انتقد مسرحيون سعوديون غياب الإمكانات في المسرح، ما يجعل عروضه، بحسب تعبيرهم، دائماً عرجاء. وطالبوا بدعم كبير من وزارة الثقافة والإعلام، مشددين على أهمية تفعيل جمعية المسرحيين، التي لم تقم حتى الآن بخطوة إيجابية تجاه تفعيل المسرح السعودي. ولفت بعضهم إلى غياب الإعلام، من تلفزيون وإذاعة، عن الدورة السابعة من مسابقة «مسرح الدمام للعروض القصيرة». وقال هؤلاء ل«الحياة» إن القاعات المسرحية، المتاحة تفتقر إلى التجهيز الفني. وأكد المسرحي عمر الجاسر أن العروض المسرحية في السعودية «عرجاء دائماً، مهما حاولنا وبذلنا من جهد، لا تأتي مكتملة أو على الوجه المطلوب». وعزا السبب إلى «عدم توافر الإمكانات المادية، من قاعة، وتقنية إضاءة»، لافتاً إلى رغبة الجمهور في حضور العروض. واستدرك متسائلاً: «لكن أين؟». وقال: «لا نملك إلى الآن سوى قاعات للمحاضرة، وما لدينا من قاعات مسرحية إما تفتقر إلى التجهيز التقني، أو تابعة لقطاع التعليم العالي أو إلى جهات عسكرية، والأخيران لا يستفاد منهما، إذ يمنع من خلالهما العرض أمام الجمهور»، معتبراً أن أهم ما يعاني منه المسرح السعودي، «غياب البنية الأساسية من قاعات ومعاهد». ووصف الموازنات التي ترصد للأعمال المسرحية ب«الخجولة، والتي لا تسمح بتقديم عمل مسرحي». وأعرب عن أسفه لأن «الجهات المسؤولة لا تزال تتعامل مع المسرح باعتباره نشاطاً». وشدد على القول: «لولا تضحيات وتفاني الفنانين المسرحيين من مخرجين وكتاب وممثلين، لانتهى المسرح منذ زمن»، متمنياً أن «تبدأ وكالة الوزارة للشؤون الثقافية في الاهتمام ببناء قاعات نموذجية للمسرح». وأشار الجاسر إلى نقص في الإمكانات الفنية لمسابقة «مسرح الدمام للعروض القصيرة»، التي أقامها أخيراً فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام، وحملت اسم المسرحي الراحل نضال أبونواس، وعرضت خلالها 12 مسرحية، حققت أربع منها الفوز. وانتقد غياب الدعم الإعلامي التلفزيوني والإذاعي. وقال: «لم يتوافر دعم إعلامي كاف، على رغم محاولات الشباب وتواصلهم مع الإعلاميين». وتمنى لو وجدت مواكبة للحدث، الذي وصفه ب«الإشراقة الجميلة في المسرح السعودي»، لافتاً إلى مطالبة لجنة تحكيم المسابقة بتغيير مسماه إلى «مهرجان». وقسّم العروض التي قدمت خلاله إلى «مميزة، وعادية»، معرباً عن دهشته من «موهبة الشباب المشارك، وثقافته، وتجربته على رغم حداثة سنه». ووصف ذلك ب«الأمر المشرّف للمسرح السعودي»، مشيداً ب«الوفاء» للمسرحي الراحل أبونواس. كما أبدى إعجابه بجمهور المسرح في الشرقية، منوهاً إلى «امتلاكه ثقافة مسرحية، ظهرت من خلال تجاوبه مع عدد من الإسقاطات الرمزية للمسرحيات، واستيعابه وإدراكه لها، إضافة إلى التزامه بأخلاقيات المسرح، من إطفاء الجوال، وعدم التهريج، والتفاعل مع القراءات النقدية المصاحبة للعروض». ورجح أن يكون سبب غياب المشاركات المسرحية المميزة عن تمثيل المملكة، راجع إلى «عدم اطلاع اللجنة الموكلة بذلك، على جميع العروض، ما يفقدها الخبرة الكافية، وكذا فرض