حاول مغني الراب وال «هيب هوب» أحمد شحاده المعروف ب «كاز الأمم» الخروج عن سياق ما يفعله مع شركائه في فرقة «ترابية»، من خلال ألبوم خاص بعنوان «أثر الغراب». هذه المرّة أراد الفنان الأردني - الفلسطيني أن يغرّد وحده خارج السرب وإن قليلاً، إلا أن زملاءه شاركوه ألبومه الذي تقاسم جزءاً منه مع القاصّ الأردني هشام بستاني في شكل غير مألوف من التعاون بين قاص ومغني راب. فقد مزج «كاز الأمم» في «أثر الغراب» أغنيات الراب المؤداة باللهجة المحكية المباشرة التي تعتمد على عرض قضايا اجتماعية وسياسية ونقدها، مع نصوص القصة القصيرة لبستاني من مجموعته «أرى المعنى» الصادرة عن «دار الآداب» اللبنانية عام 2012. الأوضاع السياسية الجديدة التي عصفت في أكثر من بلد عربي وما تبعها من أحداث دموية، وانهيار أنظمة وخروج أخرى، كانت أحد أسباب صدور «أثر الغراب». ويؤكد «شاعر الراب» أحمد شحاده أن الكلمة أقوى من البارود، لذا يعتمد في كتابته الأسلوب السريع الشبيه بالأغاني ليأتي بشعر رمزي يحمل مضامين فكرية واجتماعية متمردة، بعيدة عن المباشرة الفجّة التي تلغي الأبعاد الجمالية. ويقول: «ألجأ إلى عالم الخيال حيث الرمز هو المعبّر عن المعاني العقلية والمشاعر العاطفية، وأبحث عن العالم المثالي المجهول لأسد فيه الفراغات الروحية التي لا أملكها». «أثر الغراب» يحتوي على 8 أغانٍ هي: «البداية»، و «شوارع يولوجيا»، و «شِتا»، و «أثر الغراب»، و «نلمح النور»، و «ضحك عاللحى»، و «تجاعيد»، و «ليست نهاية: لست أدري». وهذا الألبوم هو الأول ل «كاز الأمم - ترابيّة». وشاركه فيه كل من مغني الراب «أسلوب» من فرقة «كتيبة 5» الفلسطينية المقيمة في لبنان، وأيمن ماو من السودان، و»إدي عبّاس مؤسس فرقة «فريق الأطرش» اللبنانية، و»غرض شعري» من فلسطين، وعبد الله ميناوي من مصر، والكاتب هشام البستاني الذي قدم بصوتِه مقاطع من قصصه تتخلّل الأغاني. ويفسر شاعر الراب اسمه الفني «كاز الأمم» بأن الكاز أرخص مشتقات النفط ومتوافر في كل مكان. ويقول: «أنا عضو في فرقة «ترابية» التي تمثّل الفكر الأممي، وهي مشروع فنّي فكري، يعتمد الصدمة لإيصال أفكار الفن والثّورة عبر الكلمة والموسيقى والأداء». ويضيف: «نستقي أفكارنا من التّاريخ التحرّري والفلسفي، ونطرحها بأسلوب ثقافة الشّارع، محاولين اللّعب على الوعي الجمعي، وتدمير الثّقافة الاستهلاكيّة والنهج الرأسمالي». يعتمد «كاز الأمم» على ما يعيشه من أحداث يومية. «لجأت إلى الراب لأنه يعبر عمّا أشعر به، كما وجدته أسلوب حياة لي، أحوّل ما أراه وأسمعه وأعايشه إلى أغانٍ تحاكي الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية». ويضيف: «بدأت بكتابة الشعر بالعامية، واليوم أحوّل هذا الشعر إلى غناء على طريقة الهيب هوب». ويشرح أن تجربة الهيب هوب في الأردن «بدأت قبل 12 سنه تقريباً، أي حديثة نوعاً ما، وهو غناء احتجاجي رافض لمشكلات يعانيها المجتمع». في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة غناء الهيب هوب في عمّان، وتشكلت فرق عدة، وأصبحت تشكل مساحة واسعة من الساحة الفنية الاحتجاجية. وصار لها جمهور واسع، خصوصاً بين الشباب الذين يتحدوّن السائد عبر إثارة قضايا اجتماعية بطريقة جريئة ولافتة. وقد لاقت هذه الفرق، وهذه «الظاهرة» إذا صحّ التعبير، متابعة عدد من المؤسسات الثقافية والفنية، وتلقّت نوعاً من الدعم. ويأخذ هذا الفن الاحتجاجي اليوم في عمّان سياقاً فنياً متميزاً، بدأت تتداخل فيه أنواع من الآداب والفنون، ومنها تجربة القاص هشام بستاني ومغني الراب أحمد شحاده «كاز الأمم».