اختتم مركز دراسات الخليج بدبي الليلة الماضية في كيب تاون بجنوب افريقيا فعاليات منتدى/ الخليج وافريقيا نحو تطوير شراكة استراتيجية/. شهد المنتدى حضورا افريقيا كبيرا كونه يعتبر نافذة جديدة نحو مزيد من تطوير العلاقات الخليجية الافريقية والذي سيتحول الى ملتقى دوري. واستهل المنتدى اولى جلساته بكلمة عبر الفيديو لسمو الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الاماراتي قال فيها سموه / كنت أتطلع إلى حضور هذا التجمع المميز لتبادل وجهات النظر معكم وأود أن أهنئ مركز الخليج للبحوث على تنظيم هذا المؤتمر الحيوي في ظروف حرجة تتطلب فعلا مثل هذا الحوار الهام/. واضاف سموه إن الموضوع المطروح للمناقشة اليوم "الخليج وأفريقيا.. تطوير شراكة إستراتيجية جديدة" هو ذو أهمية كبيرة للامارات العربية المتحدة ذلك أنه إضافة إلى كون أفريقيا قارة غنية بتنوع مواردها وثقافاتها وتاريخها العريق معربا عن اعتقاده أن لديها امكانات اقتصادية هائلة تؤهلها للقيام بدور هام كلاعب رئيس على المسرح الدولي وأنه لم يتم حتى الآن الاستفادة من تلك الامكانات بالشكل الملائم. واكد سموه ان على دول الخليج أن تبذل المزيد من الجهود لتقوية العلاقات والروابط مع افريقيا في السنوات القادمة وهو أمر ممكن فقد آن الأوان لنا أن نقوي تحالفنا الاستراتيجي مع أفريقيا ليس بسبب قربنا الجغرافي فحسب بل أيضا لأنه تربطنا بالقارة الافريقية علاقات تاريخية تمتد جذورها عبر قرون طويلة من التجارة والتفاعل والتبادل الثقافي..وقال سموه / وأردد هنا مشاعر الرئيس نلسون مانديلا حول طبيعة العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا في خطابه أثناء مؤتمر القمة الخليجية التاسعة عشرة في أبوظبي في العام 1998 عندما قال "كم هي عميقة وقديمة تلك الوشائج من المودة والمحبة بيننا التي نستطيع أن ننسج منها اليوم علاقات الحاضر". وتابع سموه قائلا / ولهذا فإن عقد مثل هذه المؤتمرات له أهمية قصوى في وضع حجر الأساس لتوسيع مجالات التعاون والترابط بيننا.. فالشراكة الإستراتيجية بيننا يجب أن تمضي إلى ما هو أبعد من حقائق وأرقام التجارة لكي تركز على فتح افاق رحبة جديدة لتبادل الأفكار وللنقاش والحوار المفتوح.. ولذلك أتطلع وباهتمام إلى قراءة توصيات ونتائج مؤتمركم هذا/. واضاف سموه أود أن أنتهز هذه الفرصة لكي أوجز لكم بضع النقاط حول دولة الامارات العربية المتحدة وإمكانياتها كلاعب رئيس في تحالف خليجي-أفريقي مستقبلي موضحا ان دولة الامارات العربية المتحدة تواصل وهي على أعتاب العام الثامن والثلاثين من عمرها كدولة اتحادية القيام بدور بناء في المنطقة كمحفز على التعاون والاستقرار.. ولقد حققنا في فترة زمنية قصيرة انجازات كثيرة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبرزت بلادنا في المنطقة كمثال للدولة العربية المسلمة التي تنتهج طريق السلام والتسامح. وقال سموه إن مجالات اهتمامنا الاستراتيجية تتجاوز القضايا الإقليمية لتشمل القضايا ذات الأهمية على النطاق العالمي بما في ذلك تحديات العصر الحديث مثل الأمن الغذائي والطاقة المتجددة والتعليم وتمكين النساء وهي القضايا التي تأتي على رأس جدول أعمالنا. واضاف أن الامارات تسعى إلى استضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة وفي حال نجح مسعانا هذا فسوف تكون تلك هي المرة الأولى التي تتخذ فيها منظمة دولية من الشرق الأوسط مقرا لها. واكد ان الامارات حققت الكثير في فترة زمنية قياسية غير أن التوسع الاقتصادي السريع قد أدى كما هو متوقع إلى بروز بعض التحديات الصعبة.. وقال سموه / فمن نواح كثيرة نواجه الآن مفارقة مفادها أننا نضع قدما في العالم النامي وقدما اخرى في العالم الصناعي المتقدم ولهذا السبب فقد ركزت الامارات العربية المتحدة كثيراً على دعم مسيرتي التعليم والتنمية الاقتصادية بشكل متوازن باعتبارهما الركن الأساسي لسياستنا الداخلية والدولية/. واوضح سموه/ في سياستنا الخارجية فاننا نرجح نهج التفاوض والدبلوماسية لحل القضايا الخلافية ونعلق أهمية كبرى على دعم سبل التقدم والاستقرار والتسامح بين الدول والمجتمعات كركيزة لسياساتنا العامة.. وقد تم بذل الجزء الكبير من جهودنا الدولية لتطوير آلية فاعلة للمساعدات الخارجية خاصة تجاه أصدقائنا وحلفائنا في أفريقيا.. وقد واصلنا توسيع المساعدات التنموية والإنسانية للبلدان الأفريقية انطلاقا من ايماننا العميق بضرورة دعم المجتمع الدولي لعملية تنمية موارد