طالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الإثيوبيين أمس، ب «إجراءات عملية» لحل النزاع في شأن «سد النهضة» الذي طالبت القاهرة بخفض سعته التخزينية البالغة 74 بليون متر مكعب. وكان السيسي استقبل في قصر الاتحادية الرئاسي، بطريرك الكنيسة الإثيوبية متياس الأول والوفد المرافق له، وشدد على أن مصر «لا يمكن أن تقف في وجه حق الشعب الإثيوبي في التنمية»، لكنه طالب ب «اتخاذ إجراءات عملية تحيل التوافقات السياسية إلى مرجعية قانونية تحفظ حقوق البلدين وتؤمن مصالحهما وتعزز التعاون المشترك في ما بينهما». ويزور الرئيس المصري أديس أبابا نهاية الشهر ليترأس وفد بلاده في اجتماعات القمة الأفريقية التي يلتقي على هامشها رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين. ومن المقرر أن يتم اختيار مكتب استشاري دولي قبل الزيارة، سيوكل إليه وضع دارسات تفصيلية لمشروع السد الإثيوبي خلال ستة أشهر. ووفقاً لبيان رئاسي، أكد السيسي خلال اللقاء الذي حضره بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية البابا تواضروس الثاني ومستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي فايزة أبو النجا، أن «مصر تتمنى لإثيوبيا ولشعبها الصديق كل التوفيق والتنمية والاستقرار»، مشدداً على ضرورة «تعزيز التعاون بين البلدين من أجل الإعمار والبناء والتغلب على التحديات التي تواجه الشعبين المصري والإثيوبي». وأشار إلى أن بلاده «لا يمكن أن تقف في وجه حق الشعب الإثيوبي في التنمية»، لكنه شدد على أن نهر النيل «وإن كان يمثل للإثيوبيين مصدراً للتنمية، فإنه بالنسبة إلى المصريين مصدرٌ للحياة وليس فقط للتنمية، في ضوء اعتماد مصر عليه مصدراً رئيساً لتلبية حاجات شعبها من المياه». ولفت إلى «أهمية اتخاذ إجراءات عملية تحيل التوافقات السياسية إلى مرجعية قانونية تحفظ حقوق البلدين وتهدف إلى تأمين مصالحهما وتعزيز التعاون المشترك في ما بينهما»، منوهاً بأن مصر «تبدأ حقبة جديدة للانفتاح على أفريقيا، ولاسيما مع إثيوبيا». وأشار إلى «الفرص الواعدة للتنمية وتنشيط التبادل التجاري بين البلدين». ونقل البيان الرئاسي تأكيد البطريرك الإثيوبي «عمق العلاقات التاريخية التي تربط البلدين ومتانتها»، وأنها «تمتد إلى الجانب الروحي والديني»، مضيفاً أن «هذه العلاقات ستظل إلى الأبد، لا سيما في وجود نهر النيل العظيم الذي يمثل ثروة منحها الله للبلدين كي يستغلانه معاً»، معرباً عن تطلع الشعب الإثيوبي إلى زيارة السيسي أديس أبابا. ودعا إلى «استمرار علاقات المودة والوئام بين البلدين حتى يحل الخير والسلام على الشعبين». وتحدث بطريرك الأقباط خلال اللقاء عن «العلاقات التاريخية الممتدة والوثيقة التي تجمع الكنيستين المصرية والإثيوبية، والمشاريع التي تقوم بها الكنيسة القبطية باسم مصر في إثيوبيا بهدف دفع عملية التنمية، لا سيما في مجالي التعليم والصحة»، مشيراً إلى أن «كل الجهود يجب أن تصب في مصلحة تعزيز التعاون بين الشعبين والحفاظ على مصالحهما المشتركة في مياه النيل». وكانت الأزمة بين مصر وإثيوبيا تصاعدت في شكل حاد منذ العام 2011، عندما شرعت إثيوبيا في تشييد سد عملاق على نهر النيل بكلفة 4.7 بليون دولار على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتراً جنوب الحدود السودانية مع إثيوبيا، ويتوقع اكتماله في 2017 ليكون أكبر سد أفريقي وعاشر أكبر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم. وقال الناطق باسم وزارة الري المصرية علاء ياسين، في تصريحات أول من أمس، إن دراسات أثبتت «أن سعة السد تضرب الأمن المائي لمصر»، معتبراً أن السعة المعلنة من الجانب الإثيوبي «غير مبررة وغير مقبولة فنياً»، وطالب «بخفض هذه السعة إلى حدود آمنة متفق عليها قبل التفاوض حول سنوات الملء وتشغيل السد»، مؤكداً أن «مصر ملتزمة بخريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات وزراء المياه الثلاثة في العاصمة السودانية في آب (أغسطس) الماضي». وشكلت لجنة ثلاثية من مصر وإثيوبيا والسودان لاختيار مكتب استشاري لإعداد دراسة تفصيلية عن تأثيرات السد في مصر والسودان، على أن يتم حسم الخلاف في مدة أقصاها 6 شهور تنتهي في آذار (مارس) المقبل، وتكون نتائجها ملزمة للجميع. وقال ياسين إن «صعوبات تواجه المشاورات الفنية بين الدول الثلاث»، مشيراً إلى أن «مصر تأمل في تحديد موعد قريب لتلقي العروض الفنية والمالية من الشركات الاستشارية الخمس للقيام بالدراسات المطلوبة لتحديد آثار إنشاء السد». ولفت إلى «تأييد مصر لحق دول حوض النيل في تنفيذ مشاريع توليد الطاقة الكهربائية»، مشدداً في الوقت نفسه على أن بلاده «لا توافق على ارتفاع سد النهضة وسعته التخزينية الكبيرة التي تبلغ حالياً 74 بليون متر مكعب، وليس لها أي مبرر فني مقبول». وكان رئيس الوزراء إبراهيم محلب استقبل مساء أول من أمس، البطريرك متياس الأول والوفد المرافق له، الذي يزور القاهرة لمدة 6 أيام، وحمّله «رسالة إلى الشعب الإثيوبي بأن مصر تقف مع جهود التنمية في إثيوبيا من دون أن يكون ذلك على حساب حصة مصر من النيل الذي يعد المصدر الرئيس للمياه فيها».