استحوذت القضايا المتعلقة بتطور أدوات السوق العقارية على أهمية متصاعدة انسجمت إلى حد كبير مع التطور الحاصل على الطلب وحاجات الأفراد لدى دول المنطقة من الناحية النظرية، في حين شهدت مؤشرات الطلب ارتفاعات متواصلة لم تستطع أدوات التمويل والرهن العقاري المتوافرة في حينه من تلبيتها في كل فترة، ولم تستطع أيضاً التحرك بالسرعة المناسبة التي تحركت بها. ولا شك في أن المستوى المستهدف من أدوات الدَين والتمويل العقاري لم يتحقق بعد، وأن مؤشرات النمو والتعافي التي تشهدها وستشهدها السوق العقارية، تعتمد بقوة على تطورات أدوات التمويل والرهن لدى غالبية دول المنطقة. وتعتبر التطورات في القوانين والتشريعات ذات العلاقة بالرهونات العقارية، إيجابية ويتوقع تحقيق مزيد منها. وأشار تقرير أسبوعي لشركة «المزايا القابضة»، إلى أن فكرة تطوير إطار العمل في الرهن العقاري جاء ليحقق حزمة من الأهداف في مقدمها تطوير وابتكار برامج وعمليات جديدة للتمويل العقاري من قبل المصارف وشركات التمويل المتخصصة وأثرها في تنشيط قوى المنافسة في ما بينها، ما يساهم في تسجيل زيادة كبيرة على أعداد شركات التمويل، في حين سيقع على عاتق أنظمة الرهن العقاري تمكين الأفراد من فئات الدخل المتوسط من شراء المساكن بدلاً من استئجارها لمدة طويلة. ومن المؤكد أن وجود أنظمة متطورة للرهن العقاري سيعمل على تحسين جدوى المشاريع والعقارات الإسكانية وزيادة المعروض في كل الظروف. ويذكر أن لتطوير أنظمة الرهن العقاري أثراً إيجابياً في الأنشطة المتعلقة بالبناء على مستوى الانتعاش، وسلبياً على مستوى الارتفاع في أسعار مواد البناء نتيجة زيادة الطلب. ولفت التقرير إلى أن التمويل العقاري لا يزال في مراحله الأولى على رغم التباين الحاصل بين دول المنطقة. وبلغ في بعض الدول 18 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ما يساهم في سد جزء كبير من الفجوة بين العرض والطلب على الوحدات السكنية. في المقابل، يلاحظ أن أنظمة الرهن والتمويل العقاري لم تعمل على خفض أسعار الإيجارات السائدة في دول المنطقة، ولم تفلح في رفع مستوى السيولة في السوق العقارية نظراً إلى التباين بين آليات العرض والطلب بين دولة وأخرى ومصادر الطلب ومستوى السيولة والأخطار، مع الأخذ في الاعتبار أن أنظمة التمويل والرهن العقاري المتطورة التي جرى ويجري تطبيقها، ما زالت متشددة على مستوى آليات وشروط المنح والمواصفات الخاصة بالعقارات أو الأفراد التي تسري عليهم. يذكر أن الضمانات حكومية للممولين ستؤدي إلى انحرافات كبيرة على آليات عمل أنظمة الرهن والقدرة على تحقيق الأهداف، ولن تعمل على إدخال منتجات إسكانية جديدة بأسعار عادلة، وبات واضحاً أن أنظمة التمويل والرهن العقاري أثرت في شرائح محددة من دون أن تستطيع التكامل مع خطط التنمية المتوسطة والطويلة الأجل، وبقيت السوق العقارية مفتوحة لتسجيل مستويات ملموسة من التضخم ولم تفلح في ضبط أسعار العقارات. ويتوقع أن تشهد السوق العقارية السعودية حراكاً حقيقياً للتمويل والإيجار التمويلي في القطاع العقاري، بعد منح تراخيص ل 8 جهات تمويلية. وتشير توقعات السوق إلى ارتفاع التمويل العقاري بنسبة ستتجاوز 5 في المئة نهاية العام الحالي. وتعتبر السوق العقارية السعودية من أهم القطاعات العقارية في المنطقة. ويرجح تقرير «المزايا» أن تتجه الأنظار هذه السنة نحو السوق السعودية إذ تشير بيانات إلى احتمال أن يصل الاستثمار العقاري إلى 500 بليون ريال (135 بليون دولار) هذه السنة، وبنسبة ارتفاع قد تصل إلى 35 في المئة مقارنة بمستوى النشاط عام 2013. وبالتالي لا بد من إيجاد أطر وآليات تكفل حقوق جميع الأطراف وتخفض كلفة التمويل العقاري. ويذكر أن تعدد برامج التمويل والمشاريع الحكومية التي يجري تنفيذها لتوفير المساكن للمواطنين، من شأنها أن تربك السوق وتقلل من جدوى أنظمة الرهن ومن إقبال الجمهور عليها، طالما توافرت مصادر أخرى للتمويل مدعومة من الحكومة وبشروط وضمانات أقل وطرق تسديد ميسرة. وأشار التقرير إلى أن النجاح في تطبيق نظام الرهن العقاري التمويلي في الشكل الأمثل لدى المملكة، يتطلب تطويراً في مجالات كثيرة، في مقدمها تطوير آليات عمل التخمين العقاري للوحدات السكنية، لأن الاعتماد على بيانات وتقارير جهات غير متخصصة ولا تتمتع بكفاءة وخبرة كبيرة يعتبر تحدياً كبيراً أمام الجهات التي تم الترخيص لها لمزاولة المهنة. وقد يؤدي ذلك إلى خسائر وحالات تعثر كبيرة بخاصة خلال الفترة الأولى من تطبيق نظام الرهن. إلى ذلك فإن النجاح في تحقيق التوازن واستقرار سوق العقار السكنية في المملكة، يتطلب إدخال تعديلات جوهرية على آليات الإنفاق والادخار. وشدد التقرير على ضرورة التقليل من الاعتماد على تطبيق أنظمة متطورة للرهن العقاري والتمويل المتعدد الأشكال والأهداف في حل المشاكل الإسكانية لدى دول المنطقة، وبات من المؤكد أن ذوي الدخل المحدود سيكونون خارج اهتمام هذه الأنظمة واستهدافاتها، وأن التأثيرات الإيجابية لأنظمة الرهن والتمويل العقاري ستطاول الجهات المانحة قبل أفراد المجتمع. في المحصلة، يعتبر تقرير «المزايا» أن أنظمة الرهن العقاري ستحمل معها عدداً من الاتجاهات السلبية في مقدمها توسيع دائرة الإقراض بغض النظر عن الغاية، ما يرفع احتمالات التعثر في التسديد. كما أن أنظمة الرهن والتمويل العقاري المعمول بها في المنطقة ستكون بحاجة إلى إعادة تقويم وتحديث، لتنسجم مع التطورات المالية والاقتصادية ولتتماشى مع مستويات العرض والطلب.