أنهى مجمع الفقه الإسلامي في اجتماعه للدورة ال22 بمكةالمكرمة أمس قضية «قتل الرحمة» أو «الموت الرحيم» أخيراً، إذ أرجع الأمر في نهايته إلى تقدير الأطباء في إيقاف العلاج عن المريض الميؤوس من برئه، وتوافقت معظم الآراء الفقهية في المجمع على ذلك، إذ لا حرج من رفع الأجهزة الطبية عنه، وذلك بعد ثبوت عدم جدوى علاجه. وتأتي فتوى علماء مجمع الفقه الإسلامي أخيراً في «الموت الرحيم» إسدالاً للستار على تلك القضية التي كانت موضعاً للخلاف بين العلماء والمذاهب الفقهية المختلفة الأخرى، والتي انتصر فيها العلم الطبي بالأخذ برأيه وحكمه في إنهاء ذلك الخلاف، واستناداً على رأي أغلب العلماء المسلمين، ومن بينها فتوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء السعودية. وأوضح المشاركون في الجلسة التي استعرضت أوراقاً علمية عدة فيها، بمشاركة ستة علماء تنوعت مدارسهم ووجهاتهم، أن بعض الأطباء والمستشفيات يستخدمون الأجهزة الطبية لبعض المرضى يتم فيها (حالات موت الدماغ) عبث ولا فائدة منها، والتي يتم فرضها عليهم من وزارات الصحة وخوفاً من المساءلة القانونية، لافتين إلى أنه منه عن ذلك شرعاً، إذ لا يجدي نفعاً للمريض، واقتناع الأطباء التام بعدم جدواه. وأشاروا في بيان نهائي يجمع آراء النقاش إلى أن استخدام تلك الأجهزة يعرض المرضى للمزيد من الآلام وأهاليهم، وتزداد كلفتها إلى ملايين الدولارات سنوياً، بسبب هذه العلاجات والأجهزة التي لا فائدة من استخدامها في مثل هذه الحالات، موضحين أن بعض الحالات في حاجة ماسة لتلك الأجهزة، وتحرم من استخدامها بسبب المرضى الميؤوس من علاجهم «ويلاقون حتفهم نتيجة عدم استخدامها، وهذا أمر خطر مخالف للعقل والدين معاً». واستند المشاركون في حكمهم إلى أسباب عدة، منها وقوع أهل المريض في حرج، إذ يأملون شفاء ذويهم أو استمرار العلاج حتى يأتي قدر الله تعالى، وازدياد التكاليف الباهظة في المستشفيات الخاصة التي تؤدي بأهل المريض إلى الاستدانة الهائلة، إضافة إلى حاجة إدارة المستشفى إلى إخلاء المكان للمرضى الجدد الذين قد يكونون أحوج إلى العلاج السريع لإنقاذ حياتهم. وأضافوا: «لا شك في أن احترام البشر وإمداده واجب في حال الصحة والمرض، ولكن إذا ثبت عدم جدوى العلاج المزيد. فليكن الصبر والرضا نصب عين الإنسان المؤمن، وأمرنا بأن نستعين بالصبر والصلاة في حال المشكلة، سواء كانت في صورة المرض أم غير ذلك، والقول النهائي في موضوع إيقاف العلاج من عدمه هو قول الطبيب التقيّ الأمين». وأكد المشاركون، أن الحكم الشرعي للتداوي هو الإباحة عند جمهور الفقهاء، ولا يصح أن يعتبر التداوي خلاف التوكّل على الله، بل هو المسير، والحكم الشرعي للمريض وأهله أنّ من حّق المريض التداوي، أو تركه بحسبما يراه مناسباً هو وأهله من دون إهمال أو حرج. وشددوا على الأطباء بأهمية مراقبة الله في عملية إيقاف العلاج من المريض الذي لا يرجى برؤه من مرض عضال، إذ عليهم المحاولة قدر جهدهم إنقاذه من المصيبة، مراعين في ذلك حق الله تعالى وحقّ المريض وحق المرضى الآخرين، وذلك حتى يتخذ قراره بإيقاف علاج المريض من عدمه، مضيفين: «على الطبيب ألا يستعجل في الأمر ولا يباطئ بل يسبر غوره جيّداً، حتى يتّم على يديه ما فيه خير للمريض وأهله والمجتمع كلّه».