أعلن الديوان الملكي السعودي فجر أمس أن دول مجلس التعاون الخليجي استجابت طلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، استضافة مؤتمر الحوار اليمني في مقر مجلس التعاون بالرياض. وأوضح بيان أصدره الديوان الملكي السعودي أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تلقى رسالة بهذا الشأن من هادي، ووجّه البيان بنقل فحواها إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي. وأشار البيان إلى أن دول المجلس أبدت ترحيبها واستجابتها طلب الرئيس هادي. وأعلنت مصادر في الحكومة اليمنية المستقيلة أن الرئيس عبدربه منصور هادي هادي سيترأس اليوم اجتماعاً مصغراً لأعضاء الحكومة الموجودين في عدن، وعددهم 15 وزيراً، في ظل استمرار الإقامة الجبرية المفروضة من جماعة الحوثيين على رئيس الحكومة خالد بحاح وعدد من وزرائه في صنعاء. وانتهز عشرات من مسلحي تنظيم «القاعدة» في اليمن حال انقسام البلد سياسياً وأمنياً، نتيجة انقلاب جماعة الحوثيين على الشرعية والرئيس هادي، وشنّوا أمس هجوماً مباغتاً على مواقع الجيش في مديرية المحفد التابعة لمحافظة أبين (جنوب)، وقتل أربعة جنود ثم شنّ الطيران الحربي غارات على أماكن تمركز هؤلاء المسلحين لإجبارهم على الانسحاب. (للمزيد) وأوضح بيان الديوان الملكي السعودي أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تلقى من الرئيس اليمني رسالة الآتي نصها طبقاً لوكالة الأنباء السعودية: «الأخ العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: يطيب لي باسمي ونيابة عن شعب وحكومة اليمن أن أبعث لجلالتكم بخالص أمنياتي القلبية مقرونة بتمنياتي لكم بموفور الصحة والسعادة وللشعب السعودي الشقيق اضطراد التقدم في ظل قيادتكم الحكيمة. أخي صاحب الجلالة: لعلكم تتابعون الظروف الدقيقة والحرجة التي يعيشها أشقاؤكم في اليمن جرّاء الانقلاب الحوثي على الشرعية الدستورية، حيث أجبرنا الحوثيون على الخروج من صنعاء إلى جنوب اليمن (عدن) التي تتمتع بظروف أفضل تمكننا من متابعة إدارة الدولة في هذا الوقت الصعب والحرج، ومن المنطلق ذاته نناشد إخوتنا في مجلس التعاون الخليجي باستمرار دورهم البناء، وذلك بعقد مؤتمر تحضره كافة الأطياف السياسية اليمنية الراغبين بالمحافظة على أمن واستقرار اليمن، تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي بمدينة الرياض، بحيث يهدف المؤتمر إلى: المحافظة على أمن واستقرار اليمن وفي إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى بالإعلان الدستوري ورفض شرعنته، وإعادة الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الدولة، وعودة الدولة لبسط سلطتها على كافة الأراضي اليمنية، والخروج باليمن من المأزق إلى بر الأمان بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها، وأن تستأنف العملية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وألا تصبح اليمن مقراً للمنظمات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة ومرتعاً لها. وتقبلوا خالص الاحترام والتقدير. عبدربه منصور هادي. رئيس اليمن. التاريخ 7-3-2015». وأضاف الديوان الملكي في بيانه: «استمراراً لمواقف المملكة العربية السعودية الثابتة في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني، وانطلاقاً من أن أمن دول المجلس وأمن اليمن هو كل لا يتجزأ، فقد وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بنقل رغبة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى قادة دول مجلس التعاون. وأبدت دول المجلس ترحيبها واستجابتها طلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بعقد المؤتمر تحت مظلة مجلس التعاون بالرياض، وأن تتولى أمانة المجلس وضع الترتيبات اللازمة كافة لذلك. والله نسأل أن يحفظ اليمن وأن يسبغ على الشعب اليمني العزيز الأمن والاستقرار، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وبالله التوفيق». إلى ذلك، قالت مصادر رئاسية في عدن إن هادي يسعى إلى نقل مركز الدولة السياسي والمالي إلى عدن، وإقناع وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة اللواء محمود الصبيحي الذي أفلت من قبضة الحوثيين ووصل إلى مسقط رأسه في محافظة لحج أول من أمس، بتولي قيادة الجيش، وإعادة ترتيب أوضاع الألوية والمعسكرات في المحافظات الواقعة خارج سلطة الحوثيين. وفيما لا يزال قائد قوات الأمن الخاصة في عدن المتهم بولائه للحوثيين العميد عبدالحافظ السقاف، يرفض تنفيذ قرار هادي بإقالته، وتسليم المعسكر إلى قائد آخر، تسود في عدن مخاوف من مواجهات بين المعسكر ومسلحي «اللجان الشعبية» الموالية للرئيس، لإجبار السقاف على التسليم. وشنّت جماعة الحوثيين في محافظة البيضاء أمس عمليات دهم وتفتيش، واقتحمت منزل الأمين العام لحزب الرشاد السلفي عبدالوهاب الحميقاني في مديرية الزاهر، غداة سقوط 18 مسلحاً من الجماعة في هجمات لرجال قبائل تدعمهم عناصر من «القاعدة». وأكدت مصادر عسكرية وقبلية ل«الحياة» أن مسلحي «القاعدة» سيطروا أمس على مركز مديرية المحفد في محافظة أبين، بعد شهور على استعادة الجيش المديرية من قبضة التنظيم. وأضافت أن عشرات من المسلحين طوّقوا البلدة وهاجموا معسكر اللواء «39 مدرع» للسيطرة عليه، قبل أن يرد الجنود ويتدخّل الطيران الحربي الذي يسيطر عليه الحوثيون لقصف مواقع «القاعدة». وأكدت المصادر أن مسلحي التنظيم انسحبوا إلى الجبال المحيطة بمركز مديرية المحفد، في حين أكد التنظيم عبر حساب له على «تويتر» أنه أسر أربعة جنود واستولى على آليات للجيش. وفي سياق المأزق الناجم عن الانقسام، واصلت الأحزاب وممثلو القوى السياسية في صنعاء برعاية مبعوث الأممالمتحدة جمال بنعمر، مفاوضاتها مع جماعة الحوثيين من أجل التوصل إلى حل للأزمة التي أعقبت انقلابهم على العملية الانتقالية وإجبارهم هادي وحكومة بحاح على الاستقالة، قبل أن يتمكّن الأول من الإفلات من قبضتهم ويصل إلى عدن معلناً أنه ما زال رئيساً يمارس سلطاته الدستورية. وأكدت مصادر حزبية ل«الحياة» أن القوى المتحاورة تتّجه إلى التوافق على مجلس رئاسي تتمثل فيه كل الأطراف، بعدما اتفقت على تشكيل حكومة شراكة وطنية وتوافقت على ترتيب السلطات التشريعية. وأضافت المصادر أن هناك مخاوف من أن تصطدم هذه التوافقات برفض الرئيس هادي، الذي يصر على تمسكه بشرعيته الدستورية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ويرفض كل الخطوات الانقلابية للحوثيين منذ اقتحامهم صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي.