دارت خلال الأيام العشرة الماضية وحتى مساء أمس معركة ديبلوماسية ضارية، وان اتسمت بالصمت، بين الفلسطينيين والإسرائيليين على الساحة الأوروبية محورها مشروع القرار الداعي إلى إعلان القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الذي قدمته السويد إلى اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي المنعقد في بروكسيل. وتفرغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ومعه جيش من الديبلوماسيين العاملين في السفارات الإسرائيلية في أوروبا لإحباط المشروع، فيما تولى رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض العمل مع الديبلوماسيين الفلسطينيين لحشد التأييد للقرار الذي تصوت عليه دول الاتحاد اليوم. وجمع فياض في رام الله سفراء وممثلي الدول الأوروبية ظهر الأربعاء الماضي في لقاء غير معلن في مكتبه، وأبلغهم رسالة السلطة الفلسطينية، ومفادها أن «أوروبا أمام اختبار تاريخي لمواقفها من الصراع العربي - الإسرائيلي». وبحسب مصادر ديبلوماسية أوروبية شاركت في الاجتماع، فإن فياض حذر الأوروبيين من أن أي تراجع لدورهم سيشكل ضربة قوية لجهود إحياء العملية السلمية، خصوصاً بعد تراجع الموقف الأميركي من وقف الاستيطان. ونقلت المصادر عن رئيس الوزراء قوله إن «أوروبا حافظت دائماً على موقف متميز من قرارات الشرعية الدولية تجاه القضية الفلسطينية، لكن أي تراجع في هذا القرار سيعد تراجعاً تاريخياً يدوم تأثيره طويلاً». ورأى فياض أن «قراراً أوروبياً متوازناً سيعيد الأمل للفلسطينيين بمستقبل عملية السلام، بعد فقدانهم كل الأمل في هذه العملية، خصوصاً أنه يأتي في مواجهة حملة إسرائيلية هائلة للتأثير في مواقف الدول الأوروبية». واتبع فياض لقاءاته تلك بسلسلة اتصالات هاتفية مع غالبية وزراء خارجية دول الاتحاد. واستند فياض في اتصالاته الأوروبية على تفاهمات سابقة مع الاتحاد في شأن مستقبل المسيرة السلمية، ففي شهر أيار (مايو) الماضي، اتفق مع الممثل الأعلى للسياسية الخارجية الأوروبية خافير سولانا على أن القضية الفلسطينية يجب أن تُعاد إلى الأممالمتحدة في حال فشل جهود السلام. وتشير مصادر ديبلوماسية غربية إلى أن ذلك الاتفاق أو التفاهم بين الرجلين تمخض عن تصريحات سولانا المثيرة للجدل عن ضرورة تبني الأممالمتحدة مشروع قرار لإقامة الدولة الفلسطينية في حال فشل مفاوضات السلام في التوصل إلى حل في هذا الشأن. وأعقب ذلك إعلان فياض خطته لبناء مؤسسات الدولة في غضون عامين، وهي الخطة التي كانت أوروبا أول المبادرين إلى تبنيها، وفق ما أعلن سولانا في وقت لاحق في رام الله. وتلفت مصادر فلسطينية إلى أن فياض ليس واثقاً من نتيجة التصويت الأوروبي على مشروع القرار السويدي، لكنه يرى أن المعركة الفلسطينية لم تكن سهلة نظراً إلى الجهد الكبير الذي بذلته إسرائيل للتأثير في دول الاتحاد. وقالت سفيرة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي ليلى شهيد أمس في مقابلة مع إذاعة «صوت فلسطين» في رام الله إن «هناك دولاً أوروبية داعمة لنا، وهناك دولاً لا تخفي انحيازها إلى إسرائيل، لكن هناك دول بين بين». واعتبرت أن موقف الدول التي لم تحسم قرارها سيؤثر في الصيغة النهائية للقرار.