«والدي بطل، أتمنى أن أكون في أحد الأيام مثله».. اكتفى بقولها وائل ذو الأعوام الثمانية، نجل الشهيد العريف سليمان علي يحيى المالكي (31 عاماً)، عن أبيه الذي سجل كأول شهيد سعودي في عاصفة الحزم. جموع غفيرة تزاحمت مساء أمس لحمل جسد الشهيد المالكي، ليحمله على الأكتاف أحبائه وأقاربه، وسط أجواء من الحزن الممزوج بالفخر، أظهرته هامات مرتفعة، مفتخرة بتقديم أول الشهداء. وفي أحد الجوامع الكبيرة بمدينة أبها (جنوب السعودية) أدى المواطنون صلاة الجنازة، قبل أن يشيعوه إلى قبره. ودّع الشهيد المالكي ابنه وزوجه، عاقداً في قلبه إحدى الحسنيين، إما النصر، أو الشهادة، ليحتفظ العالم الرقمي بجملته الأخيرة «اللهم انصر قواتنا، واحفظ مليكنا ووطننا، والمسلمين» التي كتبها على حسابه التواصلي. تلقى علي المالكي وزوجته فجر أمس خبر وفاة ابنهما سليمان، فما كان من والدته إلا أن فرشت سجادة صلاتها لتصلي لربها ركعتين مظهرة رضاها بما قسمه الله لها. واستشهد المالكي أول من أمس أثناء مرابطته في إحدى نقاط المراقبة الحدودية المتقدمة في مركز الحصن بمنطقة عسير، بعدما تعرض وزملاؤه لإطلاق نار كثيف من منطقة جبلية مواجهة للحدود السعودية. يقول والد المالكي ل«الحياة»: «تلقينا الخبر بكل اعتزاز فجر أمس، وفور تلقينا الخبر ذهبنا لمحافظة ظهران الجنوب، إذ التقينا بقيادات حرس الحدود، وأخبرونا بقصة استشهاده». وأضاف: «صحيح أن المصاب جلل في وفاة ابني، لكن عزائي بأنه ذهب فداء للوطن، وهذا أقل ما نقدمه له». في حين عبر شقيقه الأكبر يحيى عن فخره واعتزازه بأخيه، وقال: «رحم الله الفقيد رحمة واسعة، قدم شقيقي روحه رخيصة فداء للدين ثم للمليك والوطن، ولم يزدنا رحيله إلا اعتزازاً بهذه البلاد»، فيما اكتفى شقيقه الأصغر بالقول: «أحمد الله أن شقيقي قدم إلى ربه وهو يحمل وسام العزة للدين ثم الوطن». وعبر رسالة أرسلها الشهيد إلى عائلته، أبلغ الشهيد المالكي أقاربه قبل وفاته بثلاثة أيام أنه أتم حفظ الجزء الثامن من القرآن الكريم وهو مرابط على الحد الجنوبي، فيما هاتف الليلة التي سبقت استشهاده والدته وطلب منها الدعاء له ولزملائه. وبحسب مصادر ل«الحياة» فإن مجاميع من الميليشيات الحوثية هاجمت نقطة حدودية في محاولة منهم لاختراق الحدود السعودية، فتصدى لهم رجال حرس الحدود المرابطون في إحدى نقاط مركز الحصن في ظهران الجنوب بمنطقة عسير المحاذية لحرس الحدود بجازان (يبعد عن الحدود نحو ثلاثة كيلومترات)، ليحقق أفراد الميليشيات مجموعة من الإصابات بين رجال حرس الحدود، فاستشهد العريف المالكي وأصيب 10 جنود آخرين قبل أن تتدخل طائرة الأباتشي للقضاء على الميليشيات في الموقع نفسه، ويتم نقل الشهيد وعشرة من زملائه إلى مستشفى عسير. وأوضح المتحدث الأمني في وزارة الداخلية أنه عند الساعة العاشرة من مساء أول من أمس، وأثناء أداء رجال حرس الحدود مهماتهم في إحدى نقاط المراقبة الحدودية المتقدمة بمركز الحصن بمنطقة عسير، تعرضوا لإطلاق نار كثيف من منطقة جبلية مواجهة داخل الحدود اليمنية، مما اقتضى الرد على مصدر النيران بالمثل، والسيطرة على الموقف بمساندة القوات البرية. وأضاف: «نتج من تبادل إطلاق النار استشهاد العريف سلمان علي يحيى المالكي تغمده الله بواسع رحمته وتقبله في الشهداء، وإصابة 10 من رجال حرس الحدود بإصابات غير مهددة للحياة، إذ تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة».