يميل المتابعون لسير مفاوضات تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، إلى التوقع بأن المكلّف تشكيلها زعيم تحالف «ليكود بيتنا»، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، سيضطر الى التوجه مساء السبت إلى رئيس الدولة شمعون بيريز ليطلب منه مهلة أضافية ونهائية يتيحها القانون من 14 يوماً، لإنجاز مهمته بعدما لم تسعفه الفترة الممنوحة (28 يوماً) في تحقيق ذلك. وفي حال تم هذا التوجه، فسيكون على نتانياهو تشكيل الحكومة حتى موعد أقصاه السادس عشر من الشهر المقبل. ورغم التسريبات من الطاقم المفاوض باسم «ليكود بيتنا» بأنه تم إحراز تقدم في المفاوضات مع الحزب الديني الصهيوني المتطرف «البيت اليهودي» وشبه اتفاق على مسألة تجنيد الشبان المتزمتين (الحرديم) للجيش، إلا أن أوساطاً في هذا الحزب أوضحت أن الطريق إلى اتفاق للانضمام إلى الحكومة ما زالت طويلة، وأن الحزب يريد أن يبحث أيضاً في الخطوط السياسية العريضة للحكومة الجديدة حيال معارضته استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ورفضه «حل الدولتين للشعبين»، فضلاً عن اشتراطه الانضمام بمواصلة دعم الحكومة للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تعتبر معقلاً لهذا الحزب، علماً أن غالبية نوابه في الكنيست من غلاة القابعين فيها. من جهة أخرى، لم يحصل أي تقدم في المفاوضات بين «ليكود بيتنا» والحزب الوسطي «يش عتيد» بزعامة يئير لبيد الذي لا يزال يرفض اقتراح «ليكود بيتنا» في شأن تجنيد «الحرديم» ويطالب بتغيير جذري للوضع القائم على نحو يرغم كل من بلغ الحادية والعشرين من عمره من «الحرديم» الالتحاق بالجيش. ويدرك نتانياهو أن قبوله اقتراح لبيد في شأن «الحرديم» يعني الاستغناء عن شريكي «ليكود» التقليديين، حزبي «شاس» و «يهدوت هتوراه»، اللذين يمثلان «الحرديم» الشرقيين والاشكناز ويرفضان إلزام الشبان الراغبين في الالتحاق بالمدارس الدينية الخدمة العسكرية، وهو الذي سبق أن أعلن أنه لا يعتزم التخلي عن هذه الشراكة. ويتطلب تمسك نتانياهو بحزبيْ «الحرديم» إقناع حزب آخر الانضمام لحكومته، ليضمن غالبية برلمانية لحكومته الجديدة، إذ يملك الآن 55 مقعداً (من مجموع 120) تمثل حزبه (31)، وحزبيْ «الحرديم» (18)، وحزب «الحركة» (6) برئاسة تسيبي ليفني التي وقعت الأسبوع الماضي على اتفاق مع نتانياهو بدخول حكومته. وعلى ذكر ليفني، راجت أنباء أمس أن «البيت اليهودي» و «يش عتيد» يطالبان بإلغاء الاتفاق بين نتانياهو وليفني، الأول بداعي رفضه أن تكون ليفني «اليسارية» بنظره مسؤولةً عن إجراء المفاوضات مع الفلسطينيين، والثاني بداعي أنه لا يمكن منح كتلة من ستة نواب فقط حقيبتين وزاريتين، علماً أن «يش عتيد» يطالب بأن لا يتعدى عدد الوزراء في الحكومة 18 وزيراً. كذلك أوضحت أوساط في «يش عتيد» أن لبيد لن يقبل، في حال انضم إلى الحكومة وزيراً للخارجية، بأن تدير ليفني المفاوضات مع الفلسطينيين. وإزاء الصعوبات في إقناع «البيت اليهودي» و «يش عتيد» اللذين ينسقان خطواتهما معاً ونجحا إلى الآن في قطع الطريق على نتانياهو بالاستئثار بأحدهما، جدد الأخير محاولاته لإقناع زعيمة حزب «العمل» الوسطي شيلي يحيموفتش بالانضمام إلى حكومته الجديدة وإغرائها بحقيبة المال التي تعتبر واحدة من أهم ثلاث حقائب وزارية. لكن يحيموفتش كررت رفضها الاقتراح بداعي أنه ليس ممكناً تضييق الفجوة بين المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكل من حزبها و «ليكود بيتنا». وقال مسؤول كبير في حزب «العمل» إن المشكلة ليست في الحقائب الوزارية «إنما في الأيديولوجيا المختلفة لكل من الحزبين». وأضاف أن يحيموفتش ترى في اقتراح حقيبة المال «مصيدة عسل»، إذ أن وزير المال أياً كان سيأتمر في نهاية المطاف بالسياسة الاقتصادية لرئيس الحكومة، وهي ليست مقبولة على «العمل» بأي شكل من الأشكال. وزاد أن هناك خلافاً جوهرياً بين الحزبين أيضاً في كل ما يتعلق برؤيته لحل الصراع مع الفلسطينيين. مع ذلك، أشار معلقون إلى أن نتانياهو قد يعجّل إنجاز تشكيل الحكومة قبل انتهاء المهلة الثانية ليكون في وسع الحكومة الجديدة التحضير لزيارة الرئيس باراك اوباما لإسرائيل وأراضي السلطة في العشرين من الشهر المقبل، وهو الذي يدرك أن عدم تشكيلها حتى الموعد المقرر سيلغي هذه الزيارة. في غضون ذلك، أظهر استطلاع جديد للرأي أن شعبية «يش عتيد» و «البيت اليهودي» في ارتفاع متواصل في مقابل هبوط شعبية «ليكود بيتنا» و «العمل» و «الحركة». وأشار الاستطلاع إلى أنه لو جرت الانتخابات اليوم لرفع «يش عتيد» تمثيله من 18 إلى 24 مقعداً، و «البيت اليهودي» من 12 إلى 14، فيما يهبط «ليكود بيتنا» من 31 إلى 28 و «العمل» من 15 إلى 12 و «الحركة» من 6 إلى 3 فقط.