انطلقت في الكويت أمس اعمال القمة الخليجية ال30، والتي افتتحها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح، وأكد في كلمة الافتتاح ان استهداف السعودية من المتسللين المسلحين (الحوثيين) يشكل «مساساً للامن الجماعي» لدول مجلس التعاون الخليجي. وتأتي القمة الخليجية وسط تداعيات سياسية واقتصادية وعسكرية بالغة الأثر على منطقة الخليج العربي، وخصوصاً تداعيات الملف النووي الإيراني والحرب في شمال اليمن، والأزمة الاقتصادية التي طاولت دبي، إضافة إلى الانشقاق الفلسطيني واستمرار إسرائيل في بناء المستوطنات. ويبحث القادة الخليجيون (ا ف ب) في قمتهم السنوية سبل مواجهة التداعيات المستمرة للأزمة الاقتصادية العالمية، ولكن في ظل انفراج أزمة ديون دبي، فضلاً عن الحرب الدائرة في شمال اليمن وآثار فرض عقوبات جديدة على ايران. وابرز محطات القمة ال30 للمجلس الذي يضمّ السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، ستكون اعلان العمل بالاتحاد النقدي الخليجي، وتدشين المرحلة الاولى من الربط الكهربائي بين دول المجلس. كما سيعطون الضوء الاخضر لمشروع طموح ببلايين الدولارات لربط الدول الاعضاء بشبكة سكك حديد ضخمة. وقال وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجارالله ان وزراء الخارجية الخليجيين اتفقوا خلال اجتماعهم التحضيري للقمة التي تستمر يومين على «برنامج زمني للوصول للعملة الخليجية الموحدة» التي كان يفترض ان تطلق في 2010. وكان مسؤولون خليجيون اكدوا ان قمة الكويت ستطلق الاتحاد النقدي الخليجي الذي يشمل اربع دول فقط من مجلس التعاون هي السعودية والكويت وقطر والبحرين، بعد انسحاب سلطنة عمان والامارات. وقد اكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح في وقت سابق ان قمة الكويت ستعلن «البدء بالعمل في الاتحاد النقدي نحو وحدة نقدية تخلق من اقتصادات دول مجلس التعاون منطقة اقتصادية على نسق ما يحدث في دول الاتحاد الاوروبي». وبات من الواضح ان الالتزام بالجدول الزمني للعملة الموحدة التي اطلق مشروعها في 2001، سيقتصر على انشاء مجلس النقد العام المقبل وليس العملة بحد ذاتها التي يبدو ان اطلاقها سيتأخر سنوات عدة. ويفترض ان تشكّل تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية بنداً رئيسياً على طاولة الزعماء الخليجيين الذين تعتمد دولهم على تصدير الطاقة، اذ تملك 45 في المئة من النفط العالمي وتنتج حالياً حوالى 15 مليون برميل من الخام يومياً. وقد دعا وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي في كلمة أمام نظرائه خلال اجتماع تحضيري للقمة عقد الأحد الى العمل معاً لتجنب «تداعيات إضافية» للأزمة الاقتصادية العالمية، مؤكداً ان الأزمة: «ما زالت تلقي بظلالها على اقتصادات دول المجلس». الا ان النبأ الجيد جاء من دبي، إذ اعلنت حكومة الامارة انها ستسدّد ديوناً تستحق اليوم (الاثنين) وستلتزم بدفع مستحقات ديون مجموعة دبي العالمية حتى نهاية نيسان (ابريل) المقبل حتى اعادة هيكلة المجموعة. وكانت المخاوف من أزمة الديون في دبي تخيم على دول الخليج. كما اتفق وزراء الخارجية بحسب الجارالله على مشروع قرار يتعلّق بانشاء هيئة سكك حديد لدول مجلس التعاون الخليجي، وهي هيئة ستشرف على مشروع الربط المشترك بالقطارات والذي قد تبلغ كلفته 25 مليار دولار، ويمتد على طول ألفي كيلومتر. ويدشّن الزعماءُ الخليجيون بعد افتتاح قمتهم مساء الاثنين رسمياً المرحلة الاولى من مشروع الربط الكهربائي لدول المجلس، والتي تشمل الكويت والسعودية وقطر والبحرين. الى ذلك اشار الجارالله الى ان مشروع البيان الختامي الذي اتفق عليه وزراء الخارجية، وسيرفع للقادة «يتضمن بنود عدة تتعلق بالاوضاع الاقليمية والاحداث التي تشهدها الساحة العراقية وآخر مستجدات القضية الفلسطينية وتطورات عملية السلام». ويعبّر مشروع البيان الختامي عن «بالغ القلق» ازاء «الاحداث التي تجري حالياً في اليمن وستؤكد حرصها على سلامة اليمن واستقراره وسيادته على اراضيه». وتعد الحرب في شمال اليمن مع المتمردين الحوثيين من ابرز البنود على مائدة الزعماء الخليجيين لا سيما وان السعودية باتت طرفاً مباشراً في هذه الحرب منذ مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. كما ان عوامل مثل نشاط تنظيم القاعدة في اليمن والحركة الانفصالية النشطة في الجنوب تؤرق دول مجلس التعاون ولا سيما السعودية. وكان وزير الخارجية اليمني ابوبكر القربي وصل الاحد الى الكويت حاملاً رسالة من الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الى القمة الخليجية. وقال القربي في مؤتمر صحافي الاحد ان الرسالة تتكلم عن تطورات الاوضاع على الساحة اليمنية. واشار الى انه سمع من امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح تأكيدات حول «الوقوف مع اليمن ودعم جهوده للخروج من التحديات التي يواجهها» وحول دعم مجلس التعاون لليمن في الجانبين «الاقتصادي والامني». كما يتضمن مشروع البيان بنداً عن «الملف النووي الايراني» مع التأكيد على حرص دول المجلس «على تحقيق نهاية سلمية لهذا الملف تحفظ الامن والاستقرار في المنطقة وتلتزم بمتطلبات الشرعية الدولية». ويبقى الملف الايراني الحاضر الدائم في القمم الخليجية منذ سنوات عدة، ولو ان وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح اكد عدم حضور اي مسؤول ايراني القمة. وقال الشيخ محمد «في حال فُرضت عقوبات على ايران، لا شك في ان المنطقة ستدخل في احتقان جديد. لذلك وبغض النظر ان كانت ايران تشكل خطراً ام لا، فان قضية الملف النووي الايراني تشكّل مصدر قلق وتحدياً امنياً على دول المنطقة».