بعيداً من أجواء احتفالية كان مفترضاً أن تصاحب تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة الرقم 34 في تاريخ الدولة العبرية، يستعد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لنيل الثقة على حكومته الجديدة في الكنيست الجديد غداً أو بعد غد، في ظل توقعات بأن هذه الحكومة التي تعتمد على ائتلاف هش من 61 نائباً تقابله معارضة من 59 نائباً لن تعمّر طويلاً، وستبقى تحت رحمة مزاج هذا النائب أو ذاك، فضلاً عن عدم التوافق بين مركباتها في عدد من المسائل المهمة. وأقرّت الحكومة المنتهية ولايتها في جلستها الأخيرة أمس اقتراح رئيسها بالتقدم إلى الكنيست باقتراح عاجل لإلغاء القانون الذي يحدد عدد أعضاء الوزراء ب18 والنواب بأربعة وعدم تعيين وزراء دولة، على أن يتم تقديم الاقتراح اليوم لإقراره بالقراءات الثلاث في اليوم ذاته. ويتطلب الإقرار غالبية من 61 نائباً، أي جميع نواب الأحزاب الأربعة المشاركة في الائتلاف الحكومي الجديد من دون استثناء. ورغم التشكيك في قانونية التعديل بداعي ان حكومة انتقالية ليست مخولة اتخاذ قرار كهذا، فإن معلقين في الشؤون القضائية يستبعدون تدخل محكمة العدل العليا، خصوصاً في ظل تراجعها في السنوات الأخيرة تحت وطأة تأثير اليمين عن التدخل في قوانين إشكالية يشرعها الكنيست. ويريد نتانياهو من زيادة عدد الوزراء إرضاء وزراء حزبه «ليكود» ليمنح 12 منهم حقائب وزارية من مجموع 20 كما يبدو. وحاولت أوساط نتانياهو تهدئة خواطر النواب البارزين في «ليكود» الغاضبين على تسليم الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الحقائب الوزارية الأهم من خلال إبراز ضمان 12 حقيبة وزارية لحزبه إنجازاً كبيراً، كما أشارت صحيفة «إسرائيل اليوم» المؤيدة لنتانياهو في عنوانها الرئيس أمس. واعتبرت النائب شيلي يحيموفتش من «المعسكر الصهيوني» المعارض ان قرار الحكومة «خطوة غير دستورية تمس بالنظام الديموقراطي»، مشيرةً إلى أنه لم يحصل من قبل تغيير قانون أساس (دستوري) من دون التوجه الى لجنة الدستور والقانون البرلمانية. وخوفاً من غضب أي نائب من «ليكود» على عدم تعيينه وزيراً أو نائب وزير واحتمال امتناعه بالتالي عن التصويت إلى جانب التعديل، كما يهدد النائب الدرزي المتطرف أيوب القرا، أرجأ نتانياهو اتصالاته بنواب حزبه لتبليغهم قراره بتوزيع الحقائب إلى ما بعد تصويت الكنيست على التعديل. وتدور المنافسة الأشرس على حقيبة وزير الخارجية بين خمسة نواب نافذين، وسط توقعات بأن الأربعة الذين سيخسرون هذا المنصب لن يترددوا في تنغيص حياة نتانياهو، خصوصاً وزير الخارجية السابق سيلفان شالوم صاحب النفوذ القوي في الحزب. وفي حال إقرار التعديل في الكنيست، فإن الأحزاب المشاركة في الحكومة الجديدة ستستفيد هي أيضاً وتحظى بعدد حقائب وزارية يفوق بكثير تمثيلها البرلماني، إذ يحصل حزب المستوطنين «البيت اليهودي» بزعامة نفتالي بينيت على ثلاث حقائب وزارية (التعليم، القضاء، الزراعة والشتات) رغم حصوله على 8 مقاعد برلمانية فقط، كذلك يحصل الحزب اليميني المعتدل «كلنا» بزعامة وزير المال الجديد موشيه كحلون، على ثلاثة حقائب (المال والبناء وجودة البيئة) وربما أربعة، وهو أيضاً يتمثل بعشرة مقاعد فقط في الكنيست، وسيحصل الحزب الديني الشرقي المتزمت «شاس» الذي يتمثل بسبعة نواب فقط بقيادة أريه درعي، على حقيبتين (الاقتصاد، الأديان وتطوير النقب والجليل). وتباهى نتانياهو بإنجازات حكومته المنتهية ولايتها بالقول إنها «رغم الصعوبات الكثيرة على الصعُد المختلفة قدمنا دولة إسرائيل». وأضاف: «منذ اليوم الأول لتشكيلها، لم تتوقف المنطقة حولنا عن الغليان والصخب... وعلى رغم المحاولات الكثيرة لتحدينا في الحدود المحيطة بنا، نجحنا في صدّ كل هذه المحاولات بلا استثناء: من حزب الله جنوبلبنان، مروراً بمحاولات ايران أن تنشئ ضدنا جبهة جديدة في الجولان، ومحاولات متواصلة لإدخال أسلحة متطورة من سورية إلى لبنان، وحتى محاولات حماس أن تنفذ ضدنا ضربة استراتيجية في الجنوب». وزاد: «في عملية الجرف الصامد، أنزلنا بحركة حماس أشد ضربة تلقتها منذ إقامتها... ونحن متأهبون لأي تطور في هذه الجبهة».