قبل أيام من شد رحاله، أبى العام 2014 المليء بالمحطات السياسية والعسكرية والاقتصادية والرياضية الكبيرة، إلا أن يربط نفسه بالمآسي الإنسانية، وإحداها حوادث الطيران التي دفعت القارة الآسيوية الثمن الأعلى فيها. فبعد عقود من التراجع التدريجي لهذا النوع من الحوادث، شهد العام المنقضي حوالى 15 فاجعة طيران، أربع منها لطائرات مدنية ماليزية تسببت في مقتل أكثر من 760 شخصاً، وكان آخرها فقد طائرة شركة "أير آسيا" التابعة للخطوط الماليزية وعلى متنها 162 شخصاً، بعدما طلب قائدها تغيير مسارها بسبب سوء الأحوال الجوية أثناء رحلة من مدينة سورابايا الإندونيسية إلى سنغافورة. أمطار ورياح وطائرة نيبالية في نيبال لقي 18 شخصاً حتفهم إثر تحطم طائرة صغيرة مملوكة ل "شركة الطيران النيبالية" في شباط (فبراير) بعد تعرضها إلى أمطار غزيرة ورياح شديدة. وقال مسؤولون إن جميع ركاب الطائرة المنكوبة البالغ عددهم 15 شخصاً بينهم طفل، إضافة إلى أفراد الطاقم الثلاثة قتلوا في الحادث الذي وقع في قرية تبعد 200 كيلومتر غرب العاصمة كاتماندو. وأعلن ناطق باسم "شركة الطيران النيبالية" أنه الاتصال بالطائرة فقد بعد 15 دقيقة من إقلاعها الى مطار غوملا على بعد 353 كيلومترا. الطائرة الماليزية المفقودة: حسناً، تصبحون على خير وكان أبرز حوادث هذا العام اختفاء طائرة ماليزية عن شاشات الرادار بعد رسالة صدرت من قمرة القيادة تقول "حسناً، تصبحون على خير"، تزامنت مع إغلاق النظامين الرئيسيين للاتصال وتحديد المواقع عمداً في الطائرة، وهو ما أثار علامات استفهام كثيرة حول مصير الطائرة. وكشف الرئيس التنفيذي ل "شركة الخطوط الماليزية" أحمد يحيى في ذاك الوقت أن "التحقيقات الأولية تشير إلى أن مساعد الطيار هو الذي نطق بتلك العبارة"، وقال رئيس "لجنة الأمن الداخلي" في مجلس النواب الأميركي مايكل ماكول إن معلومات الاستخبارات الأميركية تشير إلى أن "قائد الطائرة ومساعده قد يكونا متورطين في الحادث". واختفت الطائرة، المتجهة من كوالالمبور إلى العاصمة الصينية بكين، عن شاشات الرادار في الثامن من آذار (مارس) ولم يعثر على حطامها حتى اليوم. الطائرة الماليزية الثانية وصاروخ أرض – جو وبعد نحو أربعة أشهر على اختفاء الطائرة الماليزية، تصدرت "الخطوط الماليزية" المشهد مجددا بعد إسقاط طائرة تابعة لها من طراز "بوينغ – 777" كانت متجهة من كوالالمبور إلى أمستردام بصاروخ أرض- جو على ارتفاع 10 آلاف متر فوق منطقة دونيتسك الأوكرانية التي يسيطر عليها الانفصاليون. وقالت "وزارة الداخلية الأوكرانية" إن الطائرة التي كان على متنها أكثر من 300 شخص بينهم 23 أميركياً "أُسقطت قرب مدينة شاختيورسك في منطقة دونيتسك، باستخدام صاروخ أرض - جو من طراز "إس 300" أو "بوك"، وكلاهما لا يملكهما الانفصاليون". وبعد ساعات على اتهامها سلاح الجو الروسي بإسقاط مقاتلة أوكرانية من طراز "سوخوي 25" اثناء تنفيذها مهمة قتالية ضد الانفصاليين الموالين لموسكو شرق البلاد، وهو الثاني خلال أيام قليلة بعد استهداف طائرة شحن عسكرية أوكرانية من طراز "أنطونوف 26"، حمّلت السلطات الأوكرانية موسكو مسؤولية إسقاط الطائرة الماليزية. طائرة تايوانية تصدم مبنى وفي تايوان، لقي 45 شخصاً حتفهم في 23 تموز (يوليو) وجُرح 11 آخرون في حادث تحطم طائرة تابعة لشركة "ترانس آسيا" التايوانية كانت تقوم برحلة بين مدينة كاوسيونغ في جنوبتايوان وجزيرة ماكونغ، لكنها هبطت اضطرارياً قرب مطار بينغو بسبب سوء الأحوال الجوية، وصدمت مبنى لم يسجل فيه ضحايا. وكان معظم الركاب من التايوانيين والفرنسيين. طائرة جزائرية تتناثر وحتى اليوم لم يتوصل المحققون إلى "سبب واضح" يفسر أسباب سقوط طائرة من نوع "ماكدونل دوغلاس إم دي 83" تابعة ل "الخطوط الجوية الجزائرية" في مالي في 24 تموز (يوليو) وعلى متنها 116 شخصاً بينهم 54 فرنسياً و23 من بوركينا فاسو وثمانية لبنانيين وستة جزائريين. وتحطمت الطائرة فوق شمال مالي أثناء رحلة من واغادوغو (عاصمة بوركينا فاسو) إلى العاصمة الجزائرية، ولقي جميع أفراد الطاقم الإسبان الستة مصرعهم ايضا. واظهرت العناصر الأولى للتحقيق التي نشرت في مطلع آب (أغسطس) أن الطائرة تناثرت قطعاً لدى ارتطامها بالأرض، وأن سرعتها تراجعت وانحرفت يساراً لسبب غير معروف اثناء اجتيازها عاصفة شديدة. طائرة إيرانية وخمسة كيلومترات بعد الإقلاع وأسفر حادث تحطم طائرة إيرانية كانت تقوم برحلة داخلية في اتجاه مدينة طبس، شرق البلاد، بعد لحظات من إقلاعها من مطار مهراباد في طهران صباح الثامن من آب (أغسطس) بسبب عطل أصاب أحد محركاتها، عن مقتل 48 شخصاً بينهم ثمانية من أفراد الطاقم وسبعة أطفال. وسقطت الطائرة التابعة ل "شركة سيباهان" في حي أزادي السكني المخصص للعسكريين وعائلاتهم، والذي يبعد نحو خمسة كيلومترات عن المطار. وأوضح رئيس "منظمة الطيران المدني" علي جانغيريان في تصريح أن "الطائرة تحطمت فوق أشجار"، وهو ما جنب وقوع ضحايا من غير الركاب. وعلى رغم سلسلة الحوادث هذه، إلا أن العام الذي يشرف على الانتهاء ليس الأسوأ في تاريخ حوادث الطيران الدولية. فالعام الذي شهد أكبر عدد من حوادث الطائرات هو 1972، إذ قتل 2429 شخصاً في 55 حادث تحطم شملت طائرة "أيروفلوت" روسية قتل فيها 174 شخصاً وطائرة "كونفاير 990" اسبانية قتل فيها 155. لكن 2014 هو من دون شك أسوأ اعوام الطيران بالنسبة الى ماليزيا، وربما آسيا كلها.