً عمومياً عن أن «الحكومة ستدفع عملية السلام من خلال الحفاظ على المصالح الأمنية والتاريخية والقومية لإسرائيل وتسعى الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين ومع جيراننا». وجاء أيضاً أنه في حال التوصل إلى اتفاق كهذا، فسيتم إخضاعه لتصديق الحكومة والكنيست، وإذا اقتضت الضرورة يتم طرحه على استفتاء عام». ولا يختلف هذا البند عن ذلك الذي ورد في الخطوط العريضة للحكومتين اللتين شكلهما نتانياهو عامي 2009 و2013 اللتين لم تلتزما بحل الدولتين حيال معارضة عدد من نواب «ليكود» وأحزاب اليمين في الائتلاف الحكومي هذا الحل. وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أنه على رغم أن لا تغيير في الخطوط العريضة، فإن الحكومة الجديدة مطالَبة من الولاياتالمتحدة وأوروبا الالتزام بحل الدولتين، وسبق أن طالبتا نتانياهو بعد الانتخابات الأخيرة بأن يثبت بالأفعال وبالسياسة التي ينتهجها أن حكومته ملزمة بحل الدولتين. وجاءت هذه المطالبة في أعقاب إعلان نتانياهو قبل الانتخابات بأيام، وفي مسعى منه الى جذب أصوات اليمين والمستوطنين، أنه يتراجع عن خطابه في جامعة «بار إيلان» عام 2009 الذي أعلن فيه دعمه حل الدولتين. وكانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمن حذرت قبل أسبوعين أنه في حال لم تبدِ الحكومة الإسرائيلية الجديدة التزاماً لحل الدولتين، فإن الولاياتالمتحدة ستواجه صعوبة في الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية وفرملة مشاريع واقتراحات في المسألة الفلسطينية في الأممالمتحدة ومجلس الأمن، و «سيكون من الصعب علينا منع المحاولات لتدويل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي».