من عمّان إلى القدس، رحلة أزهرت على طريقها البري باقات فنية وفاحت على جنباته رائحة التراث الفلسطيني ممزوجاً بالغناء المعاصر. لقاء رتبته فرقة «آهات» الأردنية في ألبومها الأول الذي حمل عنوان «من أجل من» الذي أطلق خلال حفلة «باص عمّان القدس» الذي يروي في محاطاته قضايا ومشاكل أوطان عربية تفصلها الحدود، لكنها اتّحدت تحت مظلّة الموسيقى البديلة «الهيب هوب». يضم الألبوم تسع أغانٍ تناقش مواضيع عدّة، منها «رحلة « التي تدافع عن أسلوب الراب الراقي، و«أربع حيطان» التي تتحدّث عن معاناة الأسرى وتهميش قضاياهم، إضافة إلى تناول قضية حرية الإعلام بمشاكلها وعقباتها في أغنية «تشابك». الألبوم من إنتاج مجموعة شباب التقوا حول فن ال «هيب هوب» عبر الإنترنت، لتتوثّق العلاقة بينهم، فاجتمعوا عام 2008 لتأسيس «آهات» التي تضمّ كلّ من علي الزبيدي وياسر حدّاد وطارق البدوي وميرا إرشيد. فنانون عرب ومحليون شاركوا في الألبوم، كالفلسطينية ريم البنا بأغنية مستوحاه من قصيدة الشاعر المصري أمل دنقل عنوانها «لا تصالح» حملت معاني متناقضة، لا سيما حين دعت بكلماتها إلى السلام والمصالحة بين العرب. كما قدّمت الفنانة التونسية مريم العبيدي أغنية «لو يذكر الزيتون» من كلمات الراحل محمود درويش، عن معاني الحريّة وحق العودة. وبتقنية فنية عالية، استطاعت الفرقة في ألبومها الأول المزج بين الهيب الهوب والراب والروك والمقام الشرقي الحجازي، ويبدو ذلك واضحاً في أغنية «رصاص الموانئ». أما الأغاني الأخرى فلم تخلُ من الآلات الموسقية الشرقية من بينها القانون والعود والطبل لإضافة مسحة عربية على المعزوفات الغربية. الرفض التام الذي تواجهه فرق الموسيقى البديلة في الأردن، باعتبارها ثقافة دخيلة لا تمت إلى التقاليد العربية بصلة، كان الدافع الأكبر لفرقة «آهات» للبدأ بأغنية «اقبلني» التي تحكي عن هوية الهيب هوب كوسيلة للتعبير لدى الجيل الصاعد بلغة الشارع ونبضه ليكون صوتهم في المجتمع نشيداً للتغيير. وتقول ميرا إرشيد أول مغنية راب في الأردن: «واجهت انتقادات حادة من المجتمع والأهل كوني فتاة، لكن عندما قدّمت ما لديّ من آراء بات الجمهور الداعم الأول لي للاستمرار في غناء الراب». وليس بعيداّ عن تقبّل كثيرين للموسيقى البديلة كان لإطلاق آهات مجموعة من الأغاني التي اهتمّت بتوعية المجتمع بأخطار الأمراض لا سيما التلاسيميا والإيدز والسرطانات بأنواعها. وعبر الأثير الإذاعي كانت «آهات» أول فرقة تقدّم برنامجاً إذاعياً يحمل اسم «هيب هوب كافيه» عام 2008 يتحدث عن ثقافة الهيب هوب والراب متناولين قضايا اجتماعية أبرزها الحريّة في التعبير. وتستعد الفرقة لإطلاق برنامج آخر «ميوزكا» يقدمه كل من علي الزبيدي وياسر حداد عبر إذاعة «راديو البلد» يهتم باستضافة نخبة من الفنانين المحليين والعرب. أما الوجع العربي الأكبر المتجلّي في فلسطين فقد كان الحاضر الذي لا يغيب عن أغاني الفرقة ومن أشهرها «صار في ناس» الحاصلة على رتبة أهّلتها لتكون من ضمن أفضل خمس أغاني راب من طريق تصويت مواقع الهيب هوب في العالم. ويؤكد مؤسس فرقة «آهات» ياسر حداد ضرورة الاهتمام بالقضية الفلسطينية التي تهمّشت بظهور الثورات العربية، ناهيك بشعوره بالنشوة عندما يكتب ويغنّي سطوراً من المعاناة الفلسطينة في فضائه الفنّي الصاخب. آهات التي ترأست قائمة أفضل الفرق العربية لغناء الراب في الشرق الأوسط عام 2011، أطلقت ألبومها من خلال حفلة موسيقية وسط جمهور أعطى شهادة النجاح لفن آتٍ من الغرب فرض نفسه بما قدّم من محتوى حمل الهويّة العربيّة ولاقى جمهوراً استمع وتفاعل حد إطلاق الزغاريد. و«الهيب هوب» أصوله أميركيّة ظهر نهاية الستينات من القرن الماضي كنمطٍ غنائيٍ يعتمد على أداء الكلمات من دون الالتزام بلحن معين أو إيقاع منضبط .