تعاقب على كرسي وزارة الصحة خلال ال12 شهراً الماضية خمسة وزراء بتخصصات وخلفيات مختلفة، (طبيب، مهندس، كيميائي، اقتصادي)، وكانت المُحصلة تأكيداً لمقولة سابقة للملك فهد بن عبدالعزيز: «لم ينجح في هذا الكرسي أحد»، إذ إن إعفاء الوزراء تكرر كثيراً لأسباب مختلفة، تنوّعت بين ضعف القدرة على التعامل مع ظهور بعض الفايروسات، واستمرار مسلسل الأخطاء الطبية، وأخيراً ما يتداول عن التعامل بفوقية مع المواطنين. يروي الدكتور غازي القصيبي في كتابه «حياة في الإدارة»، حديثاً عابراً مع الملك فهد عام 1401ه، على لسان الملك: «ماذا أفعل بوزارة الصحة؟ اخترت لها أكفأ الرجال، ورصدت لها أضخم الاعتمادات.. ومع ذلك لم تتحرك، هذا هو القطاع الوحيد الذي لم يواكب التنمية»، ويضيف: «هل تدري ماذا قررت أن أفعل؟ قررت أن أتولى وزارة الصحة بنفسي، أتولاها شخصياً»، ويصف الملك حال وزارة الصحة في جملة قصيرة «لم ينجح فيها أحد»، فيما يُحدد القصيبي في كتابه أبرز المعوقات التي تواجه القطاع الصحي في سببين: «انعدام الانضباط بين العاملين في هذا القطاع، والآخر عدم تغيير المراكز الإدارية في الوزارة منذ أكثر من ربع قرن». سيناريو الحوار ذاته يتكرر في هذه المرحلة، إذ إن كرسي الوزارة المثير للجدل استعصى ترويضه على غالب التخصصات المتاحة في سوق العمل في البلاد، فالطبيب والمهندس والكيميائي والاقتصادي لم يتمكنوا من كبح جماحه والسيطرة عليه، ليكون الخيار قانونياً هذه المرة بتعيين محمد آل الشيخ وزيراً للصحة. لا تزال وزارة الصحة تشكل معضلة حقيقة أمام من يقود دفتها، ولعل تحديد ساعات العمل الرسمي في المراكز الصحية أبلغ دليل، الذي تمت دراسته أكثر من مرة، وتعدّدت فيه حالات الإقرار والتراجع. لم يُحدد سبب إعفاء الوزير السابق أحمد الخطيب من وزارة الصحة، وبالعودة إلى ما سبقه من قرارات فلم تكن الحكومة تعلن سبب إعفاء الوزراء، إلا أن عبارة «بناء على طلبه» عادة ما تحضر في بعض القرارات، ولكنها بدأت تختفي في الآونة الأخيرة، كما هو الحال في إعفاء الخطيب من وزارة الصحة، لتجعل من العمل والإنجاز مقياسين للاستمرار، في حين تداول مواطنون أسباباً عدة يأتي بينها ظهور الأخطاء الطبية وانتشارها، إضافة إلى التعامل مع المواطنين بفوقية -كما ظهر في أحد تسجيلات الفيديو الذي جمعه بأحد المواطنين- وكذلك عدم تعامله بالشكل الأمثل مع مستشفيات الحد الجنوبي. وكان ظهور الأمراض الوبائية وانتشارها واحداً من الأسباب التي أدت إلى إعفاء وزراء الصحة في السعودية خلال العقود الماضية، ولعل ظهور فايروس «كورونا» في نهاية نيسان (إبريل) الماضي وما تلاه من إعفاء للدكتور عبدالله الربيعة أحد الأمثلة القريبة، وعلى رغم محاولات من لحق به على كرسي الوزارة للسيطرة على الفايروس، إلا أنه لا يزال يتنقل بين مناطق السعودية، وإن كان البعض قد اعتبر المهندس عادل فقيه أكثرهم نشاطاً في هذا الجانب.