قبل ساعات من انتهاء مهلة للتوصل إلى إطارٍ لاتفاقٍ سياسي بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، ظهرت مؤشرات إلى إمكان إعلان الجانبين بياناً عاماً لتفاهمٍ غير مكتوب يتيح متابعة المفاوضات حتى إبرام اتفاق نهائي أواخر حزيران (يونيو) المقبل. لكن مسؤولاً أميركياً بارزاً أعلن أن المفاوضات قد تستمر اليوم، «إذا واصلنا إحراز تقدّم، وصولاً إلى غدٍ (اليوم)، إذا كان ذلك مفيداً». وعقدت إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) مفاوضات ماراتونية في مدينة لوزان السويسرية. وأعرب سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، عن أمل ب «مفاجأة إيجابية»، فيما ذكر الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي أن المفاوضات «تتقدّم ببطء». وبعد مفاوضات مكثفة، بدا حتى ليل أمس، أن الجانبين لم يسوّيا خلافات في شأن عدد أجهزة الطرد المركزي المُستخدمة في تخصيب اليورانيوم والتي سيُتاح لإيران امتلاكها، ومسألة نقل مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى الخارج، وقضيّتَي البحوث والتطوير في برنامجها النووي، وتحديد مدة الاتفاق، إضافة إلى رفع العقوبات المفروضة عليها. وتطالب الدول الست برقابة صارمة على البرنامج تمتد 15 سنة، فيما ترفض طهران أن تتجاوز السنين العشر. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير: «علينا أن نتأكد من أن ما سيحصل بعد السنين العشر الأولى، شفاف وقابل للتحقق». واعتبر أن شروط إيران «طموحة جداً». كما تريد إيران رفعاً فورياً للعقوبات التي يفرضها مجلس الأمن، لكن الدول الست تتمسك برفعٍ تدريجي، وبآلية تتيح إعادة فرضها سريعاً، إذا انتهكت طهران التزاماتها. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين، أن إيران والدول الست ستصدر بياناً مشتركاً، إضافة إلى وثائق تحدّد تفاهمات أكثر تفصيلاً، ما يتيح للجانبين إعلان تحقيق تقدّمٍ يكفي لمتابعة المفاوضات. لكن مصادر في طهران أبلغت «الحياة» أن إيران لا ترغب في وضع وثيقة مكتوبة، وتصرّ على قرار يصدره مجلس الأمن في شأن أي اتفاق، ليكون ضمانة لتنفيذ القرار وملزماً للجميع. وإذا توصل طرفا المفاوضات إلى إطار واسع لاتفاق، يترك التفاصيل الرئيسة بلا حلّ، قد يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما معارضة شديدة من الجمهوريين في الكونغرس الذين يرغبون في تشديد العقوبات على طهران. كما يُرجّح أن يواجه الرئيس الإيراني حسن روحاني حملة من خصومٍ يناهضون أي اتفاق مع الغرب، معتبرين أنه سيتضمّن «تنازلات». وكان أوباما استحضر خطاباً شهيراً للرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي، للدفاع عن نهجه الديبلوماسي في الملف النووي الإيراني، إذ قال إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري «يدافع عن مبدأ تمّسك به» كينيدي وشقيقه الأصغر تيد، أحد أبرز قادة الحزب الديموقراطي، مفاده: «علينا ألا نفاوض أبداً تحت وطأة الخوف، ولكن علينا ألا نخشى أبداً التفاوض». ورجّحت «أسوشييتد برس» أن يكون تلطيف اللغة المعتمدة، من إطارٍ ل «اتفاق» إلى إطارٍ ل «تفاهم»، سببه جزئياً رفض مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي اتفاقاً على مرحلتين. ونقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسي غربي، أن الاتفاق المحتمل سيكون «منقوصاً وسيؤجل التعامل مع قضايا»، علماً أن إيران والدول الست مدّدت مرتين المهلة لإبرام اتفاق نهائي، منذ توصلت إلى اتفاق موقت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013. إلى ذلك، تابع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حملته على المفاوضات مع طهران، إذ اعتبر أن «الاتفاق الذي يُصاغ في لوزان يمهّد» لامتلاكها سلاحاً نووياً. وأضاف انه «سيترك لإيران منشآتها تحت الأرض والمفاعل النووي في آراك وأجهزة طرد مركزي متطورة».