أجمعت ردود الفعل الدولية والأمنية على الترحيب بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الرئيس تمام سلام، معتبرة ان تشكيلها يمكّن لبنان من التصدي للعديد من التحديات السياسية والأممية والإنسانية والحفاظ على الاستقرار العام فيه، ودعم اجراء الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في اطار دستوري. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اتصالين أجراهما برئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة تمام سلام لتهنئتهما بتشكيل الحكومة، استعدادَ المنظمة الدولية لمساعدتهما، فيما رحب مجلس الأمن بتأليفها، معتبراً أن ذلك يمكّنها من الالتفات الى المشكلات التي يواجهها لبنان. وناشد في بيان له الشعب اللبناني التمسك بالوحدة الوطنية في محاولة زعزعة استقرار بلده، داعياً جميع الأحزاب اللبنانية الى احترام سيادته بعدم التدخل في الأزمة التي تشهدها سورية. وأعلنت رئيسة مجلس الأمن ريموندا مور موكيت، في بيان، أن أعضاء المجلس يتطلعون الى مساهمات بناءة لهذه الحكومة مع المجتمع الدولي، لا سيما مجموعة الدعم الدولية للبنان. وشددت على أهمية تطبيق القرار 1701 المتعلق بإنهاء الحرب بين اسرائيل و «حزب الله». من جهة أخرى، رحب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتشكيل الحكومة، مشيراً الى ان واشنطن أكدت ان الشعب اللبناني يستحق حكومة تستجيب لحاجاته وترعى مصالحه، ومؤكداً ان إعلان هذه الحكومة يشكل خطوة مهمة لمعالجة الوضع السياسي المضطرب الذي أعاق لبنان في السنوات الأخيرة. وطالب الحكومة بمواجهة الحاجات الأمنية والسياسية والاقتصادية «وسط تزايد الإرهاب والعنف الطائفي الذي يشهده البلد اضافة الى حاجات المناطق اللبنانية التي تستقبل اللاجئين القادمين من سورية». كما هنأت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، سلام على تشكيل الحكومة بعد مفاوضات صعبة، وأعربت عن ثقتها بأن الحكومة ستعيد التأكيد على سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية والحفاظ على روحية «إعلان بعبدا» وثقافة الحوار. في هذه الأثناء توافدت أمس الشخصيات السياسية والوفود الى دارة آل سلام في المصيطبة لتهنئة رئيس الحكومة الجديدة، وكان لافتاً في هذا السياق تلقيه اتصالاً من سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري الذي هنأه بتشكيل الحكومة وتمنى له النجاح في مهمته في هذه الظروف الصعبة التي يمر فيها البلد. وفيما اختلى سلام أثناء استقباله المهنئين بنادر الحريري مدير مكتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وكان لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لقاء مسائي مع الرئيس سليمان. ومع انتقال سلام صباح اليوم الى «السراي الكبيرة» لبدء ممارسة نشاطه الرسمي، فإن الأنظار تتجه الى الجلسة الأولى لمجلس الوزراء التي تعقد غداً في بعبدا ومخصصة لتشكيل لجنة وزارية يعهد اليها اعداد مشروع البيان الوزاري الذي ستتقدم به الحكومة من البرلمان طلباً لنيل الثقة. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية رفيعة، أن الأجواء السياسية الراهنة المعطوفة على تشكيل حكومة جامعة تحبذ أن يكون البيان الوزاري مختصراً، بذريعة ان التوسع فيه يمكن ان يقحم الحكومة في اشتباك سياسي هي في غنى عنه ويفتح الباب أمام المبالغة في اطلاق الوعود التي ليس في مقدورها تلبيتها لأن عمرها سيكون من عمر الفترة الباقية من ولاية سليمان التي تنتهي في 25 أيار (مايو) المقبل، وبالتالي العمل منذ الآن على تحضير الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية مع مطالبة المجتمع الدولي بأن تتم في موعدها. وأكدت المصادر نفسها ان لا مكان للمطوَّلات السياسية في البيان الوزاري وان اعتماد مبدأ المختصر المفيد أكثر من ضروري للإفادة من رغبة المكونات المشاركة في الحكومة بخفض سقوفها السياسية التي كانت وراء ولادتها بعد تعثر استمر لأكثر من عشرة أشهر. ولفتت الى وجود رغبة لدى هذه المكونات بأن يكون البيان الوزاري على قياس الموقف الذي أعلنه سلام من أمام قصر بعبدا فور تشكيل الحكومة، وقالت ان الظروف الراهنة تتطلب تنظيم الاختلاف في حال تعذر الوصول الى توافق حولها وهذا يستدعي احالة كل ما هو مختلف عليه الى طاولة الحوار مع اجماع الأطراف على ضرورة معاودة التواصل برعاية رئيس الجمهورية. وبكلام آخر، رأت المصادر ان التزام جميع الأطراف «اعلان بعبدا» الذي يقضي بتحييد لبنان عن الصراع العسكري الدائر في سورية يشكل القاعدة التي يفترض ان تؤسس للبيان الوزاري من دون أن يغفل الحديث في العموميات عن الاستراتيجية الدفاعية للبنان في مواجهة التهديدات الإسرائيلية انما على أساس ترحيل معادلة الجيش والشعب والمقاومة الى طاولة الحوار لأن ادراجها في صلب البيان سيدفع في اتجاه جولة جديدة من الانقسام العمودي في داخل الحكومة.