نظم آلاف المقاتلين الشيعة امس السبت استعراضات مسلحة في عدة مناطق من العراق معلنين جهوزيتهم لمقاتلة الاسلاميين المتطرفين السنة الذين وسعوا هجومهم الكاسح عبر السيطرة على مناطق جديدة في غرب البلاد بينها معبر القائم الحدودي مع سوريا. ووسط هذه التطورات الميدانية المتسارعة في العراق، يعود وزير الخارجية الاميركي جون كيري اليوم الاحد الى الشرق الاوسط لبحث النزاع في هذا البلد الذي غادرته القوات الاميركية نهاية 2011 وتستعد للعودة اليه ضمن تدخل عسكري محدود ومحدد الهدف. بينما اكدت وزارة الدفاع الاميركية ان ايران ارسلت «عددا قليلا من العناصر» الى العراق لمساعدة الحكومة في مواجهة الجهاديين، في اول تأكيد علني للحكومة الاميركية لوجود عناصر ايرانيين في العراق. وذكر دبلوماسيون غربيون في وقت سابق ان قائد فيلق القدس قاسم سليماني توجه الى بغداد لتقديم المشورة للمالكي في هذه الازمة، علما ان طهران التي ابدت نيتها لمساعدة العراق ومناقشة ذلك مع واشنطن شددت على رفضها التدخل العسكري في هذا البلد المجاور. وسارت امس في منطقة مدينة الصدر التي تسكنها غالبية شيعية في شرق بغداد شاحنات محملة بقاذفات صواريخ بين الاف المقاتلين الذين ارتدى بعضهم ملابس عسكرية بينما ارتدى اخرون ملابس سوداء حاملين اسلحة رشاشة واسلحة خاصة بالقناصة وقذائف «ار بي جي». وحمل المقاتلون الذي رددوا هتافات بينها «جيش المهدي»، الجماعة الشيعية المسلحة التي اعلن الصدر قبل سنوات تجميدها، اعلام العراق ولافتات كتب عليها «كلا كلا امريكا» و»كلا كلا اسرائيل». ويسيطر مسلحون من تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» وتنظيمات سنية اخرى منذ اكثر من عشرة ايام على مناطق واسعة في شمال العراق بينها مدن رئيسية مثل الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد). وقد اعلن تنظيم «الدولة الاسلامية»، اقوى التنظيمات المتطرفة التي تقاتل في العراقوسوريا، عن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية. وكان مقتدى الصدر اقترح الاسبوع الماضي تشكيل وحدات امنية بالتنسيق مع الحكومة العراقية تحت مسمى «سرايا السلام»، تعمل على حماية المقدسات الاسلامية والمسيحية من هذه «القوى الظلامية». وجاء اقتراح الصدر بعدما اعلن رئيس الوزراء نوري المالكي التعبئة العامة وتسليح كل من يرغب بالتطوع لمقاتلة هؤلاء المسلحين، قبل ان يدعو المرجع الشيعي الاعلى اية الله العظمى السيد علي السيستاني العراقيين الى حمل السلاح ومقاتلة الاسلاميين المتطرفين. وبينما تصارع القوات العراقية لاستعادة مناطق من المسلحين، وسعت هذه الجماعات المسلحة نفوذها السبت نحو مناطق جديدة في محافظة الانبار غرب العراق. وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة مدينة القائم (340 كلم شمال غرب بغداد) لوكالة فرانس برس ان «المسلحين سيطروا بالكامل على القائم ووسعوا صباح امس سيطرتهم نحو مناطق محيطة بها جنوبا وشرقا». وتابع ان المسلحين الذين كانوا يسيطرون على معبر القائم الحدودي مع سوريا لايام «انسحبوا منه»، مضيفا ان مسلحي «الدولة الاسلامية» والتنظيمات التي تقاتل الى جانبه «لم يدخلوا المعبر خوفا من ان يكون مفخخا من قبل المسلحين الذين غادروه». من جهته، قال ضابط في حرس الحدود العراقي «انسحبنا من مواقعنا نحو مدينة راوة» القريبة، والتي يتوجه اليها الاف النازحين من القائم منذ الجمعة اضافة الى مدينة عنه المجاورة. وسيطرت مجموعة من المسلحين الموالين للجيش السوري الحر و»جبهة النصرة» على معبر القائم بعد انسحاب الجيش والشرطة من محيطه الثلاثاء قبل ان ينسحبوا منه، علما ان عناصر «الجيش السوري الحر» يسيطرون منذ اشهر على الجهة السورية المقابلة من المعبر في مدينة البوكمال. ويخوض تنظيم «الدولة الاسلامية» معارك ضارية في محافظة دير الزور السورية حيث تقع مدينة البوكمال مع كتائب معارضة للنظام السوري في محاولة للسيطرة على هذه المحافظة المحاذية للعراق.