قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد إن موقف بلاده من الحرب على الإرهاب «ظل ثابتاً ولم يتغير منذ عقود، كون المنطقة باتت تعاني من التفتيت الطائفي والانتهاكات التي تمزق أنسجتها الاجتماعية»، مؤكداً أن السياسة الإماراتية» لا تتحرك من فراغ، بل عبر نظام دولي متغير ومتجدد». واعتبر أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أعاد في قمة الرياض الاستثنائية الشهر الماضي «بوصلة العمل الخليجي المشترك إلى المسار الصحيح»، وأكد «التطورات الاستراتيجية المهمة التي تشهدها العلاقات الأخوية التاريخية بين أبوظبيوالرياض حالياً». وأكد عبد الله بن زايد في حديث الى «الحياة» لمناسبة اليوم الوطني ال43 الذي احتفت به الإمارات امس الثلثاء أن «الدور الإيجابي الذي تلعبه دولة الإمارات وحضورها في المحافل الإقليمية والدولية، هو رصيد تراكمي لأداء ديبلوماسيتنا في علاقاتنا الخارجية مع العالم، ويقوم على تبنّي ممارسات وسياسات تتناغم مع التزامنا مواثيق الأممالمتحدة والقوانين الدولية، وحرصنا على العدالة والاستقرار والتنمية والأمن والسلم الدوليين». وأضاف:» السياسة الخارجية لا تتحرك من فراغ، بل عبْر نظام دولي متغير ومتجدد، ويتطلب من الدول رؤية عميقة، ومن ثم عدم التردد في اتخاذ المواقف الشجاعة والمتقدمة عندما تتطلب الحاجة ذلك، وبخاصة عندما يتصل الأمر بصوْن مصالحنا الوطنية والقومية». مشاركة ايجابية ولفت إلى أن مشاركة الإمارات «الإيجابية» في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، «تعكس هذه الرؤية في تحركها الخارجي، من خلال عضويتها في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وفي قمة مجلس الأمن الدولي في الأممالمتحدة، والاجتماع الإقليمي لمكافحة الإرهاب في جدة أخيراً، والذي خرج برؤية إقليمية ودولية موحدة لمحاربة الإرهاب عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وفكرياً، بالإضافة إلى مشاركتها في المؤتمر الدولي حول السلام والأمن في العراق الذي عُقد في باريس، ومبادرتها الى إنشاء واستضافة مركز متخصص في مواجهة التطرف فكرياً، هو مركز (هداية) الذي يتخذ من العاصمة أبو ظبي مقراً له». وعن الدور الإماراتي الملحوظ في الحرب على الإرهاب خلال العامين الماضيين، قال: «موقفنا من مكافحة الإرهاب ونبْذه ومواجهة التنظيمات والأعمال الإرهابية بكل أشكالها وأنواعها، ظل موقفاً واضحاً وثابتاً منذ عقود، ترجمته في التعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي في مجابهته أمنياً وفكرياً، وفي تقديم الدعم اللازم لمحاربته (...) ونحن نرى أن الإرهاب، إلى جانب كوْنه انتهاكاً لحقوق الإنسان، يهدد كيان الدول وقِيمها، ويُمزِّق أنسجتها الاجتماعية، ويسلب الشعوب أمنها واستقرارها، ويُدمر إنجازاتها التنموية وإرثها الحضاري والإنساني». وأوضح أن المنطقة باتت «تشهد أشكالاً من التطرف والإرهاب ومشكلة التفتيت الطائفي، الذي يُشكل تهديداً خطيراً على أمننا القومي وعلى الأمن والسلم الدوليين (...) ولذا أصدرنا قانوناً اتحادياً بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية يشتمل على مواد صارمة لمعاقبة من يَثْبت عليه القيام بأعمال إرهابية أو تهمة التحريض على الإرهاب، وأتبعناه بقرار من مجلس الوزراء، تطبيقاً لأحكام هذا القانون، اعتمدنا فيه قائمة تضم عدداً كبيراً من التنظيمات الإرهابية حول العالم». ورداً على سؤال عن رؤيته لمسيرة مجلس التعاون، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الخليجية - الخليجية بعد قمة الرياض التي استضافتها السعودية الشهر الماضي، قال: «الحقيقة أننا نؤمن بأن ما يربطنا بمحيطنا الخليجي هو التزام، وأولوية قصوى في سياستنا الخارجية، يتجاوز حدود التاريخ والجغرافيا إلى روابط الدم والدين، وحرصت دولة الإمارات منذ تأسيس مجلس التعاون، على دعم العمل الخليجي المشترك، وتبنِّي المواقف التي تصبّ في وحدة الصف الخليجي، وتُعزز من صلابة البيت الخليجي بما يعود بالخير على شعوب دول المجلس في حاضرها ومستقبلها، ويُمكِّنها من مواجهة الأخطار والتحديات التي تنعكس آثارها السلبية على أمن المنطقة واستقرارها». وأضاف: «أود أن أشير إلى التطورات الاستراتيجية المهمة التي شهدها العام