وسط هذا وذاك، تذوقت نكهة مختلفة أثناء التجول في قطر، فعلى رغم صغر مساحتها جغرافياً إلا أن السائح يستمتع بأصالة وعبق التاريخ الخليجي الممتزج بأدوات السياحة العالمية، وفي اعتقادي أن هذا ما يميز السياحة القطرية على مستوى دول العالم العربي والإسلامي، ما يسهل على قاصد السياحة القطرية تذوق السياحة العالمية بنكهة محلية. ومن أرض الحي الثقافي «كتارا» ينبعث شعور بأن الحضارات العالمية قديمها وجديدها بكل ألوانها تلتقي هناك، خصوصاً مع هندسة الطراز الشعبي السائد للحي بنكهة خليجية أو لكل قسم فيه بحسب نوع الحضارة، مُحققة هدف متبني مشروع الحي الأمير الأب حمد بن خليفة آل ثاني، لأجل أن تكون كتارا منارة ثقافية، إذ رُسم لها - وفق ما عرفناه عن الرؤية الوطنية لقطر 2030 - أن تكون بمقام الوصي على تراث وتقاليد قطر، وتسعى للتوعية بأهمية كل ثقافة وحضارة، حيث تستضيف كتارا الأحداث الثقافية على المستوى العالمي الإقليمي والمحلي، من خلال المسرح، والآداب، والفنون، والموسيقى، والمؤتمرات، والمعارض. ويخدم ذلك قاعة كبيرة متعددة الأغراض مع ثلاثة مسارح بطرازات متنوعة: مسرح روماني (في الهواء الطلق)، قاعة أوبرا، مسرح الدراما. كما تضم كتارا حالياً عدداً من الجمعيات والاستديوهات إلى جانب أكاديمية قطر للموسيقى، ومؤسسة سينمائية، ومراكز وجمعيات مهنية ومجلس للشعراء. وعزا أحد موظفي العلاقات العامة في كتارا ل«الحياة» خلال جولة تعريفية سبب التسمية ب«كتارا»، إلى أن Catara هو أول وأقدم مسمى استخدم للإشارة إلى شبه الجزيرة القطرية في الخرائط الجغرافية والتاريخية منذ العام 150، لافتاً إلى تشغيل المراحل الأولية فقط كم كتارا، والمتبقي سيُفعل مع الوقت فور انتهاء كل مرحلة. ومن قلب جزيرة اللؤلؤة القطرية، يعيش عدد من السياح الخليجيين والعرب والأجانب على ضفاف مرسى ملاذ «كمبينسكي» تجربة الإقامة المترفة بعيداً عن ضوضاء المدن، بين تذوق الجمال المعماري الذي يرتديه تصميم الفندق من الخارج حتى لحظة الولوج إلى البهو - كتحفة معمارية تسلب اهتمام العين والمشاعر - وفي كل ركن تسير فيه الخطوات عبر الممرات والغرف. وبحسب ما لاحظت لم يكن ذلك كافياً في سياسة المكان، بل يلفت النظر إقبال الموظفين والموظفات على ملاطفة الأطفال المرافقين لأسرهم، إلى جانب حضانة خاصة برعاية الأطفال انفرد فيها كمبينسكي على واجهة البحر، ما يعزز حرصهم على حقوق الصغير قبل الكبير. فيما يضم خيارات متنوعة لتناول وجبات بنكهات عالمية، من خلال 11 مطعماً فاخراً وصالة تقدم المأكولات الأصيلة العالمية المتنوعة لتناسب جميع الأذواق. وعلى بعد نصف ساعة زمنية من جزيرة اللؤلؤة، حيث سوق واقف، الذي استلهم القطريون اسمه لوقوف البائعين وعرض بضائعهم من البقل والسمك للبيع على جنبات الطريق المؤدية إلى السوق الكبير في الدوحة، وفقاً لرواة مختصون بالتراث القطري، إذ تعدّ سوق واقف من الأماكن القديمة في دولة قطر، إلا أنه أُجريت لها عملية ترميم وتجديد التصميم، مع الحفاظ على الأصالة في عهد أميرها السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وعُرفت سوق واقف كأهم المعالم السياحية في مدينة الدوحة. فيما يشتهر السوق حالياً ببيع المشغولات التراثية والمأكولات الشعبية الخليجية والعربية والعالمية، فلا تكاد تطأ أرض الزائر لقطر أرضها، إلا وتأخذه خطواته - عُرفاً - حيث حيوية المكان وكثرة العابرين فيه، فمعظم الأماكن في سوق واقف تفتح في المعتاد يومياً من العاشرة صباحاً وحتى ال12 ظهراً، ومن الرابعة عصراً وحتى العاشرة، وبعضها يفتح لمدة 24 ساعة.