عقدت الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها، جلستها الأخيرة أمس مع إعلان رئيسها المكلف تشكيل الحكومة الجديدة بنيامين نتانياهو، أن مهمة تشكيلها على وشك الإنجاز، وسط توقعات بأن تُقَدم للكنيست لنيل الثقة منتصف الأسبوع الجاري. وقال نتانياهو إن غالبية الخطوط العريضة للحكومة الجديدة أنجزت، ولم يتبق سوى توزيع الحقائب الوزارية اليوم وغداً، مضيفاً أن الحكومة الجديدة ستمحور نشاطها في قضايا الأمن وغلاء المعيشة والإسكان، من دون أي إشارة إلى العملية السياسية مع الفلسطينيين. وكالمتوقع، ستتشكل الحكومة الجديدة، وهي الثالثة والثلاثون في تاريخ الدولة العبرية، من تحالف «ليكود» بزعامة نتانياهو، و «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان، وهو التحالف الذي خرج من الانتخابات البرلمانية الأخيرة قبل اقل من شهرين مع 31 مقعداً فقط. كما ستضم الحكومة حزب «يش عتيد» الوسطي بزعامة يئير لبيد، و «البيت اليهودي» اليميني المتطرف بزعامة نفتالي بينيت، والحزبين الوسطيين «الحركة» بزعامة تسيبي ليفني و «كديما» بقيادة شاؤول موفاز. وتتمثل هذه الأحزاب مجتمعةً ب 70 مقعداً من مجموع 120، على أن يقود حزب «العمل» الوسطي بزعامة شيلي يحيموفتش كتل المعارضة التي تشمل أيضاً الحزبين الدينيين المتزمتين «شاس» و «يهدوت هتوراة»، وحركة «ميرتس» اليسارية، والأحزاب الثلاثة الممثلة للعرب في إسرائيل: «الموحدة» و «الجبهة» و «التجمع». ورغم أن الحكومة تعتبر يمينية-وسطية، إلا أن مراقبين يتوقعون أن تكون أكثر صقريةً من الحكومة المنتهية ولايتها، وذلك مع تولي القطب في «ليكود» رئيس هيئة أركان الجيش سابقاً، الصقر الأمني والسياسي موشيه يعالون، وزارة الدفاع، وبقاء ليبرمان وزيراً للخارجية (بعد بت المحكمة في لائحة الاتهام ضده)، وانضمام الوجه الجديد من حزبه المتطرف يئير شمير، وإزاء النفوذ الكبير المتوقع لحزب المستوطنين «البيت اليهودي» الذي سيتمثل في الحكومة المصغرة بوزيرين متشددين، هما بينيت (وزيراً للصناعة والتجارة) وأوري آريئل وزيراً للبناء والإسكان والمسؤول عن نشر عروض البناء في المستوطنات في الضفة الغربية. وبرأي معلقين، فإن الأسماء المذكورة ستكون لها الكلمة الفصل في الهيئات الحكومية المصغرة، في مقابل تأثير مضاد محدود لوزراء «يش عتيد» الوسطي أو لزعيمة «الحركة» ليفني. ولفت هؤلاء إلى غياب وزراء «معتدلين» عن «هيئة الوزراء الثمانية» الجديدة، أمثال ايهود باراك، ودان مريدور، وبيني بيغين، الذين شكلوا في «هيئة الثمانية» في الحكومة المنتهية ولايتها «الصوت العقلاني» الذي نجح أكثر من مرة في إجهاض اقتراحات قرارات لوزراء اليمين المتشدد، مثل شن هجوم على ايران أو تصعيد الحرب على الفلسطينيين. الأمن والاقتصاد وقال نتانياهو في الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس، إن طواقم إجراء المفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي جديد توشك على إنهاء عملها مع توزيع الحقائب