أفريقيا.. وقد أكدنا على موقفنا هذا في كثير من المحافل الدولية وفي هيئة الأممالمتحدة.. وأثبتنا ذلك بشكل متناسق مع أفعالنا.. وسوف نواصل اظهار دعمنا والتزامنا بعملية التنمية في افريقيا من خلال الهيئات والمنظمات العاملة لدينا مثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة زايد ودبي للعطاء/. وشدد سمو الشيخ عبد الله بن زايد ال نهيان على ان روابط العالم العربي مع أفريقيا عميقة وتاريخية وأن حوالي نصف الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية هي جزء من القارة الأفريقية.. وقال سموه/ غير أننا ندرك أن هناك الحاجة إلى الوصول الى ما هو أكثر من ذلك وأن بناء جسر فعال بيننا وبين أفريقيا يتطلب أجندة خليجية جماعية/. واكد سموه أن الامارات العربية المتحدة ستكون شريكا فاعلا ونشطا للعمل على صياغة تلك الأجندة. وقال سموه إن الامارات العربية المتحدة بشكل خاص تربطها علاقات اقتصادية وتجارية وثيقة وقديمة مع أفريقيا ومن منظور تجاري فإن القرب الجغرافي بيننا يجعل القارة الافريقية شريكا أكثر ملاءمة لنا مقارنة بالمناطق الاخرى.. وبالفعل قد كنا وما زلنا حليفا تجاريا ديناميكياً مع أفريقيا كأحد أكبر وأهم ستة شركاء تجاريين لنا خلال السنوات القليلة الماضية. واضاف سموه انه من ناحية التنويع الاقتصادي تجاوز حجم تجارتنا الخارجية غير النفطية مع أفريقيا 70 مليار درهم في العام 2007 وهو ما يجعل أفريقيا في المرتبة الثالثة بعد كل من آسيا ومنطقة المحيط الهادي وأوروبا لافتا الى ان المصالح التجارية للامارات العربية المتحدة بوجه خاص تتركز على إمكانيات التوسيع السريع للموانئ الأفريقية وقطاعات السياحة والعقارات والبناء والضيافة والاتصالات والأسواق المالية وهي القطاعات التي قمنا بضخ استثمارات كبيرة فيها. واشار سموه الى ان تبادل الموارد البشرية كان أيضا جانبا مهما من جوانب علاقاتنا مؤكدا ان الامارات عبرت على مدى سنوات كثيرة عن تقديرها للمساهمة المهمة والديناميكية لأبناء جالية أفريقيا الجنوبية المقيمة في الامارات في اقتصادنا ومجتمعنا. واعرب سموه عن اعتقاده أنه بالاضافة لذلك كله ينبغي لأية شراكة استراتيجية جديدة بيننا أن تركز على ما هو أبعد من الاقتصاد أي على تطابق المصالح والأولويات الاستراتيجية بين منطقتينا في سعينا المشترك لمواجهة تحديات هذا القرن.. وقال إن الكثير من تحديات السياسة الخارجية التي تواجه الامارات العربية والدول العربية المجاورة تواجه أيضا المجتمع الدولي. واضاف سموه ان الإمارات العربية المتحدة تقدر عاليا دعم أفريقيا الثابت للموقف العربي حيال عدد من هذه القضايا وعلى وجه الخصوص عملية السلام بين العرب وإسرائيل والتي لعبت فيها الامارات العربية المتحدة دوراً فاعلا ًوملتزما.. وإننا نأمل أن تواصل دول هذه القارة العظيمة البحث عن سبل لتقوية تحالفاتها مع دول الخليج العربي.. فنحن من جانبنا ملتزمون بهذه الشراكة الاستراتيجية. واختتم سموه كلمته بتهنئة جنوب أفريقيا على كونها أول بلد أفريقي يستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم التي ستقام في العام 2010 وهو ما يرمز إلى مدى التقدم الذي أحرزته في زمن قصير معربا عن أطيب أمنياته لهم بالتوفيق في إعدادهم لهذا الحدث الكبير. من جانبه اعرب سعادة اسماعيل عبيد ال علي عن بالغ تقديره لمركز دراسات الخليج ولرئيسه السيد عبد العزيز الصقر على جهوده القيمة في تنظيم هذا المنتدى الهام وحسن ادارته معربا عن امله ان يخرج بتوصيات محددة قابلة للتنفيذ. واشار سعادة السفير في حديثه امام المنتدى الى العلاقات التاريخية التي تربط الدولة بالقارة السمراء على الصعيدين الثقافي والتجاري مؤكدا انها بعد استقلال الدولة توطدت الروابط الودية وعلاقات الصداقة مع القارة سياسيا بإقامة العلاقات الدبلوماسية مع دول القارة وانشاء السفارات لدى عدد منها وتبادل الزيارات الرفيعة المستوى. وعلى الصعيد الاقتصادي تحدث سعادته عن اشكال الدعم والمساعدة التي قدمتها الدولة عبر صندوق ابوظبي للتنمية لدعم مشاريع البنية التحتية للعديد من الدولة الافريقية عبر قروض بلغت نحو 500 مليون دولار تشتمل منحا لبعض الدولة فضلا عن استثمارات الدولة في العديد من دول القارة. وشدد سعادته على الجهود التي بذلتها الدولة لربط القارة بمنطقة الخليج والعالم العربي مباشرة عبر 196 رحلة اسبوعية للناقلات الوطنية للدولة مما يساعد كثيرا ويسهل حركة انتقال الاشخاص والبضائع بين الجانبين.