الحالي في العلاقات الأخوية التاريخية بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية الشقيقة في إطار رؤيتهما المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيزها وتكاملها في مختلف المجالات، تحقيقاً للمصالح الاستراتيجية المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وحرصهما على صلابة البيت الخليجي ودعم العمل الخليجي المشترك، وتمثَّل هذا التطور في التحرك النشط وتكثيف المشاورات والاتصالات والزيارات المتبادلة على مستوى القمة، والاتفاق على تشكيل لجنة عُليا مشتركة بين البلدين لتنفيذ الرؤى الاستراتيجية المستقبلية بين البلدين، للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهاراً وأمناً واستقراراً، والتنسيق لمواجهة التحديات في المنطقة، لما فيه خيْر البلدين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون الخليجي كافة». تنويه بدور خادم الحرمين ونوّه بدور الملك عبدالله في إتمام المصالحة الخليجية، وقال:» نُثمِّن عالياً المبادرة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عقْد قمة الرياض الاستثنائية الشهر الماضي لإعادة بوصلة العمل الخليجي المشترك إلى مسارها الصحيح، وقد نجحت القمة، بفضل حكمة خادم الحرمين الشريفين وصبْره وصراحته وشفافيته، في تحقيق أهدافها النبيلة في المصالحة وإعادة وحدة الصف الخليجي، وتقريب وجهات النظر والرؤى والمواقف تجاه الأخطار والتحديات الخطيرة التي تواجهها المنطقة، وضرورة العمل على تعزيز التكامل ودعم مسيرة العمل الخليجي المشترك، بما يُحقق الأمن والاستقرار في المنطقة، ويفتح الأبواب لمصالحات عربية شاملة ولمّ الشمل العربي». وشدد على أن العاهل السعودي يعتبر «قيادة تاريخية بارزة، ولعب دوراً ريادياً في مسيرة مجلس التعاون الخليجي ودعم العمل العربي المشترك وجمْع كلمة الأمة العربية، وحرص على تضامنها وتآزرها وتوحيد كلمتها، إضافة إلى دوره ومكانته على الصعيدين الإقليمي والدولي». وأشار إلى أن رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حرص في خطابه الذي ألقاه (أول من أمس) لمناسبة اليوم الوطني ال43 على أن يضمنه «تقديره واعتزازه بنجاح مبادرة أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي تمكَّن بحكمته وحلمه، من جمْع القادة الخليجيين في قمة استثنائية أنهت الخلافات وعزّزت مسيرة التعاون والتكامل الخليجي ورسّخت وحدة البيت الخليجي وتماسكه، كما عبَّر عن تطلعاته إلى مشاركة فاعلة في قمة الدوحة هذا الشهر، تُجسِّد التزامنا القوي بدعم الأمن الجماعي والعمل التكاملي المشترك، بما يُحقق طموحات شعوبنا في الاستقرار والازدهار، ويحافظ على ما تَحقق لدولنا من مكانة ومكتسبات». ورأى الوزير الإماراتي أن احتفاء بلاده بالذكرى ال43 هي ذكرى طيبة لجميع مواطني دول مجلس التعاون والمقيمين على أرض البلاد: «نُعبر عن سعادتنا الغامرة للمشاركة الإيجابية الرائعة لأشقائنا من مواطني مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمقيمين من مختلف الجاليات الأخرى، في فعاليات احتفالاتنا باليوم الوطني، وبصورة خاصة المشاركة المتميزة للأشقاء من مواطني المملكة العربية السعودية الذين توافدوا، بمبادرات ذاتية، وتواجدوا في كل منصات الاحتفالات وساحاتها، حضوراً وفرحاً ومشاركة بارزة، تعبيراً عن عُمق العلاقات الاستراتيجية التي ترسّخت في شتى المجالات». منجزات نوعية وتابع: «ولعلّ أبرز إنجاز يعكس ما وصلت إليه دولة الإمارات العربية المتحدة من تقدّم علمي، هو إطلاق مشروعها الاستراتيجي لارتياد الفضاء الخارجي وبناء أول مسبار عربي إسلامي بقيادة فريق عمل إماراتي، للوصول إلى كوكب المريخ خلال الأعوام السبعة المقبلة، مما يُعد اسطع برهان على ما حققته مسيرتنا الاتحادية من منجزات تنموية شامخة وتقدّم في شتى المجالات، ويعكس في الوقت نفسه ما وصل إليه الإنسان الإماراتي من قدرات عالية في التعامل مع أحدث تقنيات العلوم والتكنولوجيا، وهذا الإنجاز التاريخي يأتي تتويجاً لسلسلة متصلة من النجاحات لدولة الإمارات في تنفيذ استراتيجيات تنموية مبتكرة ومستدامة في مجالات الاتصالات الفضائية، وتصنيع وإطلاق الأقمار الاصطناعية، وتكنولوجيا صناعة الطيران، عدا البرامج الاستراتيجية الضخمة التي