اتهمت اختصاصيات أكاديميين متخصصين في العلوم الشرعية والجهات الحكومية والخاصة بالتقليل من دور المرأة، وتأصيل التاريخ المشين لها لإلغاء حقوقها، معتبرات أن هناك فهماً خاطئاً لبعض نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لدى بعضهم في هذا الشأن، الأمر الذي يدفعهم إلى إيصال أفكار مناقضة لما دعت إليه الشريعة، مشددات على ضرورة استمرار المرأة في المطالبة بحقوقها. وأوضحت الأكاديمية المتخصصة في الأدب والنقد الدكتورة أمل الطعيمي أن عدداً من الأكاديميين المتخصصين في القرآن الكريم والحديث الشريف يعملون على تأصيل التاريخ المشين لصورة المرأة وحقوقها عبر نقلهم للفهم الخاطئ للنصوص، مشيرة إلى أن من أبرز التحديات التي تواجهها المرأة هو منعها من بعض حقوقها الشرعية، إضافة إلى وعيها بماهيّة تلك الحقوق. وقالت الطعيمي خلال كلمتها في ندوة «المرأة السعودية وقضايا المجتمع: مكتسبات وتحديات» في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في الرياض أمس: «لا تزال هناك سيطرة على النساء بسبب أفكار عدد من أساتذة الجامعات المتخصصين في العلوم القرآنية والحديث والتفسير، وللأسف أن بعضهم لم يقترب من عمق الآيات في أوامرها ونواهيها لحفظ حقوق المرأة، إذ لا بد من رفع الوعي في شأن حقوق المرأة التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية، ولتحقيق ذلك يجب أن تؤمن المرأة بدورها وقدراتها وحقوقها وأهليتها، وألا تقع في توجيه النظرة الدونية لذاتها مهما بلغت من مستويات علمية وثقافية عالية، فأساليب السخرية والاحتقار للمرأة يجب أن تتوقف». ودعت إلى عدم ترديد ما يصنعه البعض من أحاديث موضوعة وضعيفة سعياً إلى التقليل من المرأة، مطالبة بعض من يقللون من المرأة بتطبيق ما جاءت به الشريعة في جميع نواحي الحياة. من جانبها، حذّرت الأكاديمية المتخصصة في الحديث الدكتورة نوال العيد من الجهل الحقوقي للمرأة في البيئة القضائية، داعية إلى أن تكون كل امرأة محامية لذاتها من خلال الاطلاع على الأنظمة، وعلى حقوقها الشرعية في الكتاب والسنة، لافتة إلى أن هناك حاجة ملحّة تستدعي رفع وعي المرأة وتعريفها بحقوقها وكيفية نقاش قضاياها». وأضافت خلال الندوة: «التقاضي شكل من أشكال رد الظلم، ويجب على المرأة الحرص على المطالبة بحقوقها، فهناك مشكلة في نيل المرأة لحقوقها في مجتمع لا يخلو من المشكلات كغيره من المجتمعات الأخرى، وهنا يمكن تصنيف أفراد المجتمع إلى نوع يطالب بالمساواة التماثلية بين الرجل والمرأة، ونوع آخر يكابر ويكذّب واقع العصر ويرى أن المرأة متوّجة، وبين هذين النوعين يجب أن نعمل على تحقيق التوازن والوسطية». واستشهدت المتخصصة في علم الوراثة الدكتورة أمل الهزاني بحادثة طالبة الماجستير آمنة باوزير التي توفيت قبل أسبوع في جامعة الملك سعود، معتبرة أنها صورة من عدم مراعاة حق المرأة الإنساني والصحي، وأن هناك حالاً متناقضاً في التعامل مع المرأة بين خذلان وتكريم. وقالت: «كل ما تحققه المرأة السعودية من تقدّم في التعليم والعمل يمر بمنعطف الرفض من الفئة نفسها التي قاومت تعليم الفتاة منذ 60 عاماً، فالرافضون وجدوا اندماجها في درس الطب مدخلاً آخر للفتنة، فحرمت الكثير من المتفوقات السعوديات من دراسة الطب، واليوم نجد هؤلاء المعترضين يطالبون بطاقم طبي نسائي يفحص نساءهم، أي أننا نعود لنقطة البدء، وبالتالي يمكن القول إن كل ما من شأنه تمكين المرأة السعودية وتعزيز دورها في التنمية مهمة القرار السياسي وليس الاجتماعي». وأوضحت أن إحصاء تقرير وزارة التخطيط أثبت أن نسبة البطالة في المملكة بلغت 10 في المئة، منها 85 في المئة من النساء، كما أن معدّل مشاركة المرأة السعودية في العمل بلغ حتى في 2008 حوالى 11.05 في المئة، مشيرة إلى أن المرأة السعودية ليست تلك التي يشترط دخولها المحكمة بمحرم، وتوظيفها أو قبولها في جامعة بموافقة ولي الأمر، وفتحها سجلاً تجارياً بوكيل شرعي، واستخراج وثائقها الرسمية أو تجديدها بصك ولاية، مضيفة: «الولاية لا تكون إلا على القُصّر والسفهاء، أو استثناء في ولاية التزويج، وإن كان الواقع أن المرأة السعودية لا يعتد بها لتسيير أمورها إلا بحكم الولي، فهذا يعني أن نصف المجتمع السعودي قاصر، وهذا أمر لا يقبله عاقل». واستعرضت عضو مجلس الشورى الدكتورة نورة العدوان مجموعة من التحديات التي أضعفت دور المرأة السعودية في صنع القرار، مشيرة إلى انخفاض نسب أمية المرأة إلى 8 في المئة، في الوقت الذي وصلت نسبة قوة العمل النسائي في المملكة من أقل من نصف في المئة في عام 1970 إلى 37 في المئة في القطاع الحكومي حتى العام الحالي. وأضافت: «خطة التنمية التاسعة حددت مجالاً أكبر لتمكين المرأة من العمل أكثر من الرجل، وما أتيح للمرأة في العمل من نسبة 6.5 في المئة والرجال 3.5 في المئة، وهذا يعكس شيئاً من الاهتمام، كما أن المرأة حظيت بحقوقها البرلمانية في مجلس الشورى من خلال 30 عضوة، إضافة إلى التمثيل الحقوقي في منظمتي حقوق الإنسان، وما تبوأته من مناصب نائب وزير ووكيلة وزارة، كما أن هناك 5 آلاف امرأة عاملة في القطاع المصرفي، وتتمتع المرأة بالمناصب من دون منافسة رجل لاستقلالها في كيان جهاز خاص».