قالت جمعية حقوقية وتكتل معارض بأن أكثر من ربع مليون مدني محاصرون في دير الزور شمال شرقي البلاد، بين فكي النظام السوري وتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش). وحذرا من كارثة انسانية ومجاعة جراء ذلك. وقالت «الشبكة السورية لحقوق الانسان» في تقرير أمس ان محافظة دير الزور «تعتبر من أبرز المحافظات السورية التي شاركت في الاحتجاجات الشعبية ضد السلطات الحاكمة، وتقدر إحصائيات المشاركين في أحد أيام الجمعة بقرابة ال 400 ألف شخص». وتابعت: «بعدما خرجت أجزاء واسعة منها عن سيطرة القوات الحكومية في نهاية عام 2013 شنّ الطيران الحكومي عليها غارات شبه يومية تسببت في دمار ربع أبنيتها تقريباً، وفي النصف الثاني من عام 2014، شنّ تنظيم «داعش» هجمات متواصلة على المعارضة المسلحة، وقتل 1152 شخصاً منها، وتعتبر محافظة دير الزور بالتالي أكثر محافظة سورية قتل تنظيم «داعش» من أبنائها المسلحين». وأشارت «الشبكة السورية» الى ان الخيارات امام المدنيين محدودة «ما بين العيش في ظل استبداد وقمع والتعرض لنهب واعتقالات وتعذيب من قبل السلطات الحكومية والحصار من تنظيم «داعش»، أو العيش في مناطق يسيطر عليها ويفرض قوانين متشددة كما يمارس عمليات الترهيب والاحتجاز، وأيضاً تخضع للقصف اليومي من قِبَل الطيران الحكومي». واشارت الى انه في منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي «فرض تنظيم داعش سياسة الحصار على حيي الجورة والقصور في مدينة دير الزور، بهدف تضييق الخناق على هذين الحيين الخاضعين لسيطرة القوات الحكومية، وفي بداية شباط (فبراير) 2015 شدد قبضة الحصار وأغلق جميع الطرق والمعابر، ما تسبب في زيادة معاناة حوالي 277 ألف نسمة يقطنون في تلك الأحياء، معظمهم نازحون من أحياء ومناطق في دير الزور تقع تحت سيطرته». وفي بداية الشهر الماضي «بدأت الأوضاع المعيشية تسوء بشكل كبير بعد نفاد المؤن والمواد الغذائية، بخاصة بعد قيام القوات الحكومية بقطع الطريق الدولي بين دمشق ودير الزور، وهو الطريق الوحيد الذي يمدّ المدينة بالمواد الغذائية والطبية ومواد البناء، كما قامت القوات الحكومية بمنع العائلات من الخروج إلى مناطق سيطرة التنظيم، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع بشكل أكبر»، بحسب تقرير «الشبكة» الذي اضاف ان القوات الحكومية وانصارها «لا يتأثرون بهذا الحصار، حيث يتم نقل المواد الغذائية ومختلف الاحتياجات لهم عبر طائرات تحط في مطار دير الزور العسكري». واشار الى انه منذ نهاية الشهر الماضي «بدأت خدمة التيار الكهربائي بالانقطاع لفترات طويلة عن حيي الجورة والقصور، وبالتالي انقطاع مياه الشرب، إثر توقف محطات المياه عن العمل، ومما زاد من صعوبة الوضع القائم قلة المحروقات اللازمة لتشغيل المحطات وارتفاع سعرها. أما الغاز فهو مفقود بشكل كامل». ومنع «داعش» منظمة الهلال الاحمر السوري من دخول الاحياء المحاصرة وتقديم المساعدات «ما تسبب في نفاد مادة الكلور السائل المستخدمة في تعقيم مياه الشرب، وهذا أجبر العاملين في محطات المياه على استخدام هيبوكلوريت الصوديوم أو مسحوق الكلور البودرة كبديل لتعقيم المياه». وقال أهالي في المنطقة ان «الأوضاع المعيشية كارثية، ومجاعة جدية تهدد السكان في الأحياء المحاصرة، إضافة إلى بدء انتشار شبح الأوبئة والأمراض». وقالت «الشبكة»: «إن قلة المياه وانعدام القدرة على تعقيمها سيسببان حتماً انتشاراً أوسع لأمراض التهاب الكبد والحمة والكوليرا، إضافة إلى الأمراض الجلدية كالقمل». من جهته، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض انه «يدين أفعال نظام (الرئيس بشار) الأسد وتنظيم الدولة في أشد العبارات، بما فيها حصار مدينة دير الزور، محمّلاً نظام الأسد المسؤولية الأكبر لما يجري من أحداث داخل مدينة دير الزور، حيث يساعد على إكمال الحصار على المدينة، وزيادة معاناة المدنيين المحاصرين هناك». وأشار الى ان النظام «المستفيد الأكبر من الحصار، وذلك للتباكي على أعتاب مجلس الأمن وإظهار نفسه بدور الضحية». ودعا «الائتلاف» الأممالمتحدة ومؤسساتها الإغاثية التي «تصر على التعامل مع النظام أن تعمل للضغط على النظام للسماح بإدخال المساعدات العاجلة للمدنيين المحاصرين، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2139 القاضي بإدخال المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق المحاصرة»، مضيفاً ان النظام «يرفض طلبات الصليب الأحمر لإيصال المساعدات والغذاء والدواء للمدنيين البالغ عددهم نحو 400 ألف مواطن عبر مطار المدينة الذي لا يزال تحت سيطرة قواته، بينما يمنع داعش القوافل البرية من المرور إلى المدينة بما فيها المساعدات الغذائية والطبية، في تبادل واضح للأدوار وتناغم بإطباق الحصار على المدنيين بين النظام والتنظيم». وأطلق ناشطون إعلاميون وحقوقيون حملة بعنوان «ارفعوا الحصار عن دير الزور» لإنقاذ المدنيين المحاصرين داخل أحياء المدينة.