المجاملات والعلاقات الشخصية، على بعض العروض، ما يضر بالتالي بالمسرح السعودي»، داعياً أعضاء اللجنة إلى «الاختيار الذكي، وذلك لتحقيق الهدف المنشود». وعزا عدم التوفيق في ترشيح العرض المناسب للمهرجان المناسب، إلى «عدم توافر الخبرة الكافية في القائمين على مهمة الاختيار»، مشيراً إلى أن لجنة تحكيم مسابقة مسرح الدمام، «رفعت توصية بخصوص ثلاثة من العروض الفائزة إلى إدارة الجمعية والتي بدورها رفعت بشأنها توصية إلى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية». بدوره، اعتبر المسرحي عبدالعزيز السماعيل، نجاح المسابقة في دورتها السابعة هذا العام، كان «لافتاً على جميع المستويات، وكذلك واضحاً للجميع، ما يدل على رسوخ المسابقة، وثبات استمراريتها بعد مرورها، بعدد من مراحل التطور، وتحقيقها لما وصلت إليه»، معتبراً هذا «إنجازاً كبيراً». وتوقع أن تشهد المسابقة «مزيداً من التطور في الأعوام المقبلة، إذا ما حظيت بجهد مماثل». وتمنى أن «يتم التركيز على اختيار العروض المشاركة، وتصنيفها داخل المسابقة وخارجها». وأشاد المسرحي سمعان العاني بالمسابقة، وما تتضمنه من «إبداعات مسرحية، وشباب تفوقوا على أنفسهم، نتيجة جهدهم الذاتي في حضور الدورات المسرحية، واحتكاكهم بالمسرح البحريني والإماراتي، إضافة إلى المسرحيين في المملكة، ما ولد لديهم أرضية ينطلقون من خلالها بفكر وإبداع واع متمكن»، لافتاً إلى وجود «شبه احترافية» لديهم. واعتبر العروض الأربعة الفائزة، وهي «علامة استفهام»، و «من تجليات الباب»، و «المعطف»، و «حالة وهم»، «مشرفة للمسرح السعودي للمشاركة بها في الخارج». وامتدح قيامها على الورش والجهد الجماعي، وتعاون الفريق الواحد في استخدام العناصر المسرحية». كما امتدح «إخلاصهم، وحماستهم، وصدقهم»، وتابع امتداحه إلى الجمهور «الواعي في المنطقة، المتذوق للمسرح والمتفاعل معه». وأقر العاني بوجود «عروض ضعيفة في المسابقة»، لافتاً إلى توصية اللجنة بأهمية «انتقاء العروض المناسبة للمسابقات المقبلة». وشدد على أن المسرح السعودي «يفتقر إلى الدعم المادي والمعنوي، والذي يأتي من خلال اهتمام المسؤولين عن المسرح، وتواجد الإعلام وتسليطه الضوء على هذه الفعاليات، لنقله إلى قطاع الجمهور الواسع في المملكة». ونوه إلى أن «المسابقة قامت على دعم مادي ضعيف»، وأعرب عن أسفه لأن «مهام جمعية المسرحيين السعوديين منذ تأسيسها، لم تفعل بعد، كي نرى انجازاتها وما يمكن أن تقدم للمسرح، إذ هي الجهة المسؤولة عنه، ومن خلالها يتم التصريح للفنانين، والفرق المسرحية، ودعم المسرح والاعتراف به، ونشر الثقافة المسرحية في المجتمع»، متمنياً أن «تبدأ ممارسة واجباتها، لتشعر المسرحيين بجدواها». وذكر أن من توصيات اللجنة «إقرار تسمية المسابقة بالمهرجان». وعزا السبب إلى أن «المهرجان أوقع وأكثر قيمة»، لافتاً إلى المطالبة ب «توفير فرص عرض للمسرحيات الفائزة، في مناطق المملكة وإعطائها فرصة المشاركات الخارجية من خلال الأسابيع الثقافية للمملكة، والمهرجانات العربية».