يفترض أن يحدد تحليل داتا الاتصالات للهواتف الخلوية للإسلاميين الموقوفين في سجن رومية بعد نقلهم من مبنى (ب) الى مبنى (د) طبيعة العلاقة القائمة بينهم وبين المجموعات الإرهابية المسلحة المتواجدة في حيي الطوارئ والتعمير في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين ومدى ارتباطهم بتفجيرات نفذتها المجموعات المسلحة في أكثر من منطقة في لبنان. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية رسمية بأن الاتصالات الجارية بين الفصائل الفلسطينية المنتمية الى منظمة التحرير والأخرى التابعة للقوى الإسلامية، من خلال اللجنة الأمنية المشتركة، وبين قيادة الجيش اللبناني في صيدا ممثلة بمسؤول المخابرات في الجنوب العميد علي شحرور تتمحور حول دور هذه الفصائل في «تنظيف» المخيم من المجموعات الإرهابية بعدما تحولت عبئاً ثقيلاً على سكانه البالغ عددهم حوالى 80 ألف نسمة. وأكدت المصادر ان الأجهزة الأمنية اللبنانية المسؤولة عن أمن صيدا، تصر على الطلب من جميع الفصائل والقوى الفلسطينية القيام بدور ضاغط لمحاصرة 100 مطلوب من جنسيات فلسطينية وسورية ولبنانية وتسليمهم الى القضاء اللبناني بتهمة الانتماء الى المجموعات الإرهابية الضالعة في إعداد العبوات الناسفة وتفجيرها أو تسليمها لمجموعات أخرى منتشرة في عدد من المناطق الواقعة خارج عين الحلوة. ولفتت هذه المصادر الى ان المسؤولية تقع على عاتق الفصائل والقوى الفلسطينية في الحفاظ على الاستقرار في داخل المخيم وفي حماية علاقة الجوار بين سكانه والمناطق اللبنانية، وقالت ان من غير الجائز لهذه الفصائل ان تضحي بأمن سكان المخيم من أجل عشرات المطلوبين. وإذ استبعدت المصادر نية الدولة اللبنانية القيام بعملية أمنية تستهدف المخيم، رأت في المقابل أن حيي التعمير والطوارئ تحولا بؤرة تحتضن المجموعات الإرهابية وتؤوي الفارين الى المخيم، وجميعهم مطلوبون للقضاء وتجري ملاحقتهم وآخرهم أسامة منصور وشادي المولوي اللذان تمكنا من دخول المخيم بعد فرارهما من باب التبانة في طرابلس فور سيطرة وحدات الجيش عليه بغطاء سياسي من فاعليات طرابلس وقواها السياسية. واعتبرت المصادر ان الاستعدادات التي تبديها الفصائل لا تصرف في أي مكان ما لم تكن مقرونة بخطوات تسرّع في تسليم المطلوبين الى القضاء اللبناني من المنتمين الى «داعش» و «النصرة» و«القاعدة». وكشفت ان المجموعات المسلحة خطت أخيراً في اتجاه توحيد صفوفها في ما يسمّى «تنظيم الشباب المسلم» الذي يتزعمه أحد أبرز المطلوبين الفلسطيني أسامة الشهابي ومعه هيثم الشعبي ومحمد الشعبي وزياد أبو النعاج وبلال بدر وصالح وعيسى أبو السعيد وتوفيق عقل. وجميعهم فلسطينيون كانوا يتوزعون في ولائهم على «جند الشام» و«فتح الإسلام» إضافة الى اللبنانيين منصور والمولوي. فيما لا يزال الشيخ أحمد الأسير إمام مسجد بلال بن رباح في عبرا وبعض أنصاره متوارين عن الأنظار باستثناء الفنان المعتزل فضل شاكر الذي يراهن على نجاح عدد من المشايخ في وساطتهم لتسوية أوضاعه القانونية باعتباره أحد المطلوبين للقضاء... وأكدت ان لا وجود فاعلاً لتنظيم «أنصار الله» في عين الحلوة، وقالت انه موجود برئاسة جمال سليمان المنشق عن حركة «فتح» في مخيم المية ومية في صيدا. وسألت المصادر عن مدى جدية الفصائل والقوى الفلسطينية في التعاون مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لإنهاء الوضع الشاذ في عين الحلوة، وأكدت ان الفصائل والقوى الفلسطينية تشاطر القيادات الأمنية رأيها القائل بوجوب إنهاء «أسطورة» الإرهاب في عين الحلوة، لكنها ما زالت تتردد في إشعار الإرهابيين بجديتها في التعاطي معهم لوقف مسلسل تصدير التفجيرات الى الخارج أو إصدار أوامر العمليات لمجموعات إرهابية أخرى تعتبر من «الخلايا النائمة» التي تعمل على تهديد السلم الأهلي من خلال تنفيذها عمليات تفجيرية أو انتحارية. ورأت ان الارتياح الى موقف «فتح» كبرى الفصائل في عين الحلوة و «عصبة الأنصار» التي تتمتع بحضور فاعل في المخيم يجب أن يترجم الى خطوات عملية تؤدي الى شل قدرة المجموعات الإرهابية على التحرك من خلال تواصلها مع مجموعات أخرى في خارج عين الحلوة. وقالت ان عدم إقحام المخيم في العمليات التي يراد منها ضرب الاستقرار والإخلال بالأمن يستدعي منها تضييق الخناق على «المتطرفين» ومنعهم من التمادي في الإساءة الى العلاقات اللبنانية - الفلسطينية». لذلك، فإن زيارة عزام الأحمد الذي يتولى الإشراف على الملف الفلسطيني في لبنان يجب ألا تكون كسابقاتها من الزيارات ويفترض ان تشكل نقطة تحول لوقف التواصل بين المجموعات الإرهابية في عين الحلوة والأخرى المنشرة في عدد من المناطق اللبنانية.