صدّ مسلحو القبائل ومعهم قوات عسكرية موالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في مدينة مأرب (شرق صنعاء) زحفاً لمليشيا الحوثيين المسنودة بقوات من الجيش وأجبروها أمس على التراجع إلى مديرية صرواح غرب المدينة مستفيدين من الضربات الجوية لقوات التحالف على مواقع الحوثيين وخطوطهم الأمامية. وتواصلت المعارك بين مسلحي المقاومة من رجال القبائل وعناصر «الحراك الجنوبي» ومقاتلي حزب «الإصلاح» الإسلامي من جهة وبين المسلحين الحوثيين المدعومين بقوات الجيش الموالية للرئيس السابق علي صالح في عدن ولحج وتعز وأبين والضالع وشبوة فيما قصف طيران التحالف في صنعاء معسكرات النهدين وفج عطان ونقم وسُمع دوي انفجارات هزّت المنازل وشوهدت ألسنة اللهب وسحب الدخان تتصاعد من محيط القصر الرئاسي. ونسبت وكالة «رويترز» الى أحد سكان صنعاء واسمه الأول جمال، قوله «الانفجارات كانت ضخمة لدرجة أنها هزّت المنزل وأيقظتنا نحن وأبناءنا، الحياة أصبحت لا تطاق في هذه المدينة». (للمزيد) وقال القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه علي صالح، معمر الأرياني ل «الحياة» في الرياض أمس، إنه «لم يعد مقبولاً لكل من تلطخت أيديهم بالدماء أن يحكموا الحزب، ونؤكد أنه لن يظل مصير المؤتمر الشعبي العام مرهوناً بشخص صالح وعدد محدود ممن معه». وكشف أن هناك مبادرة تتبلور في الرياض لإيجاد حل للوضع في اليمن. وأكدت مصادر يمنية أمس أن الدوحة ستستضيف اجتماعاً خاصاً بالأزمة، سيحضره مسؤولون أجانب وعرب، في وقت يتوجه وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إلى الدوحة اليوم للقاء المسؤولين القطريين. ورفض ياسين أمس دعوة صالح لإجراء محادثات سلام وقال إن عملية عاصفة الحزم التي تقودها السعودية لم تنته بعد. وأضاف في مؤتمر صحافي في لندن «هذه الدعوات غير مقبولة بعد كل هذه الدمار الذي سببه علي عبد الله صالح، لا مكان لصالح في اي محادثات سياسية في المستقبل». وأشارت المصادر اليمنية إلى أن الحكومة المصغّرة برئاسة نائب الرئيس خالد بحاح، عقدت أول اجتماع لها في الرياض، وركّزت على الوضع الإغاثي، وكيفيّة وصول المساعدات إلى المواطنين في المناطق المتضرّرة. وعلى الصعيد الإنساني، قال وزير النقل اليمني بدر باسلمة أمس إن حكومته ستنقل نحو 20 ألف مواطن يمني عالقين في مطارات العالم إلى الأراضي اليمنية، بالتنسيق مع السعودية، خلال اليومين المقبلين، عبر مطارَي نجران وجازان. وذكر وزير حقوق الإنسان والإغاثة اليمني عزالدين الأصبحي أن مفاوضات تجري مع مصر وغيرها لعدم معاملة الرعايا اليمنيين ك«لاجئين» في البلدان العالقين فيها، عازياً ذلك إلى «عودتهم القريبة لليمن»، وتابع: «إنه جارٍ الاتفاق مع الدول لاحتضانهم حتى انتهاء الأزمة». وأفادت مصادر عسكرية ومحلية بأن القصف الجوّي طاول مواقع في مدينة ذمار (100 كيلومتر جنوبصنعاء) وامتد إلى بيحان وحريب في شبوة وإلى المواقع المتقدمة لقوات الحوثيين في صرواح كما طاول مواقع لهم في صعدة وعلى امتداد الشريط الحدودي مع السعودية. وأجتمع وزير الدفاع السعودي رئيس الديوان الملكي الأمير محمد بن سلمان أمس مع ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد في محافظة الطائف والتقيا عدداً من القادة العسكريين. كما تفقدا قوات إعادة الأمل في المحافظة. ودخلت العمليات العسكرية لقوات التحالف العربي بقيادة السعودية (عاصفة الحزم) شهرها الثاني بناء على طلب الرئيس عبدربه منصور هادي في محاولة لوقف زحف الحوثيين على المدن وإنهاء انقلابهم على العملية الانتقالية التوافقية برئاسة هادي وإجبارهم على العودة إلى طاولة المفاوضات وتسليم أسلحتهم إلى الدولة. وقالت مصادر في الجبهة الموالية لهادي إن مسلحي القبائل أوقفوا زحف الحوثيين إلى مدينة مأرب وأجبروهم على التراجع تحت ضربات المدفعيّة وصواريخ الكاتيوشا وغارات قوّات التحالف وكبّدوهم خسائرَ في الأرواح والمعدّات، في حين أكّدت مصادر محايدة ل «الحياة» أن قوات الحوثيين سيطرت على منطقة الحمراء والعطيف والدحلة وأن معارك تدور بين الطرفين في منطقة الزور التي تبعد نحو 14 كيلومتراً غرب مدينة مأرب. وأضافت المصادر أن المواجهات مستمرة على جبهة الجدعان في مديرية مجزر بين مأرب والجوف وتراوح بين كرّ وفرّ، كما أكّدت سقوط قتلى وجرحى من رجال القبائل نتيجة تعرّضهم لقصف إحدى الغارات الجويّة من طريق الخطأ في صرواح. إلى ذلك قال شهود في مدينة تعز (جنوب غرب) إن قوات الحوثيّين شنّت أمس قصفاً عنيفاً على أحياء المدينة طاول منازل المدنيين ومستشفى «الثورة» الحكومي، ما أدى إلى سقوط خمسة قتلى على الأقل وعدد من الجرحى، في ظلّ محاولة هذه القوات استعادة مناطق سيطر عليها مسلحون موالون لحزب «الإصلاح» وقوّات من اللواء 35 مدرع الموالي للرئيس هادي. وذكرت المصادر أن اشتباكات عنيفة تدور بين الفريقين قرب معسكر قوات الأمن الخاصة وفي شوارع وأحياء «القصر وكلابة وحوض الأشراف وفرزة صنعاء ووادي القاضي وصينة» في ظل سيطرة المسلّحين المناهضين لجماعة الحوثيّين على معظم مناطق المدينة التي تعد الأكثر كثافة سكانيّة في اليمن. وتواصلت المعارك في محافظة الضالع المجاورة مع تجدّد غارات قوّات التحالف على مواقع الحوثيّين، كما تواصلت في عدن وإلى الشمال منها في محافظة لحج التي يتقدم فيها الحوثيّون من جهة الغرب إلى عدن، وقال شهود إن طيران التحالف قصف مطار عدن ومناطق أخرى يتمركز فيها الحوثيّون في مديريّة خور مكسر ومنطقة المعاشيق. وتعيش معظم مناطق اليمن في ظلّ ظروفٍ إنسانيةٍ صعبة نتيجة افتقاد الخدمات الضرورية وتوقّف الدراسة وانعدام الوقود وانقطاع التيار الكهربائي وصعوبة النزوح إلى مناطق آمنة، فضلاً عن الأخطار المستقبلية نتيجة المكاسب التي تحقّقها على الأرض التنظيمات المتطرّفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة».