ازدادت قناعة اليمنيين أمس الجمعة بأن عملية "إعادة الأمل" التي بدأت الأربعاء الماضي لا تختلف ميدانياً عن عملية "عاصفة الحزم"؛ بعد أن عاينوا استمرار مقاتلات التحالف العربي بقيادة المملكة في توجيه ضربات للمتمردين بالتزامن مع اشتداد القتال بين قوات حلف (الحوثي – صالح) والمقاومة الشعبية في وسط وجنوب البلاد. وأحصت وكالة الأنباء "رويترز" 10 ضربات جوية على الأقل وجَّهتها المقاتلات أمس لمواقع الحوثيين عدة مدن يمنية "بينها تعز التي استُهدِف فيها مقر اللواء 35 مدرع بعد استيلاء المتمردين عليه". وعاين سكان يقيمون بالقرب من المدينة الواقعة جنوبي غرب البلاد غارة جوية استهدفت تجمعات حوثية في قرية الركب (غرب تعز) عند الساعة العاشرة والنصف من صباح الجمعة، وتحدثوا عن سقوط 8 من العناصر المتمردة بين قتيل وجريح. في السياق ذاته؛ أفاد مصدر محلي في عدن (جنوب) بأن المقاتلات استهدفت بين صباح أمس وليل أمس الأول تجمعات للمتمردين في مناطق المعلا وخور مكسر ودار سعد. وتحدث سكان عن رد القوات المتمردة على الغارات بقصف عشوائي للمنازل. وإلى الشمال من عدن؛ أكدت مصادر أن الضربات الجوية للتحالف استهدفت مواقع للحوثيين وقوات الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، في محافظة الضالع وفي عددٍ من مناطق مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج. وتحدث سكان في الحوطة عن ضرب تجمعات القوات الموالية للانقلاب في الشارع الرئيس للمدينة، ولاحظوا فرار العشرات من جنود هذه القوات إلى داخل الأحياء السكنية عقب وقوع هذه الغارات، بينما أشار سكان في مديرية صرواح التابعة لمحافظة مأرب إلى معاينتهم غارات قالوا إنها تأتي دعماً للمقاومة التي تقاتل لاستعادة المديرية. وشَمِلَت الغارات محافظة الحديدة (غرب)؛ إذ تعرض تجمع حوثي في منطقة زبيد لضربة جوية. وشمالاً؛ أغارت المقاتلات على منطقتي المثلث والحصامة الحدوديتين في محافظة صعدة (معقل الحوثيين)، بحسب موقع "سكاي نيوز عربية" الذي أشار إلى "قصف القوات السعودية بالمدفعية الثقيلة تجمعات للمتمردين بالقرب من مدينة حرض في محافظة حجة الحدودية". وبذلك؛ تكون قوات التحالف استهدفت في ثالث أيام "إعادة الأمل" مواقع لحلف (الحوثي – صالح) في 8 محافظات هي: تعز، عدن، الضالع، لحج، مأرب، الحديدة، صعدة وحجة. في غضون ذلك؛ وقعت اشتباكات عنيفة بين المتمردين والمقاومة في محافظاتعدنومأرب وتعز والضالع وشبوة. وذكر سكان في عدن أن الاشتباكات العنيفة بين الحوثيين والمسلحين المحليين استمرت أمس بالقرب من منطقة خور مكسر (وسط المدينة). وأعلنت المقاومة في المدينة عن بسط سيطرتها على مناطق المنصورة وكريتر وخوضها معركة للسيطرة على قلعة جبل الأهلية. وقال مصدر مقرب من المقاومة إنها خاضت مواجهة عنيفة للغاية خلال محاولتها السيطرة على جبل الأهلية المطل على شارع أروى، وأرجع هذه المحاولة إلى تمركز قنَّاصة في الجبل يستهدفون المدنيين، ما استدعى التحرك لطردهم. وأكد سكان في محافظة الضالع وقوع اشتباكات مماثلة أسفرت عن منع المتمردين من التقدم نحو عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه وتدمير المقاومة دبابة وآليتين عسكريتين والسيطرة على آلية ثالثة؛ وسط تأكيدات بمقتل وإصابة ما لا يقل عن 10 من مسلحي المليشيات وقوات صالح. وفي شبوة (جنوب)؛ قالت مصادر إن المقاومة استعادت مديرية نصاب بعد انسحاب المتمردين من مداخلها على خلفية مواجهات مسلحة دارت خلال اليومين الماضيين. وأكد مصدر محلي في نصاب، في تصريحات صحفية أمس، أن القوات المهاجِمة واجهت مقاومة شرسة في المدينة ما دفعها إلى التراجع والانسحاب، ولفت إلى احتفال المقاومين بتكبيد المليشيات خسائر فادحة في الآليات والمعدات والجنود مع قلة الإمكانيات لدى المقاومة. وفي تعز (غرب)؛ أفيد بحشد حلف (الحوثي – صالح) أعداداً كبيرة من الجنود في منطقة الحويلن استعداداً لاقتحام المدينة وسط تأهب من قِبَل المقاومة التي انتشر مسلحوها في أحياء المدينة تحسباً للهجمات. وفي مأرب (وسط)؛ أفادت مصادر قبلية بوقوع قتال عنيف في المحافظة أسفر عن مقتل 15 شخصاً "عندما تقدَّم المسلحون الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق في مديرية صرواح". وتزامنت الاشتباكات في صرواح مع شن مقاتلات التحالف العربي 5 غارات على مواقع سيطر عليها المتمردون بعد معارك دامية. وأورد موقع "المشهد اليمني" الإخباري أن المتمردين سيطروا على صرواح وأن المقاتلات شنَّت غارات على مواقعهم فيها "تحديداً في نصيب المحجر وحمة آل عمير ومنزل القيادي الحوثي مبارك المشن"، مشيراً إلى استهداف المقاتلات تعزيزات لحلف (الحوثي – صالح) في منطقة خولان وهي في طريقها إلى المحافظة. ونقل الموقع عن مصادر قولها إن المعارك اشتدت أمس في منطقة كوفل (غرب مأرب) بين القبائل والجيش الموالي للشرعية من جهة ومسلحي الحوثي والجيش الموالي لصالح من جهة ثانية، و"سقط مئات القتلى والجرحى في صفوف الطرفين بعد محاولة من المتمردين للزحف باتجاه مدينة مأرب، فيما تحاول القبائل مدعومةً بالجيش الموالي للشرعية استعادة صرواح". وأكدت هذه المصادر أن القبائل أسرت 5 مقاتلين حوثيين بينهم قيادي بارز. وكانت قيادة التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى اليمن أعلنت مساء الثلاثاء انتهاء "عاصفة الحزم" وبدء "إعادة الأمل"، وتعهدت باستمرار الضربات إذا عاود الحوثيون القتال، مع التركيز على الأعمال الإغاثية. وذكر مسؤولون سعوديون ومصادر في الأممالمتحدة ل "رويترز" أن السعودية دعت إلى اجتماع مع وكالات المعونة الرئيسة التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات لمناقشة تحسين توصيل المساعدات إلى اليمن. سياسياً؛ دعا علي عبدالله صالح إلى حوار يمني – يمني وآخر سعودي – يمني. وحثَّ في منشور على صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك"؛ ما سمَّاها "كل الأطراف المتصارعة في جميع المحافظات" إلى وقف القتال والعودة إلى الحوار وإطلاق سراح جميع الأسرى والمختطفين، وطالب الحوثيين ب "القبول بقرارات مجلس الأمن وتنفيذها" وب "تسليم المحافظات إلى الجيش والأمن تحت إمرة السلطات المحلية في كل المحافظات خصوصاً تعز"، موجَّهاً نفس الدعوة إلى تنظيم القاعدة ومن سمَّاهم "المسلحون الموالون لهادي"، في إشارةٍ إلى الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي. وقال صالح "أدعو كل الأطراف دون استثناء حتى الخصوم السياسيين الذين خاصموني منذ العام 2011 إلى الحوار والتسامح، وأنا سأتجاوز وأتسامح عن الجميع لمصلحة الوطن ومن أجل صيانة الدم اليمني"، وأشار إلى حتمية "التصالح والتسامح والعودة إلى حوار يمني – يمني"، مقترحاً بدء حوار آخر سعودي – يمني تحت رعاية الأممالمتحدة على أن يكون مقره في جنيف السويسرية. وفي نيويورك؛ أفاد دبلوماسيون بأن مجلس الأمن الدولي سيُعيِّن الإثنين المقبل الدبلوماسي الموريتاني، إسماعيل ولد شيخ أحمد، مبعوثاً خاصاً جديداً إلى اليمن. وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أعضاء المجلس في رسالة أمس الأول بعزمه تعيين ولد أحمد خلفاً للدبلوماسي المغربي، جمال بن عمر، الذي توسط في ترتيب انتقال السلطة في صنعاء عام 2011 بهدف كبح الاضطراب السياسي. وذكر خطاب أرسلته الرئيس الحالي لمجلس الأمن سفيرة الأردن، دينا قعوار، أنه إذا لم تصدر اعتراضات على المبعوث الجديد فسوف تتم الموافقة على التعيين صباح الإثنين. وأبلغ بان كي مون مجلس الأمن أن مبعوثه الجديد "سيعزز دوري في القيام بمساعٍ حميدة لإتاحة استئناف لعملية انتقال سياسي سلمية وشاملة ومنظمة تفي بالمطالب الشرعية وطموحات الشعب اليمني". وكتب الأمين العام في رسالة إلى المجلس "مبعوثي الخاص سيعمل عن كثب مع أعضاء مجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي والشركاء الآخرين". وينتشر العنف في اليمن منذ العام الماضي حين استولى الحوثيون على العاصمة وأبعدوا فعلياً الرئيس عبدربه منصور هادي. وتهاوت خطة بن عمر للسلام في الأشهر القليلة الماضية بعد إعلان المتمردين في يناير الماضي قيام سلطة جديدة هي اللجنة الثورية التي لم يُعترَف بها دولياً. وعُيِّنَ ولد شيخ أحمد في يناير من العام الماضي نائباً لمبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى ليبيا وكُلِّفَ في ديسمبر من العام نفسه برئاسة بعثة الأممالمتحدة للتصدي للإيبولا. ولدى ولد شيخ أحمد خبرة على مدى نحو 3 عقود من العمل في التنمية والمساعدات مع الأممالمتحدة. وسبق له أن خدم في اليمن بين عامي 2012 و2014، كما عمل منسقاً مقيماً للأمم المتحدة للتنمية والشؤون الإنسانية في سوريا بين عامي 2008 و2012. يُذكَر أن المهلة الممنوحة للمتمردين في اليمن من أجل بدء تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 المدرج تحت الفصل السابع الذي يتيح استخدام القوة؛ انتهت أمس الجمعة. وأدان القرار الذي صدر الثلاثاء قبل الماضي التصعيد العسكري الذي يقوم به الحوثيون في كثيرٍ من أنحاء اليمن، واستيلائهم على الأسلحة بما فيها منظومات القذائف من المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية. وطالب القرار المليشيات الحوثية بالكف عن استخدام العنف، وسحب قواتها من جميع المناطق التي استولت عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولت عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية وإطلاق سراح المعتقلين.