في السعودية، لا حديث يتصدر المجالس أكثر من فرض رسوم الأراضي البيضاء، بل إنه انتقل من خانة الكلام العشوائي إلى ما يشبه حملةً منظمة تصدرها كتاب الرأي في الصحف السعودية، وتصدى له الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي. ويأتي هذا الاهتمام المتزايد بهذه المطالبة، بعد أن تبددت الحلول في كبح جماح الأسعار الملتهبة للأراضي والعقارات في السعودية، في ظل عجز متوسطي الدخل ومحدوديه عن اللحاق بها. وتعليقاً على ذلك، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الأمير سلطان الدكتور حمزة السالم ل «الحياة» أن الأراضي البيضاء من أهم أسباب مشكلة السكن في السعودية، مطالباً بفرض الزكاة، أو ضرائب تدفع سنوياً بنسبة معينة من الأرض، وأن لا يكون ذلك بطريقة فرض رسوم تدفع مرة واحدة. وفي السياق نفسه، أنشأ جمعٌ من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حملة مطالبة لفرض رسوم على الأراضي البيضاء لحل أزمة الإسكان. يأتي ذلك بعد استبعاد وزير الشؤون البلدية والقروية الأمير الدكتور منصور بن متعب من أن ثمة نية حكومية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء، بسبب وجود فتوى من مجلس هيئة كبار العلماء، تقضي بعدم جواز فرض رسوم على الأراضي المخدومة بنسبة معينة من قيمتها. وأكد الكاتب الاقتصادي وأحد المشاركين في حملة فرض الرسوم على الأراضي البيضاء في «تويتر» عصام الزامل في حديثه إلى «الحياة « أن ما يحدث هو نتيجة اقتناع الكثير بضرورة فرض رسوم على الأراضي البيضاء، وأكد أن مجلس الشورى ناقش ذلك وصوت بالأغلبية ووافق عليه، وهم الآن في طور مناقشة بعض التفاصيل المتعلقة بالموضوع . وعلق رداً على تصريحات وزير الشؤون البلدية والقروية، بالقول: «هناك أمران مهمان في هذه المسألة، الأمر الأول هل كل شيء لا يجوز لا يمكن فرضه إذا دعت الضرورة لذلك؟، والكلام الذي قاله الوزير ينطبق على كل شيء فالجمارك وتجديد رخص العمالة وغيرهما، كل ذلك رسوم فلو طبقنا الحكم الشرعي بحذافيره، والذي يتحدث به الوزير، فقد يتسبب ذلك في شل الاقتصاد بالكامل ووقف الإجراءات الحكومية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية غير معنية في الوقت الحالي بهذا الموضوع، فقضية فرض الرسوم حالياً لدى وزارتي الإسكان والمالية» . وأضاف: «أما النقطة الثانية، فهي أن هناك علماء كثرا أفتوا بجواز فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، ولو سلمنا جدلاً بأن الرسوم محرمة، فالزكاة هي الحل الاقتصادي للقضية، فتفرض نسبة 2.5 في المئة من قيمة الأرض، وبالنسبة لنا كباحثين عن حل لهذه المشكلة، لا يهمنا إن كانت بمسمى زكاة أو رسوم، نحن نريد آلية معينة تكشف الاحتكار، وتدفع ملاك الأراضي البيضاء الذين لا ينوون استخدامها لبيعها لمن يستفيد منها» . وكشف الزامل أن نسبة الأراضي البيضاء في الرياض قاربت نسبة 49 في المئة من إجمالي مساحة المدينة، أما في الدمام فوصلت إلى ما يقرب من 60 في المئة، وفي جدة نسبة 40 في المئة. وأوضح أنه لا توجد علاقة بين مبادرة «مساكن»، والمطالبة في فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، لافتاً إلى أن من بدأ بالمبادرة هو الدكتور عبدالله الغذامي. وأضاف: «كشفت المبادرة أن المحتكرين للأراضي حتى في الجانب الخيري مشاركتهم سلبية. لم نلحظ أي شيء ملموس في الواقع، كل ما تم التبرع به ثلاث أراضٍ فقط، إذاً بهذه الصورة لن يكون حل لأزمة الإسكان لأن الحلول لا تأتي بتلك الطريقة، ولكن لابد من النظر للمشكلة من جذورها، لا نريد حلولاً موقتة مهدئة، ومن غير المعقول أننا في بلد كبير مثل السعودية ونعاني شح الأراضي، هذا أمر غير منطقي». وكان الدكتور سلمان العودة أفتى بجواز فرض الرسوم على الأراضي البيضاء في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، رداً على سؤال أحد المغردين هناك، فيما أكد القاضي في وزارة العدل وأستاذ الفقه المقارن الشيخ عيسى الغيث في حسابه ب «تويتر» وجوب جباية زكاة الأراضي، ووجوب فرض الرسوم عليها، وقال: «إن في ذلك تحقيقاً لمقاصد الشرعية والمصلحة العامة».