كشف منتدى جدة الاقتصادي الماضي خفايا كثيرة في أزمة الإسكان في السعودية، محذراً من خطورتها على البلاد، وطالب بوضع خطط طارئة يتم تنفيذها لحلها، واعتبر احتكار الأراضي سبب رئيسي في المشكلة، ودعا الحكومة إلى إيجاد حلول لهذه المشكلة في جميع المدن من دون استثناء. وحافظت الأراضي في المخططات خارج النطاق العمراني في محيط المدن الرئيسة على أسعارها، فيما لا تزال الأراضي في المدن المتوسطة والصغيرة تشهد ارتفاعاً بلغ في بعض المخططات 100 في المئة، وقفزت الأسعار إلى ملامسة سعر المتر المربع أكثر من 1500 ريال، على رغم أنها غير مخططة، وفي بعضها غير معلومة إن كانت لديها مشكلات قانونية مع إحدى الجهات الحكومية. فيما طالب عقاريون وزارة الإسكان بالنظر إلى جميع مدن الوطن، وليس إلى ثلاث أو أربع مدن فقط، لأن أهم الحلول لمشكلة الإسكان هي في وقف النزوح إلى المدن الرئيسة، وسرعة فرض زكاة أو ضريبة على الأراضي البيضاء. وأشاروا إلى أن مشكلة الإسكان في السعودية أصبحت واضحة وتجسّدت في شح الأراضي، مؤكدين أن السبب في ذلك هو الاحتكار من أجل الاتجار فيها، ورفع أسعارها لتحقيق أعلى هامش ربح ممكن، بغض النظر عن الآثار الكارثية التي يسببها هذا الاحتكار على المجتمع واستقراره، وعلى الاقتصاد الوطني. وأوضح المهتم بالشأن العقاري عصام الزامل أن ارتفاع أسعار الأراضي يمثل المشكلة الرئيسة التي تعوق امتلاك المساكن للمواطنين، مشيراً إلى أن سبب هذا الارتفاع هو احتكار التجار، داعياً إلى سرعة تطبيق نظام الزكاة أو الضريبة على الأراضي البيضاء من دون تأخير، مضيفاً أنه إذا طبق القانون بشكل صحيح وأجبر ملاك الأراضي على دفع الرسوم أو الزكاة سنوياً (ونقداً)، فكثير منهم لن يتحمل هذه الكلفة، وسيبدأ ببيع الأراضي وبمجرد انطلاق هذه الموجة من البيع ستعود الأراضي لأسعارها المنطقية اقتصادياً، مؤكداً أن تجار الأراضي لن يتحملوا هذه الضريبة. وطالب الجهات المعنية بسن قانون وتنظيم جديد يمنع احتكار الأراضي البيضاء، ويجبر محتكري الأراضي على بيعها أو الاستفادة منها، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية تمنع الاحتكار وتعتبر الأرض هبة من الله تجب الاستفادة منها وليس المضاربة بها كسلعة تجارية تلحق الضرر بالناس، وقال: «إن حل مشكلة احتكار الأراضي هو عبر خيارين، إما نزع الملكيات وهو أمر صعب تحقيقه في الوقت الراهن، وإما بفرض رسوم عليها، هو الأمر المنطقي حالياً، والممكن تنفيذه». وأضاف أنه يؤيد أن يتم نزع ملكيات منح الأراضي التي تعطى للمواطنين من دون مقابل بعد ثلاث سنوات من تسلمها إذا لم يتم إعمارها، وأن يشمل هذا جميع أنواع المنح من دون استثناء، إلا أنه قال: «يبدو هذا الأمر صعباً الآن». وأضاف: «خيار الضريبة أسهل». وأشار إلى أن 49 في المئة من النطاق العمراني في مدينة الرياض أراض بيضاء، وترتفع النسبة إلى 50 في المئة في حاضرة الدمام، فيما تصل إلى 40 في المئة في مدينة جدة، وهي أرقام مهولة، وإذا تمكنت الحكومة من حل مشكلتها فإنها ستنهي مشكلات الإسكان، مؤكداً أن الأسعار ستنخفض بصورة سريعة بعد تطبيق الضريبة المقترحة على الأراضي الفضاء، مستبعداً أن يستطيع قطاع ملاك العقار في الوقت الراهن تحمل الضريبة التي سيتم فرضها التي تصل إلى 50 بليون ريال سنوياً. وقال: «لو تم بيع 5 في المئة فقط من الأراضي البيضاء سنوياً لحلت مشكلة الأراضي عاماً». وأشار إلى أن المسؤولين مطالبون بأن يعوا أن المشكلة الرئيسة للإسكان ليست في نقص السيولة أو انعدام التمويل لدى الراغبين في امتلاك سكن، وإنما في شح مصطنع للأراضي ناتج من الاحتكار. من جانبه، أشار العقاري محمد الفرج إلى أن الحديث عن الأراضي يجب ألا يتوقف عند المدن الكبيرة، ويجب أن يشمل بصورة مباشرة مدناً مثل المدينةالمنورة والطائف والقطيف وصفوى والجبيل وتبوك والأحساء، وغيرها من المدن الرئيسة في المملكة التي تعاني من المشكلات نفسها التي تعاني منها المدن الرئيسة، مضيفاً أن قطاع المحتكرين للأراضي انتقلوا قبل سنوات بسيطة إلى هذه المدن وقاموا بممارسة الاحتكار فيها بالأسلوب نفسه، حتى إن الأسعار ارتفعت بصورة خطرة في هذه المدن، مؤكداً أن مراجعة بسيطة لعقود شراء الأراضي تكشف هذه الحقيقة المؤلمة التي دفعت بتجار الأراضي إلى ممارسة الاحتكار في جميع المدن. وأضاف أن محافظة في الصحراء مثل النعيرية ترتفع فيها الأراضي خلال أقل من ثلاثة أعوام 1000 في المئة، وهذا أمر يدعو إلى الريبة وإلى التوقف، بخاصة أن المدينة محاطة بأراضٍ صحراوية من جميع الجهات ولا توجد في حدودها ممتلكات لجهات مثل «أرامكو» السعودية حتى تحد من نموها، فضلاً عن أن تعدادها السكاني لا يتعدى 30 ألف نسمة. وأشار إلى أن مدينة صغيرة مثل صفوى تعاني من شح في المخططات السكنية بسبب إهمال من أمانة المنطقة الشرقية، وبسبب تعثر أكثر من 30 مخططاً سكنياً صغيراً ومتوسطاً أدى إلى ارتفاع الأراضي فيها بصورة مخيفة، ووصل سعر المتر المربع إلى نحو 2000 ريال، وهي مدينة لا يتعدى سكانها 50 ألف نسمة.