عرفتُ أنسي الحاج جيداً، شعرياً وإنسانياً، عندما كنتُ رئيس تحرير الملحق الثقافي في صحيفة «لوريان»، وكان هو جاري في «النهار». كنتُ أراه دائماً ونتحدث عن المواضيع التي تعنينا وفي مقدمها الشعر الجديد. وهو من المجددين الأساسيين في لبنان والعالم العربي إلى جانب بدر شاكر السياب وأدونيس وشوقي أبي شقرا. لقد استطاع أنسي الحاج أن يُحدث تغييراً عميقاً في الشعر العربي من خلال قتله للرومنطيقية. ومن المعروف أن الشعر العربي مملوء بالرومنطيقية، ومملوء بالشحم وبشيء من اللفظية وتعظيم الأشياء. باتباعه طريقاً آخر، طريق الجبل الوعر واجتياز الأودية، كانت قصيدته مثل دبّوس غرسه في اللغة العربية ليمحو انتفاخها البلاغي. أنسي الحاج مملوء من نبع داخلي، ومن يتذوّق مثلي الكثير في القليل لا بدّ وأن يعتبر أنّ أنسي الحاج هو من أبرز المجددين في حداثتنا.