الوزارية، ما يعني أن هذا الاجتماع هو الأخير للحكومة الحالية. وأشاد بما قامت به من «عمل كبير ومتواصل» في السنوات الأربع الأخيرة وتحقيقها الأهداف التي حددتها في كل المجالات التي طرقتها، «ودفعت بإسرائيل إلى وضع أكثر أمناً وازدهاراً وتطوراً، رغم أن العالم الذي حولنا تغير للأسوأ والوضع الإقليمي أيضاً، وبينما الاقتصاد في العالم غير مستقر». وأضاف أن تحديات كثيرة وكبيرة جداً تنتظر الحكومة الجديدة «مثل خفض غلاء المعيشة والإسكان والتساوي في العبء، وفوقها جميعاً القضايا الأمنية الكبرى التي تتراكم حولنا، وتتطلب من الحكومة المقبلة معالجتها». لبيد وزيراً للمال وشهد اليومان الأخيران تسابقاً مع الزمن لإنهاء تشكيل الحكومة قبل انتهاء المهلة القانونية المتاحة لنتانياهو بحلول مساء السبت المقبل. وحققت هذه المساعي النجاح بعد أن اقتنع لبيد بمنصب وزير المال في الحكومة الجديدة، متراجعاً عن اشتراطه الانضمام بتولي حقيبة الخارجية التي سيحتفظ بها نتانياهو لليبرمان مع انتهاء محاكمة الأخير بخيانة الأمانة والاحتيال (شرط عدم إدانته). وفاجأ قبول لبيد بوزارة المال، المراقبين على خلفية افتقاره لأي تجربة في الاقتصاد، إلا أن أوساطاً قريبة منه رأت أن بمقدوره في هذا المنصب أن يحسّن أوضاع الطبقة المتوسطة التي انتخبته. إلى ذلك، ينتظر نواب حزب «ليكود» قرار نتانياهو اليوم في شأن الحقائب الوزارية السبع التي سيمنحها لعدد منهم، وسط توقعات بأن البعض سيخرج خائباً، إما لعدم منحه حقيبة وزارية رفيعة، أو لاستبعاده من الحكومة الجديدة. وتوقع مراقبون أن يتسبب ذلك بتوتر داخل «ليكود»، خصوصاً من نواب وُعدوا بالتوزير. كذلك يتوقع أن يثير توجه نتانياهو إلى عدم دعم ترشيح الحزب للقطب البارز في الحزب رئيس الكنيست السابق رؤوفين ريبلين، لولاية أخرى في هذا المنصب، غضبَ الأخير، الذي يتمتع بنفوذ قوي داخل الحزب. واتهمت أوساط ريبلين رئيس الحكومة بنكث وعده بدعم ترشيحه، معتبرةً تفضيل نتانياهو الوزير يولي ادلشتاين لهذا المنصب حلقةً أخرى في القضاء على «العسكر الليبرالي» داخل «ليكود»، الذي بدأ بإقصاء الوزيرين مريدور وبيغين عن لائحة الحزب الانتخابية. المارد الطائفي كما أثار نواب في الحزب، ومعهم أقطاب في حزب «شاس» الديني الشرقي المتزمت، الذي تم استثناؤه من الحكومة بطلب من لبيد، حقيقة أن الحكومة الجديدة لن تضم أكثر من ثلاثة أو أربعة وزراء من أصول شرقية من مجموع نحو 25 وزيراً. وحذر نواب في «ليكود» من انعكاسات ذلك على شعبية الحزب في أوساط الشرقيين الذين يصوّتون بغالبيتهم ل «ليكود». وغاب وزراء «شاس»، المستاؤون من استبعادهم من الحكومة الجديدة، عن اجتماع الحكومة أمس. ورغم تبريرهم الغياب بحجج مختلفة، إلا أن مراقبين يرون في هذه الخطوة إشارة إلى ما ينتظر الحكومة الجديدة من معارضة قوية من جانب «شاس» و «يهدوت هتوراه»، خصوصاً في حال نفذت سياسة اقتصادية متقشفة ستدفع ثمنها الشرائح الضعيفة المحسوبة بغالبيتها على «المتدينين المتزمتين» والعرب.