قبل يومين من انتهاء مهلة ابرام الاتفاق النووي، تسارعت في مدينة لوزان السويسرية وتيرة المفاوضات الماراتونية بين إيران والدول الست، ومعها وتيرة إشارات متضاربة حتى ليل أمس في شأن توصل الجانبين الى إطارٍ لاتفاق يطوي ملف البرنامج النووي الإيراني. الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست، اعتبر أن «الوقت حان لتوجّه إيران رسالة واضحة الى المجتمع الدولي» مفادها: «هل سيتعاطى (الإيرانيون) بجدية مع التدابير المُتخذة ويدعمون بالأفعال خطابهم القائل إنهم لن يحاولوا امتلاك سلاح نووي؟»، وأضاف: «إذا أرادوا اتخاذ هذه الالتزامات، عليهم أن يكونوا قادرين على ذلك بحلول نهاية آذار (مارس). نريد أن يوافقوا على عمليات تفتيش دقيقة... لتخفيف قلقنا من برنامجهم النووي». وصعّدت إسرائيل لهجتها أمس، متعهدة أن تتابع حتى آخر حزيران (يونيو) المقبل، محاولاتها لإحباط أي اتفاق يُبرم بحلول نهاية الشهر. واعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن «الاتفاق الخطِر الذي يتم التفاوض عليه في لوزان، يؤكد كل مخاوفنا، بل أكثر من ذلك». (للمزيد) وفي مؤشر الى تكثيف المفاوضات في لوزان، ألغى وزير الخارجية الأميركي جون كيري رحلة عودته الى الولاياتالمتحدة، ونظيراه الفرنسي لوران فابيوس والألماني فرانك فالتر شتاينماير زيارةً الى كازاخستان، وكان وصل الى سويسرا معظم وزراء خارجية الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا). وقال فابيوس: «يحدونا أمل (بإبرام اتفاق)، ولكن ما زال أمامنا كثير من العمل يجب إنجازه». وأفادت وكالات أنباء بموافقة إيران على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي المُستخدمة في تخصيب اليورانيوم، بمعدل يفوق الثلثين، ونقل معظم مخزونها من اليورانيوم المرتفع التخصيب إلى الخارج. وأشارت الى أن الدول الست تدرس السماح لطهران بنشاطات محدودة تخضع لمراقبة مشددة، في منشأة فردو المحصنة للتخصيب. لكن ديبلوماسيين إيرانيين اعتبروا هذه المعلومات مجرد «تكهنات صحافية» هدفها «الإخلال بالمفاوضات». وقال أحدهم: «قواعد المفاوضات تبقى احتفاظنا بالتخصيب وامتلاكنا عدداً ضخماً من أجهزة الطرد المركزي، وعدم إغلاق أي موقع، خصوصاً فردو». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مفاوض إيراني بارز قوله مساء: «لم يتم التوصل إلى أي اتفاق، وهناك مسائل عالقة ما زالت تتطلب حلاً. بدل محاولة إشاعة هذا المناخ، على الأطراف المعنيين أن يتخلوا عن مطالبهم المُبالغ فيها ويتخذوا قراراً استراتيجياً ويقولوا هل يريدون الاتفاق أو الضغط». ونفى ديبلوماسي غربي تكهنات بالتوصل الى اتفاق، وأقرّ بتحقيق تقدّم في نقاط، مستدركاً أن طهران لم تقدّم «تنازلات» في شأن «نقاط صعبة». وقال ل «الحياة» إن الدول الست تستبعد إمكان رفع فوري للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن على إيران، لافتاً الى أن ذلك لن يتحقق سوى تدريجاً وفق تقارير تعدّها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولفت الى احتمال تسريع رفع العقوبات الاقتصادية، مستدركاً أن الأمر يتطلّب وقتاً ويعتمد على تنفيذ طهران التزاماتها في أي اتفاق. وأضاف أن مسألة البحوث والتطوير في البرنامج النووي ما زالت عالقة، لافتاً الى أن باريس تريد اتفاقاً تمتد فترة تطبيقه 15 سنة. وكان ديبلوماسي غربي في طهران أبلغ «الحياة» أن إيران والدول الست توصلت الى تفاهمات في شأن كل نقاط الخلاف، مضيفاً أنها تدرس آلية إخراج الإعلان عن اتفاق.