ينتظر للتطوير العقاري في دول المنطقة أن يلبّي الطلب الحالي والمتوقع، الذي ينعكس على الحجم والكلفة واستهداف المشاريع المنفذة. وتظهر في هذا الإطار أخطاء شائعة تعمد إلى فرز شركات التطوير العقاري وفقاً لطبيعة المشاريع التي تطرحها، ما يمكن أن يدفع السوق العقارية إلى اختلال جوهري على مستوى آليات العرض والطلب وجودة الدراسات التي تنفّذها الشركات قبل بدء تنفيذ مشاريعها. ويجب الأخذ في الاعتبار أن استقرار السوق ونموها وتحقيقها أهداف جميع الأطراف، تمر من خلال قدرتها على التجاوب مع كل مؤشرات الطلب الحالي والمتوقع، والوصول إلى شرائح المجتمع بالكفاءة والفعالية ذاتهما. واعتبرت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن القطاع العقاري «شامل ويوفّر فرصاً استثمارية متنوعة يقل مثيلها في قطاعات أخرى». كما يؤمّن الاستثمار فيه ويتضمن الاستثمار فيه «عائدات مرتفعة طويلة الأجل ومتنامية، غير متوافرة في قطاعات رئيسة». ولاحظ التقرير «نقصاً تواجهه السوق العقارية في معظم دول المنطقة على مستوى تنوع المشاريع واستهدافاتها، لأن أسواقاً وشركات تطوير كثيرة تركز مشاريعها على استهداف ذوي الدخل المرتفع والمستثمرين من حول العالم، من خلال الاستمرار في طرح مشاريع نموذجية شاملة تحاكي التطور التكنولوجي والتقني والعيش الفاخر». ولفت إلى أن لهذا المسار «ما يبرره لدى الحديث عن طرح مشاريع فاخرة يقع على عاتقها جذب الاستثمارات الخارجية، وتطوير مفاهيم العيش الفاخر في دول يتمتع سكانها بارتفاع الدخل والقوة الشرائية». كما يواجه هذا المسار «مزيداً من الانتقادات في حال كان الخيار الوحيد لدى شركات التطوير العقاري وخلو الساحة العقارية من بدائل وخيارات أخرى، تفرض ثقافات عقارية على درجة عالية من الانسجام مع مؤشرات الطلب الحقيقي». إذ رأى أن «ليس معقولاً تمتع سكان دولة ما بالقوة والقدرة الشرائية ذاتهما، كما ليس مقبولاً أن تكون الأسعار في السوق العقارية هي أسعار المباني والشقق والفلل الفاخرة، وتعتمد عليها السوق بكل صفقاتها». لذا فإن المنتجات العقارية الفاخرة هي التي «تحدد الأسعار المتداولة في السوق على أن تتحدد أسعار المنتجات الأخرى خفضاً، وهذا بذاته يرفع مستوى الأخطار التي يواجهها القطاع العقاري مع كل تغير مالي واقتصادي يحدث محلياً وعالمياً». وأكد تقرير «المزايا» أن المشاريع العقارية التي طُرحت وتلك المستقبلية في دول المنطقة «غير متنوعة وتبتعد في أحيان كثيرة عن تلبية كل أنواع الطلب». وتظهر السوق العقارية في دبي والإمارات الأخرى «فجوة تتسع مع تزايد الطلب على العقارات المتنوعة الاستهداف، نتيجة تركيز شركات التطوير العقاري على مشاريع الإسكان الفاخر والضيافة والتجزئة على حساب تلك الأقل كلفة». إذ يُقدّر أن «95 في المئة من المشاريع المطروحة فاخرة، ما يعني مواجهة السوق نقصاً خطيراً في مشاريع الإسكان المتوسط الموجهة لذوي الدخل المتوسط». ورأى التقرير أن «مؤشرات تصحيح الأسعار في السوق العقارية في دول المنطقة، مستحقة ومبرّرة في معظمها»، لأن الأسواق التي «تسجل خللاً في قواعد الاستقرار ستحقق أعلى نسبة من التصحيح، في حين سيكون التراجع الأكبر في أسعار العقارات الفاخرة، لأنها صاحبة الثقل الأكبر في الارتفاع». ولفت إلى أن «الحديث يدور حول المشاريع العقارية التي يطرحها القطاع الخاص تحديداً، بعيداً من المشاريع التي تعلنها الجهات الحكومية في دول المنطقة خصوصاً في المملكة العربية السعودية، نظراً إلى اختلاف الاعتبارات والاهتمامات والاستهدافات. كما تختبر المملكة أنظمة عقارية وتعتمدها، من شأنها ضبط السوق ورفع مستويات الشفافية». ونقلت «المزايا» عن مراقبين يعتقدون أن «من شأن أنظمة التمويل على سبيل المثال التأثير في خفض مستويات النمو في السوق العقارية السكنية، وفق المتطلبات الخاصة بتسديد 30 في المئة من قيمة التمويل مقدماً، وبالتالي التأثير مباشرة في شريحة ذوي الدخل المتوسط، لأن المشترين الجدد يعتمدون في شكل رئيسي على التمويل. وبالتالي لن يتمكنوا من توفير الدفعة المطلوبة». وأكدت «المزايا» أن اعتماد شركات التطوير العقاري «أسلوب طرح المشاريع العقارية المتنوعة أي الفخمة والمتوسطة»، سيعطيها مزيداً من المرونة والكفاءة لتجاوز الأثر السلبي الناتج عن ارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف الإنشاءات وتعزيز حصصها في السوق، وبالتالي ارتفاع عائداتها، مع الأخذ في الاعتبار عدم مساهمة التركيز على المشاريع الفاخرة، في تجاوز التحديات التي تواجهها السوق حالياً».