شهدت العقارات في السعوديةانخفاضاً بلغ نحو 25 في المئة، وسجلت المزادات العقارية هي الأخرى تراجعاً في قيمتها بالنسبة نفسها، فيما اختلف العقاريون في تعريف هذا الانخفاض بين بداية انهيار في الأسعار أو التصحيح، في ظل توقعات بأن يفقد العقار نحو 70 في المئة من قيمته خلال السنوات الخمس المقبلة. ووصف رئيس اللجنة العقارية في «غرفة الشرقية» الدكتور عايض القحطاني السوق العقارية بأنها تمر بمرحلة تصحيح، ولم يخض في تفاصيل هذا التصحيح، إلا أنه أشار إلى أن التصحيح يشمل جميع مناطق المملكة، مبيناً أن حاجة 70 في المئة من المواطنين السعوديين الذين لا يمتلكون مساكن كفيلة بإنعاش السوق، والحفاظ عليه. وأوضح العقاري عبدالله الدوسري أن انخفاض العقار أمر واقع، إلا أن الخلاف يكمن في حجمه وهل هو سيستمر بما يشبه انهياراً في الأسعار، أو هو مجرد تصحيح تفرضه السوق بعد الارتفاع الكبير الذي استمر أكثر من خمس سنوات متواصلة. مؤكداً أن العقاريين يعتقدون بأن حاجة مئات آلاف من السعوديين إلى المساكن ستحمي العقار من أي انهيار، إلا أن هذه الحقيقة تصطدم بحقيقة أخرى أقوى منها، وهي أن غالبية السعوديين لا توجد لديهم القدرة على شراء أراض والبناء عليها، حتى ولو حصلوا على 500 ألف ريال من صندوق التنمية العقاري، لأن كلفة الأرض وحدها أعلى من هذه القيمة. وأشار إلى أن اللقاء الأخير للعقاريين في «غرفة الشرقية» كان يلمس فيه حالٌ من القلق لدى العقاريين من أن تنخفض الأسعار بصورة سريعة، لذلك يرون أن المزادات التي أقيمت خلال الفترة الماضية مؤشر على أن السوق مقبلة على انخفاض، وأن العقاريين مهتمون بهذا الأمر. وأضاف عائض القحطاني أن رسم خريطة ملاك العقار في المملكة بأن 20 في المئة من الأراضي البيضاء يمتلكها العقاريون، و35 في المئة لدى فئة من المواطنين، والبقية تعود ملكيتها إلى جهات أخرى كأن تكون خاصة بالورثة أو البنوك أو الصناعيين أو غيرهم، هذه الخريطة تجعل من سوق العقار عرضة لأي اهتزاز في أحد هذه المكونات الثلاثة، بل تجعل من الضريبة التي يتوقع أن يتم إقرارها على الأراضي البيضاء سبباً في دفع العقار محو الانخفاض السريع. من جانبه، أشار العقاري محمد الفرج (صاحب مكتب عقاري في القطيف) إلى أن العقار يمر بفترة تصحيح قد تستمر سنوات عدة، مضيفاً أن خطط الحكومة التي رسمتها لحل مشكلة الإسكان ستؤدي إلى انخفاض أسعار الأراضي في معظم مدن المملكة، ولا سيما إذا اتجهت في حلولها إلى إقامة مدن رديفة إلى المدن الحالية الموجودة، من دون الاعتماد على الأراضي التي في أيدي تجار العقار. وقال: «إن سرعة حل مشكلات المساهمات العقارية، ولا سيما المتعثرة منها، خلال هذه الفترة سيضع في السوق آلاف القطع السكنية، وهذا يعني أن الأسعار ستنخفض بسبب وفرة العرض»، مشيراً إلى أن الوضع العقاري سيعود إلى طبيعته عندما يقتنع العقاريون والمستثمرون فيه بأنه لم يعد سوقاً للمضاربة، كما أنه لم يعد سوقاً للاحتكار. وأضاف أن الحكومة وضعت علاجات مستعجلة، لهذه المشكلة التي أصبحت مزمنة، وتأثر كثيراً في التضخم الذي تعيشه المملكة، من خلال ضخ عشرات بلايين الريالات في صناديق الإقراض السكني، وقيام الحكومة بمشروع عملاق لبناء آلاف الوحدات السكنية لذوي الدخل المحدود، هذه جزء من منظومة حلول تعتقد وزارة الإسكان بأنها ستؤدي إلى خفض أسعار الأراضي، وتوفير الإسكان لكثير من المواطنين. وأشار إلى أن التشريعات الجديدة والتي من بينها فرض ضريبة على الأرض الفضاء، وأيضاً نظام الرهن العقاري، وكذلك فتح باب التقديم للحصول على قرض عقارين، من دون تملك أرض، وغيرها، من شأنها أن تعجل بانخفاض أسعار الأراضي في المملكة، مبيناً أن الجميع يعرف أن الأسعار وصلت إلى مستوى مبالغ فيه، وأن عقاريين كباراً توقفوا عن شراء الأراضي، بل إن المزادات التي أقيمت أخيراً كشفت عن رغبة الكثير من العقاريين في بيع ما لديهم من أراض، استعداداً لمرحلة الانخفاض. وحول المشكلات التي أدت إلى أن تصبح مشكلة الإسكان في السعودية مزمنة، أوضح العقاري محمد الشهري أن القطاع العقاري على مدى سنوات ظل يعاني من مشكلة المماطلة في تطبيق القرارت التي درست بما فيه الكفاية، على رغم حاجة القطاع العقاري والمجتمع إليها. مضيفاً أن التقاعس عن تطبيقها هو الذي أدى إلى الصورة الحالية للقطاع السكني والعقاري في المملكة. وأشار إلى أن الكثير من الجهات الحكومية المدنية والعسكرية بحوزتها مساحات هائلة من الأراضي لا تحتاج إليها ومن المفروض أن تسلم إلى وزارة الإسكان للاستفادة منها لحل أزمة السكن الكبيرة في المملكة، وهذا الأمر يحتاج إلى قرار كبير نتمنى أن يصدر، مبيناً أن اتجاه القطاع العسكري إلى توفير سكن لمنسوبيه يشكل جزءاً من الحل، يبقى الجزء الأكبر على وزارة الإسكان واستراتيجيتها التي ينتظرها القطاع العقاري ومئات الآلاف من المواطنين، على حد سواء.