نفذتها في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية، وإنتاج الطاقة المتجددة والتي أهلتها مبادراتها فيها لأن تكون مقراً دائماً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، وعاصمة إقليمية ودولية لمشاريع الطاقة المتجددة». وأكد أن الإمارات تبوأت هذا العام المركز ال12 في تقرير التنافسية العالمي الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي (دافوس) للعام الحالي، ليضع الإمارات بذلك، في قائمة أفضل الدول العصرية المتقدمة في العالم، والتي تُصنف كذلك في تقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة في مقدمة الدول في (التنمية البشرية المترفعة جداً)، وفي تحقيق الاستقرار والسعادة والرضا لمواطنيها والمقيمين فيها، وتحققت هذه المنجزات وغيرها، بفضل الرؤى المستقبلية الثاقبة للقيادة الحكيمة المخلصة لرئيس الدولة ونائبه رئيس مجلس الوزراء وولي عهد أبو ظبي، والتي هي تجسيد للمنجزات التاريخية العظيمة التي بدأها وقادها بكل حكمة واقتدار مؤسس الدولة وباني نهضتها وقائد مسيرتها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وما كان لذلك أن يتمّ من دون تضافر جهود أبناء وبنات الوطن وتلاحمهم مع قياداتهم وولائهم والحب المتبادل بينهم وقيادتهم وثقتهم المطلقة فيها». ولفت إلى أن الإمارات أصبحت تتبوأ صدارة التقارير الإقليمية والدولية، وتُصنَّف اليوم ضمن الفئة (المرتفعة جداً) في مؤشرات التنمية البشرية، والأولى عربياً وعلى مستوى غرب آسيا وشمال أفريقيا، وال36 عالمياً في مؤشرات الابتكار والسعادة وجودة الحياة وممارسة الأعمال، والأولى عالمياً في التماسك الاجتماعي والكفاءة الحكومية وحُسن إدارة الأموال العامة، والثقة بالقيادة والحكومة، ومتانة الاقتصاد، ومركزاً إقليمياً رئيسياً للتجارة الدولية، إضافة إلى كونها رائداً إقليمياً في تمكين المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. كما باتت مقصداً للجميع، متسامحة ومنفتحة على الثقافات العالمية والشعوب، تبادل احترامهم بالاحترام وتنعم بالأمن والأمان في ظل قوانين تحترم حرية الاختلاف والتنوع ويعامل الجميع بإنصاف أمام القانون، الأمر الذي تجسّد في وجود أكثر من 200 جنسية من مخلف دول العالم ينعمون فيها بالاستقرار. وأوضح أن «السياسة الخارجية التي تنتهجها الدولة مبنية على دعم مكتسبات الوطن وتعزيز الازدهار الاقتصادي والتطور الاجتماعي، اذ أصبحت الدولة تمتلك زمام المبادرة في ملفات عدة في الكثير من قضايا المنطقة والعالم». وأضاف: «هذه التحركات تأتي لتمتين جسور التفاهم والتعاون مع جميع الدول في قارات العالم الست، لخدمة مصلحتنا الوطنية، وتعزيز حضورنا وتأثيرنا على المستويين الإقليمي والدولي، وأقامت شراكات إستراتيجية مع مختلف دول العالم، وارتبطت بعلاقات سياسية واقتصادية واستثمارية مميزة مع الدول الصديقة، وعملت مع حلفائها وأصدقائها على تعزيز الاستقرار والتنمية في العالم»، مشيراً إلى أهمية اختيار الإمارات «لتكون مقراً دائماً لإحدى المنظمات الحيوية التابعة للأمم المتحدة وهي الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا) ولتصبح مدينة أبوظبي أول عاصمة عربية تستضيف إحدى المنظمات الدولية ومركزاً عالمياً رائداً، من خلال تبادلها الخبرات وإقامة المشاريع المشتركة في مجال الطاقة المتجددة مع الكثير من دول العالم». وقال بن زايد إن الديبلوماسية الإنسانية «شكلت أحد الأعمدة الرئيسية لسياستنا الخارجية والتي نشطت في الاضطلاع بدورها المحوري في المجال الإغاثي والإنساني ومساندة الجهود الدولية لمواجهة الأزمات الكبرى والكوارث وتلبية نداءات الاستغاثة، وغدت نموذجاً عالمياً في تقديم المساعدات والمنح والقروض الميسرة للدول النامية، بما يحقق لها نمواً اقتصادياً مستداماً»، وعبّر عن توجه بلاده لتعزيز «مكانتها في أهم منصات العمل الإنساني، بالإعلان رسمياً هذا العام، عن انضمامها إلى لجنة المساعدات الإغاثية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وذلك بعد صعودها إلى المركز الأول عالمياً كأكثر الدول المانحة للمساعدات الخارجية مقارنة بدخلها القومي للعام 2013، اذ بلغ حجم المساعدات التنموية والإنسانية التي قدمتها هذا العام 5,2 بليون دولار».