اتفق معلقون في الشؤون الحزبية في إسرائيل على أن سلوك رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في مسألة دعم مرشح لمنصب «رئيس الدولة»، واضطراره في اللحظة الأخيرة إعلان دعمه للقطب في حزبه «ليكود» وعدوه اللدود رؤوبين ريبلين، يطرح علامات استفهام كبيرة عن صاحب القرار الأول في الدولة العبرية «الذي يجعل من غريزته بوصلته السياسية». وفي العادة، لا يستقطب انتخاب «رئيس الدولة» اهتماماً خاصاً، فالمنصب فخري، والرئيس لا يملك صلاحيات فعلية، ربما باستثناء حقه في منح سجناء عفواً، بعد توصية الجهاز القضائي. لكن تصويت الكنيست (120 عضواً) الذي سيجري في العاشر من الشهر المقبل على انتخاب خلف لشمعون بيريز (ينهي ولايته في 27 تموز المقبل) يسيطر منذ أسابيع على عناوين وسائل الإعلام العبرية واهتمامات الساحة الحزبية ليس بسبب تباين في شخصية المرشحين إنما بفعل سلوك نتانياهو الذي يناصب منذ أعوام العداء لرئيس الكنيست السابق القطب البارز في حزبه رؤوبين ريبلين. أما مرد العداء فليس خلفية سياسية، فريبلين يميني لا يقل تطرفاً عن نتانياهو، ووصفه زعيم المستوطنين الوزير نفتالي بينيت بأنه «المرشح الطبيعي للرئاسة ... انه غير مخادع، صهيوني، إنساني، محب كبير لأرض إسرائيل وللتوراة ولدولة إسرائيل». إنما الخلاف مرده خلفية شخصية، إذ يُنسب لريبلين أنه وجّه قبل سنوات لسعة لزوجة نتانياهو (سارة) حين قال في حضور نتانياهو إنه لا يأتمر بأوامر زوجته، ففهمها نتانياهو والحاضرون على أنها غمزة من قناة زوجة نتانياهو المتَهمة بالساحة الحزبية، وإن وراء الكواليس، بأنها هي التي تنصّب وتعزل الوزراء وأصحاب المناصب الرفيعة. وكانت قضية انتخاب رئيس جديد اتخذت طابع المسلسل الدرامي اليومي على الصفحات الأولى من الصحف، بدأت بمحاولات نتانياهو إرجاء الانتخاب لستة أشهر قيل إنه سيحاول فيها إلغاء هذا المنصب، ثم محاولاته اليومية لإيجاد مرشح يدعمه، فوعد وزيره سلفان شالوم بذلك، لكنه عدل عن رأيه بعد يومين، ثم طلب من وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي الترشح، لكنه تراجع بعد أقل من 24 ساعة، فثارت ثائرة الرجلين ضده. وأول من أمس، حاول إقناع الكاتب اليهودي - الأميركي الحاصل على جائزة «نوبل» للسلام إيلي فيزل (86 سنة) بالترشح، لكن تبين له أنه لا يحمل جنسية إسرائيلية. وفي ساعات الليل، فاجأ نتانياهو خصمه ريبلين بمحادثة هاتفية بلّغه فيها دعمه ترشحه، ما أغضب شريك نتانياهو وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ليس لمعارضته ريبلين إنما بسبب «خيانة» نتانياهو له بعدم إعلامه عن دعم ريبلين على رغم التنسيق بينهما في هذه المسألة، فأعلن أن حزبه «إسرائيل بيتنا» لن يدعم ريبلين نكايةً برئيس الحكومة. وتهكم معلقون من «خنوع نتانياهو» لحزبه الذي يدعم بغالبية أعضائه ريبلين، وشككوا في الوقت نفسه بأن يصوّت نتانياهو لريبلين. وكتب يوسي فرطر في «هآرتس» أن نتانياهو «عضّ على النواجذ، وأعلن دعمه مكرهاً لا بطلاً لخشيته من أن يخسر (هو) حزبه». وأضاف أنه لو واصل نتانياهو عناده وعداءه لريبلين «لفقَد نفوذه في حزبه ليكود تماماً»، في وقت بدأ بعض الشخصيات فيه (مثل وزير الداخلية جدعون ساعَر) يتحرك للمنافسة على رئاسة الحكومة. إلى ذلك، رأى المعلقون أن إعلان نتانياهو دعمه ريبلين قد يُفقد الأخير أصواتاً إذ أن نواب الكنيست من المتدينين المتزمتين «الحريديم» الغاضبين من نتانياهو على استثنائهم من حكومته ويبحثون عن كل وسيلة للانتقام منه، سيعدلون عن دعمهم لريبلين نكايةً بنتانياهو. وكتبت المعلقة في «يديعوت أحرونوت» أن إعلان نتانياهو دعمه لريبلين «خرّب على الأخير احتفالاً شبه مضمون بالفوز بكرسي الرئاسة». وبالإضافة إلى ريبلين، قدم خمسة آخرون ترشيحهم هم: رئيسة الكنيست سابقاً داليا إيتسيك (حزب كديما)، ووزير الدفاع السابق بنيامين بن اليعيزر (حزب العمل)، والوزير السابق مئير شتريت (حزب الحركة)، وقاضية المحكمة العليا المتقاعدة داليا دورنر، وأستاذ الكيمياء الحائز على جائزة «نوبل» دانيئل شختمان.