تباينت آراء قضاة ومستشارين قانونيين ومحامين في ندوة عن القضاء السعودي، حول مدى سرعة تطبيق نظام القضاء الجديد، الذي أقر له 7 بلايين ريال، إذ انقسموا إلى متفائلين ومتشائمين، كما تم وصفهم أثناء الندوة. فالأولون يرون أن الوقت ما زال مبكراً على ظهور تأثيرات النظام الجديد في العمل القضائي وحياة الناس، بيد أن آخرين رأوا أن التأخير في تطبيق النظام يدعو إلى «عدم الرضا والإحباط»، فيما ذهب قضائيون إلى شرح التحديات التي تواجه «النظام القضائي الجديد»، الذي سلط عليه الضوء في «منتدى الأمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية»، في مركز الرحمانية الثقافي في الغاط، أول من أمس. وفيما اعتبر الشيخ القاضي يوسف الفراج، أن النظام القضائي الجديد، الذي صدر عام 1428ه، بحاجة إلى سنوات أخرى كي تظهر تأثيراته بجلاء في سير العمل القضائي، إلا أن المستشار القانوني الدكتور إبراهيم العيسى، اعتبر أن مضي كل تلك الفترة على صدور النظام «دون إتمام شيء على الإطلاق يجعلني أشعر بعدم الرضا من ذلك التأخير»، غير أن الفراج، كشف أنه سيتم إجراء تعديلات على عدد من الأنظمة القضائية تناهز ال40 نظاماً، وتدرس حالياً في هيئة الخبراء. ووسط تحفز المشاركين لمناقشة النظام القضائي الجديد، راح الفراج، يخبر عن التغيرات والإضافات التي سيحدثها النظام، منها صدور نظام المرافعات عما قريب، وافتتاح محاكم الاستئناف في كل مناطق السعودية، بحيث تتولى النظر في القضايا القابلة للاستئناف، مؤكداً ن النظام الجديد لا بد من أن يأخذ وقته الكافي حتى تظهر إيجابياته من خلال تيسير الحياة الكريمة للناس ومنح الحقوق إلى أصحابها، من خلال تعزيز الضمانات القضائية، وتدوين الأحكام، وإيجاد القضاء المتخصص، بيد أن المحامي عبدالناصر السيحباني، قال إنه لم ير «أي حركة تذكر في البنية التحية منذ صدور نظام القضاء الجديد». وعن آليات الأحكام القضائية، في ظل وجود المذاهب الأربعة، أكد الفراج، أن القضاة يتبعون المذهب الحنبلي، ولا سيما أنهم خريجو مدرسة واحدة، موضحاً أن القضايا إلى تختلف فيها أحكام القضاة «قليلة جداً»، مشدداً على أهمية تدوين الأحكام القضائية، وإن رأى بعض المتخصصين غير ذلك. في الإطار ذاته، أقر المستشار القانوني الدكتور محمد بن عبدالله المرزوقي، ب 12 تحدياً يواجه النظام القضائي الجديد، أولها: «الحاجة إلى وضع خطة واضحة المعالم ترصد الواقع بصورة دقيقة وتحدد الاحتياج الفعلي اللازم لتطبيق التنظيم القضائي الجديد بما يحقق الاستفادة السريعة من المبالغ التي خصصت لمرفق القضاء بحسب ما تقرر عند الإعلان عن إصدار النظامين وآلية تنفيذهما». ودعا إلى استكمال متطلبات حجم العمل لدى المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا وسد احتياجاتها من الوظائف الإدارية والفنية، ووضع الترتيبات المالية والإدارية والوظيفية، مؤكداً أن إعادة اختصاصات قضائية إلى القضاء كانت موكولة إلى لجان مكونة من خارج منظومة الجهاز العدلي، زاد من حجم التحدي الذي يواجه الأعمال المتزايدة والقضايا المتنوعة في ظل قلة عدد القضاة اللازمين. وطالب بإصدار الأنظمة الإجرائية التي اقتضاها النظام الجديد وتعديل الأنظمة القائمة ذات الصلة به بما يتفق معه، كنظام المرافعات أمام ديوان المظالم وأنظمة المرافعات والإجراءات، لافتاً إلى أن ما هو قائم الآن من الأنظمة الإجرائية القضائية لا يناسب الوضع الذي يفرضه النظام القضائي الجديد. وشدد المرزوقي، على ضرورة تطويع وسائل التقنية الحديث بما يساعد على سرعة الانجاز واختصار الإجراءات وتوفير الوقت، لأنها أصبحت أكثر إلحاحاً مع التنظيم الجديد وتزايد المهام وتنوعها، داعياً إلى الإسراع في وضع المدونة الفقهية بما يعين القضاة على معالجة ما يعرض عليهم من قضايا. ولفت إلى الحاجة في التوسع في درجات الدخول للسلك القضائي لمواجهة الاحتياج المتزايد بسبب النظام الجديد، مطالباً ب«الارتقاء بمهنة المحاماة لأداء دور فعلي خادم للقضاء، وعلى رغم أنه يوجد نظام للمحاماة إلا أنه ظل بحاجة إلى دعمه بهيئة رقابية ذاتية تراقب سلوك المنتمين إلى هذه المهنة وتصنفهم بحسب الخبرة على درجات التقاضي المستحدثة». وأكد المرزوقي أهمية تلبية متطلبات التوسع في التوجه إلى التخصص في النظر القضائي، إذ إن النظام الجديد اتجه إلى التخصص سواء في دوائر محاكم الاستئناف أو في محاكم أول درجة ودوائرها، منبهاً إلى الحاجة في وضع برنامج زمني متدرج لإعادة الاختصاصات القضائية الموكولة إلى اللجان والجهات غير القضائية بعد مراجعة الأنظمة المتأثرة بذلك وتعديلها بما يكفل الانتقال المنتظم وعلى مراحل وبانسجام. وانبرى المحامون الحاضرون للدفاع عن أوضاعهم، إذ أكد المحامي عبدالناصر السحيباني أن «النظام الحالي للمحامين وضع لتأديبهم، وليس فيه ما يحفظ قيمتهم ويوفر حماية لحقوقهم»، فيما أكد المحامي زياد السديري، أنه «لا يوجد نظام أساساً للمحامين حتى الآن»، فيما قال المحامي عبدالله الحبردي إنه «لا يوجد اعتراف حتى اليوم لدى بعض القضاة بترخيص المحامي، بل يطلب بطاقة الأحوال المدنية عوضاً عن الترخيص».