عانت وزارة الصحة ووزراؤها خلال الفترة الماضية عمليات إجهاض عدة لمشاريع خدمية كانت تحلم بولادتها، إلا أن حظها العاثر كان ملازماً لها منذ ما يزيد على ستة أعوام على رغم موازنتها الضخمة، ولسان حالها يردد أبيات الشاعر راشد النفيعي «هذي تجاعيد السنين.. ياليتها كانت رسم.. أتعب أقول الله يعين.. لو بان فعيوني وسم.. حتى وأنا قلبي حزين.. للناس وجهي يبتسم». تعاقب على وزارة الصحة خلال الأعوام الستة الماضية ثلاثة وزراء، فبعد إعفاء الدكتور حمد المانع، وتولي الدكتور عبدالله الربيعة وزارة الصحة في 14 شباط (فبراير) 2009، رفض مشروع التأمين الصحي الحكومي الذي تم درسه في عهد وزير الصحة الأسبق حمد المانع، وكان المشروع على وشك الاعتماد قبل توليه المنصب. وعزا الربيعة - وقتها - سبب رفضه للمشروع إلى حاجته لمزيد من الدراسة، كما أن الربيعة لم يسلم من «صداع» الوزارة ومطباتها المتلاحقة، إذ جرى في عهده حدوث أخطاء طبية عدة كان أبرزها نقل دم ملوث بفايروس «الأيدز» إلى الطفلة «رهام»، وآخرها كارثة انتشار فايروس «كورونا» التي تسببت في وفاة 364 حالة منذ عام 2012، وكان هذا الفايروس هو السبب الرئيس بحسب المراقبين في إعفاء الدكتور عبدالله الربيعة من منصبه كوزير للصحة العام الماضي، وتكليف المهندس عادل فقيه وزيراً موقتاً بدلاً منه، في 21 نيسان (أبريل) 2014. ونجح المهندس عادل فقيه سريعاً في محاصرة فايروس «كورونا» وتقليص نسبة الإصابات بالمرض بشهادة منظمات دولية، ودعا إلى رفع درجة مكافحة الفايروسات والأمراض الوبائية لمستويات عالية، بهدف منع انتشار الفايروسات، خصوصاً بعد زيادة نسبة الإصابة بفايروس «إيبولا» القاتل في عدد من الدول الأفريقية، وزيادة المخاوف من انتقاله إلى السعودية. الدكتور محمد آل هيازع الذي تم تعيينه في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2014 وزيراً للصحة، هو أيضاً ممن تعرضوا لصداع الوزارة، كما يعتبر قرار تعيينه أحد آخر القرارات الملكية في عهد الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إذ عمد إلى إعادة هيكلة موظفي الوزارة، شملت إقالة كوادر عدة تم تعيينها في عهد وزير الصحة السابق المهندس عادل فقيه، وإحلال كوادر جديدة محلها، وكان من بينها، وكلاء في وزارة الصحة، ومديرون في الشؤون الصحية في عدد من مناطق السعودية، إضافة إلى عدد من مديري المستشفيات، ولم يمض على تعيين الدكتور محمد آل هيازع في منصبه كوزير للصحة سوى 53 يوماً، حتى تم إعفاؤه من منصبه بمرسوم ملكي في 29 كانون الثاني (يناير) 2015، بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حكم البلاد، ليعلن الأمر الملكي تعيين أحمد الخطيب وزيراً للصحة وإكمال مسيرة التنمية. من جهته، أكد المدير العام للشؤون الصحية بمكةالمكرمة سابقاً الدكتور عبدالسلام نور ولي ل«الحياة» أن «أهل مكة أدرى بشعابها»، وأنه من خلال خبرته فهنالك ملفات ومشاريع كثيرة تنتظر الوزير الجديد، مضيفاً أن بعض هذه المشاريع متعثر والبعض الآخر متأخر. وأشار نور ولي إلى أن خبرة أحمد الخطيب في مجالات عمله السابقة، وفكره التطويري ربما سيساعده في تخطي مشكلات وزارة الصحة، منوهاً بأنه من بين الملفات المهمة التي من المفترض أن تطرح على طاولة الوزير الجديد موضوع مواعيد المرضى، خصوصاً في المناطق البعيدة والنائية، والتي توجد بها مستشفيات ولكنها تخلو من القوى العاملة، مبيناً أنه يوجد عزوف عن الذهاب إليها من السعوديين، وحتى من المتعاقدين. وأوضح أنه من المفترض وضع مميزات ترغيبية لمثل هؤلاء لدفعهم للعمل في هذه المناطق، وعدم مساواتهم بمن هم داخل المدن، لافتاً إلى أن من بين الملفات أيضاً سلم الرواتب الخاص بالسعوديين والمتعاقدين، إذ إن سلم الرواتب ومنذ فترة طويلة لم يتغير، ما تسبب في حدوث تسرب وظيفي، إضافة إلى عزوف المتعاقدين عن العمل في هذا المجال. ولفت إلى أن وزارة الصحة يعمل فيها نحو 300 ألف موظف غالبهم من أبناء الوطن الذين يجب النظر والتفكير في مواهبهم الإيجابية واستثمارها لمصلحة المريض، وذلك لزيادة الإنتاج، ورفع مستوى الخدمة المقدمة. وأضاف: «أنا تجربتي بسيطة، ولكن وجدت أن تغير فكر الكوادر الصحية العاملة تحد كبير واجهته من خلال عملي كمدير لمستشفى النور مدة عام تقريباً، وكمدير للشؤون الصحية في منطقة مكةالمكرمة مدة عام أيضاً، ولكن هذا التغير سرعان ما يتلمسه المواطن على جميع المستويات».