انتقلت المعارك بين مقاتلي المعارضة السورية والقوات النظامية إلى «معسكر الطلائع» بين إدلب وأريحا في شمال غربي البلاد، بعد سيطرة تحالف معارض على المدينة، حيث تبين أن أجهزة الأمن أعدمت معتقلين في سجونها قبل انسحابها من إدلب. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «عثر على جثامين 15 شخصاً في معتقل تابع للمخابرات العسكرية في مدينة إدلب»، موضحاً أن «مقاتلين قالوا إن المخابرات العسكرية أعدمتهم قبل طردها من مدينة إدلب التي سيطرت عليها جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية وتنظيم جند الأقصى وعدة فصائل إسلامية أخرى بالكامل». وبث نشطاء معارضون شريطاً مصوراً في موقع «تويتر» أظهر اكتشاف المقاتلين جثامين المعتقلين في سجن في إدلب. وظهرت في الشريط المصور تسعة جثامين على الأقل في إحدى الزنزانات المظلمة، ولم يمكن التحقق من كيفية مقتلهم. وكان «جيش الفتح» الذي يضم تكتلاً من فصائل المعارضة، بينها «النصرة»، سيطر بالكامل على إدلب (شمال غرب) الاستراتيجية والحدودية مع تركيا لتكون المدينة الثانية تخرج عن سيطرة النظام السوري بعد مدينة الرقة (شمال) معقل تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، منذ بدء النزاع السوري منتصف آذار (مارس) 2011. وقتل في المعارك، التي استمرت خمسة أيام، 170 مقاتلاً من الطرفين. وبسيطرتها على مدينة إدلب أصبحت المعارضة في معظم محافظة إدلب الحدودية مع تركيا، باستثناء جسر الشغور وأريحا اللتين لا تزالان، بالاضافة إلى مطار أبو الضهور العسكري وقواعد عسكرية أخرى، في أيدي قوات النظام. من جهته، قال مصدر امني سوري لوكالة «فرانس برس»: «أعيد تموضع القوات في محيط مدينة إدلب بشكل مناسب من أجل مواجهة أفواج الإرهابيين المتدفقين عبر الحدود التركية إلى المنطقة ليكون الوضع اكثر ملائمة لصد الهجوم». ونقلت صحيفة «الوطن» القريبة من السلطات الأحد عن مصدر ميداني في إدلب قوله، إن «الجيش نفذ عملية إعادة تجميع ناجحة لقواته في جنوبالمدينة وضبط خرق المجموعات الإسلامية المتشددة في جيش الفتح بقيادة جبهة النصرة وأوقف تقدمها من الجهتين الشمالية الشرقيةوالجنوبية الغربية». وأشارت الصحيفة إلى «إرسال تعزيزات عسكرية للجيش لبدء عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مناطق أخلاها سابقاً بعد إجلاء السكان إلى مناطق آمنة عبر طريق أريحا - اللاذقية». من جهة أخرى، أشاد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض بالسيطرة على المدينة. وقال في بيان إن «تحرير مدينة إدلب يمثل انتصاراً هاماً على طريق تحرير كامل التراب السوري». ولم يسم الائتلاف الفصائل التي قال إنها تمكنت من «تحرير كامل مدينة إدلب»، لكنه أكد «ثقته بقوى الثورة التي تدافع عن المدنيين (...) وتحترم العهود والمواثيق الدولية». ورأى محللون أن تقدم «جيش الفتح» وضع «الائتلاف» والفصائل «المعتدلة» في موقف صعب. وقال الباحث الزائر في مركز «بروكينغز» في الدوحة تشارلز ليستر، إن «السيطرة على إدلب تشكل دفعاً قوياً للمعارضة السورية، لكنها تبرز مرة جديدة التقصير الفعلي للمعتدلين». وأضاف: «انطلاقاً من توسع جبهة النصرة في إدلب في الأشهر التسعة الأخيرة، من غير المنطقي الاستنتاج بأن المدينة لن تصبح في نهاية المطاف عاصمة للنصرة ومعقلاً لها». في حلب شمالاً، قال «المرصد» إن «اشتباكات دارت بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من طرف، والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من طرف آخر، بالقرب من الكراجات في حي الليرمون شمال حلب وفي محيط قريتي باشكوي وحندرات بريف حلب الشمالي بين قوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، والكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وجبهة النصرة وجبهة أنصار الدين من طرف آخر، في محاولة لقوات النظام والمسلحين الموالين لها التقدم باتجاه طريق الكاستيلو شمال حلب». في الجنوب، شهد ريفا درعا الغربي والشرقي توتراً بين «حركة المثنى الإسلامية» و «أسود أهل السنة» بعد السيطرة على بلدة بصرى الشام في الشهر الجاري، على خلفية «الاختلاف على اقتسام الأسلحة والذخيرة المستولى عليها في البلدة»، وفق «المرصد» الذي أشار إلى اشتباكات وقتلى من الطرفين. وقال «المرصد» إن قوات النظام مناطق مختلفة في أطراف دمشق بالتزامن مع مواجهات عنيفة في حي جوبر شرق دمشق. وزاد: «دارت اشتباكات بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة من جهة أخرى في حي جوبر، وسط فتح قوات النظام لنيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في الحي». إلى ذلك، أفاد «المرصد» بأنه «وثق إعدام تنظيم «الدولة الإسلامية» 61 شخصاً في مناطق سيطرته في سورية خلال الشهر التاسع من إعلانه «دولةَ الخلافة» في حزيران (يونيو) الماضي.