أكد اقتصاديون أن موافقة مجلس الوزراء على فرض رسوم على الأراضي البيضاء أمس، الذي طال انتظاره منذ أعوام، من شأنه أن يخفض أسعار الأراضي، متوقعين أن يتم ذلك خلال عامين، فيما أشاروا إلى أن العائد من هذه الضريبة قد يصل إلى نحو 75 بليون ريال سنوياً، متمنين أن يتم تدعيمه بجهاز متخصص يتولى عملية الفرض حتى يؤدي الغاية من إقراره. وأوصى مجلس الوزراء في قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، كما وافق على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية لذلك، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء تمهيداً لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل. وكشف المحلل الاقتصادي عصام الزامل أن القيمة السوقية للأراضي البيضاء في المملكة تتجاوز ثلاثة تريليونات ريال، مشيراً إلى أن قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء الذي صدر من مجلس الوزراء سيسهم في شكل كبير في خفض أسعار العقار حالياً من 20 إلى30 في المئة. وتوقع في تصريح ل«الحياة» أن تطبيق القرار يحتاج إلى عام أو عامين على الأرجح، وعزا السبب في ذلك إلى عدم وجود نظام للضرائب في المملكة وكذلك عدم حصر الأراضي البيضاء، إضافة إلى ان وضع آلية لتطبيق القرار تحتاج إلى وقت كبير. وأشار إلى أنه فور تطبيق القرار بشكل فعلي ودخوله حيّز التنفيذ ستنخفض أسعار الأراضي بنسبة 60 في المئة، موضحاً أن القرار كان مطلباً من المختصين والمهتمين والمواطنين، نظراً لأنه سيسهم في كبح أسعار الأراضي بنسبة كبيرة. وشدد على أن أراضي «الشبوك» ستكون أحد أهم الأراضي التي سيشملها القرار، وعزا السبب في ذلك إلى أنها أحد أسباب ارتفاع الأراضي، وأن وزارة العدل قامت خلال العام الماضي بمصادرة مساحات كبيرة منها. ولفت إلى أن نسبة الضرائب على الأراضي البيضاء تصل إلى 2.5 في المئة، وقد تصل إلى 75 بليون ريال سنوياً، لافتاً إلى أن أصحاب الأراضي البيضاء لن يتمكنوا من دفع هذا الرقم الضخم، وأن عمليات التخلص من الأراضي البيضاء ستبدأ قريباً. وأشار أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد الجعفر إلى أن مشكلة الإسكان في السعودية ترتكز في أمرين، الأول هو الأرض، والآخر هو تمويل البناء، وللأسف انصرفت الدولة خلال ال20 عاماً الماضية في حل مشكلة الاسكان عبر تمويل البناء، وأهملت الأرض، إلى أن أفاقت على مشكلة لا تعرف كيف تحلها؟ وكيف تتصرف مع غول الجشع الذي أصبح يرى في الأراضي منجم ذهب لا يحاسبه عليه أحد؟ وبين أن فرض ضريبة على الأراضي البيضاء في النطاق العمراني سيبقى جزءاً من الحل، إذ يحتاج إلى استكمال من خلال توسيعه إلى الأراضي المحيطة بالعمران، التي لم يتم تخطيطها، وكذلك توفير الحكومة أراضي لذوي الدخل المحدود، إضافة إلى أراض بأسعار معقولة لذوي الدخل المتوسط، فضلاً عن تبنيها توفير مخططات مكتملة البنية التحتية في المدن المتوسطة والصغيرة التي ستمتص جزءاً كبيراً من الطلب على المساكن، وتخفف مشكلات المدن الكبيرة. وأضاف أن الوصول إلى حل لمشكلة الأراضي سيعني قدرة الحكومة على تجاوز المشكلة الكبيرة التي أصبحت تؤرق الدولة، خصوصاً أنها ترى أن أكثر من 60 في المئة من المواطنين لا يمتلكون منازل، وأن قطاع الشباب الذي يمثل غالبية الشباب غير قادر على حل هذه المشكلة، الذي يعاني من البطالة وانخفاض في الرواتب، مضيفاً أن الخلل المتراكم منذ أعوام طويلة بحاجة إلى حلول جذرية وعاجلة وحازمة، لا تتيح فرصة لتجاوزها أو التلاعب عليها. من جانبه، أكد الاقتصادي الدكتور عبدالله الحربي أن مشكلة الإسكان في السعودية أصبحت واضحة وتجسدت في شح الأراضي، مبيناً أن السبب في ذلك هو الاحتكار بغرض الاتجار فيها، ورفع أسعارها لتحقيق أعلى هامش ربح ممكن، بغض النظر عن الآثار الكارثية التي يسببها هذا الاحتكار على الاقتصاد الوطني والمجتمع واستقراره، موضحاً أن فرض رسوم على الأراضي الفضاء داخل المدن هو جزء من المشكلة، ووزارة الإسكان بحاجة إلى استكمال بقية الأمور التي من شأنها أن توفر المساكن للمواطنين بأسعار معقولة. وأشار إلى أن فرض رسوم على الأراضي الفضاء سيشكل دخلاً للدولة يمكنها من الصرف على مشاريع الإسكان، كما أنه سيدفع العقاريين وملاك الأراضي إلى التخلي عن جزء من هذه الأراضي بفعل التكاليف العالية التي ستكون تراكمية، فكثير منهم لن يتحمل هذه الكلفة وسيبدأ بيع الأراضي، وبمجرد انطلاق هذه الموجة من البيع ستعود الأراضي لأسعارها المنطقية اقتصادياً. وشدد على أن تجار الأراضي لن يتحملوا هذه الضريبة على المستوى المتوسط، وسيزداد الضغط عليهم إذا قامت وزارة الإسكان بضخ مخططات جديدة حول المدن لامتصاص الحاجة الملحة للأراضي.