تشكّل الغارات على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرّف في العراق والتي تنسب لإيران، تعزيزاً مهماً في الدعم الذي تقدمه طهران لحليفتيها بغداد ودمشق للحفاظ على نفوذها الإقليمي والتصدي لتهديد الإسلاميين المتطرفين. ولم تؤكد إيران معلومات لوزارة الدفاع الأميركية، أشارت إلى أن سلاح الجو الإيراني نفّذ غارات في شرق العراق في الأيام الأخيرة. بيد أن مساعد قائد أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال مسعود جزائري، أكّد الخميس ضرورة دعم بغداد في مواجهة تنظيم "الدولة". وقال وفق ما أوردت قناة "العالم" الإيرانية "من دون أن تنتظر مقابلاً تفعل إيران ما بوسعها لتقديم المساعدة للشعب العراقي بناءً على واجبها الإنساني والإسلامي في القضاء على الإرهاب في هذا البلد". وتحرّكت إيران منذ الهجوم الخاطف لتنظيم "الدولة" في حزيران (يونيو) الماضي من خلال تزويد المقاتلين الأكراد بالسلاح وإرسال مستشارين عسكريين إلى القوات العراقية. كما ساهمت إيران في تدريب مليشيات شيعية منخرطة في الهجوم المعاكس على تنظيم "الدولة الإسلامية". وتؤكّد إيران أن التصدي لهذا التنظيم هي مهمة العراقيين ونفت باستمرار أن تكون أرسلت قوات برية إلى العراق كما رفضت المشاركة في التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة. وتعتبر طهران أن هذا التحالف وعلاوة على عدم نجاعته لأنه يكتفي بالغارات الجوية، يخدم أهداف الغربيين الساعين إلى قلب النظام السوري حليفها الإقليمي. كما تعتبر إيران أن سورية مع "حزب الله" اللبناني يشكّلان أساس "المقاومة" في مواجهة إسرائيل التي لا تعترف بها طهران. ومنذ بداية تشرين الأول (أكتوبر)، نشرت وسائل الإعلام الإيرانية عدة صور لقائد قوات القدس، الجنرال غسان قاسم سليماني وهي من قوات النخبة في الحرس الثوري مع مقاتلين أكراد عراقيين وأيضاً مع عسكريين في الجيش العراقي ومجموعات ميليشيا. وأكّد "حزب الله" اللبناني أن الجنرال سليماني كان وصل إلى العراق "على رأس خبراء لبنانيين وعسكريين إيرانيين" منذ سيطرة تنظيم "الدولة" على الموصل في 10 حزيران (يونيو) وأنه قام بدور عسكري مهم. لكنّ إيران تسعى أيضاً لحماية نفسها من الإسلاميين السنة المتطرفين الذين يعلنون أن هدفهم هو الإطاحة بالنظام الشيعي في العراق. وقال ديبلوماسي غربي في طهران لوكالة "فرانس برس": "الايرانيون خائفون". مذكراً بأن طهران عزّزت في شكل كبير دفاعاتها على الحدود وتوعدت بمهاجمة تنظيم "الدولة" "في عمق الأراضي العراقية" إذا اقترب عناصره من حدودها. ورأى ديبلوماسي غربي آخر، أن إيران لا يمكنها أن تقرّ رسمياً بأنها نفذت غارات جوية ضد تنظيم "الدولة" مع التنديد في الآن ذاته بغارات التحالف العربي الغربي. وهو ما فعلته أيضاً من خلال نفيها بشدة إمكانية التعاون العسكري مع واشنطن العدو التاريخي لإيران. لكن وفق هذا الديبلوماسي، فإن العراقيين يتولون الوساطة مع الأميركيين. وأقامت إيرانوالعراق اللذان تقطنهما غالبية شيعية، علاقات ثنائية سياسية واقتصادية ممتازة منذ الإطاحة بنظام صدام حسين في 2003. واختار رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي إيران لزيارته الأولى إلى الخارج بعد تولي مهامه نهاية تشرين الأول. وفي سورية، تريد إيران بأي ثمن منع الإطاحة بالنظام. وفي 2013، أكد الجنرال سليماني أن طهران تدعم "سورية حتى النهاية" في مواجهة الولاياتالمتحدة التي هدفها "تدمير جبهة المقاومة" لإسرائيل التي يمثلها "حزب الله" والفصائل الفلسطينية المسلحة. ومع نفي وجود قوات لها، أقرّت طهران أنها أرسلت مستشارين عسكريين لدعم الجيش السوري ومجموعات مؤيدة للحكومة السورية في مواجهة تمرّد مسلح ومجموعات إسلامية متطرفة. كما كان الإنخراط المباشر ل"حزب الله" حاسماً في استعادة مدن سورية من المعارضة المدعومة من الغرب والسعودية وتركيا. وعلاوة على ذلك، ندّدت إيران بالغارات الجوية الدولية على مواقع تنظيم "الدولة" في سورية، معتبرة أنها تشكل انتهاكاً للسيادة السورية. كما عرضت إيران تقديم أسلحة للبنان للتصدي للمسلحين الإسلاميين المتطرّفين. لكن بسبب خضوع إيران لحظر دولي على بيع السلاح بسبب برنامجها النووي فقد قرّرت السلطات اللبنانية في نهاية المطاف التزود بالسلاح من فرنسا.