«سيدي الريس أوباما» هو عنوان قصيدة الشاعر العراقي عباس جيجان، نتذكرها والرئيس الأميركي باراك أوباما ينوي زيارة السعودية في منتصف شهر آذار (مارس) المقبل، وتأتي الزيارة في مرحلة تعد الأسوأ على مستوى العلاقات السعودية الأميركية، العنوان الرئيس للزيارة هو حلحلة ملفات الخلاف، وعنونت التايمز للزيارة قبل أيام ب«زيارة أوباما للسعودية... خبر طيب!». التفاؤل الغربي والأميركي من الزيارة يأتي بسبب رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي عبر حضور الرئيس، وعلى جانب آخر هو مؤشر على أن زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري للرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لم تحقق أهدافها، على رغم أن كيري تعامل بكل براغماتية الأميركيين قبيل هذه الزيارة. إذ زار القاهرة، واعترف ب30 يونيو، ووجه أقسى انتقاد يقدم لجماعة الإخوان من الإدارة الأميركية عبر تصريحه «الإخوان سرقوا ثورة مصر.. والجيش أعاد الديموقراطية»، لكن رسالة المصريين كانت واضحة لكيري عبر رفع صور بوتين، ويعرفون أن العلاقات المصرية الروسية قطعت أشواطاً كبيرة، ضاربين بالمعونات الأميركية عرض الحائط، بل يخشى الأميركيون من مصر اليوم، التلويح بورقة الجماعات الصديقة للإخوان في سيناء ولعبها بأمن إسرائيل، وهو ما سيدمر سمعة أوباما أميركياً. أما الموضوع الرئيس الذي يبدو خلافياً بين السعودية وأميركا، فيبدو أنه التقارب مع إيران، وإن كنت أشكك شخصياً أنه الخلاف الرئيس بين الطرفين، فالمستوى الذي وصلته إيران من التخصيب النووي لا يمكن القضاء عليه من دون ضربة عسكرية، وهذا مستبعد في نهج أوباما، والسعودية واقعياً لا يهمها أن تصبح إيران غير خاضعة للعقوبات، ولا أن تطلق أوروبا وأميركا الأموال الإيرانية المتحفظ عليها، والخلاف الرئيس هو حول استغلال هذه الأموال في إثارة القلاقل في العراق ولبنان واليمن، ومزيد من الدعم للسفاح بشار الأسد في استباحته دم الشعب السوري. والأزمة السورية هي مصدر الحنق السعودي الرئيس من أميركا، خصوصاً بعد تلكأ أوباما عن ضرب بشار الأسد بعد تجاوزه الخط الأحمر، واستعماله الكيماوي في مجزرتي الغوطتين أواخر العام الماضي، وهو ما عبرت عنه السعودية عبر صفقة السلاح الفرنسي للجيش اللبناني، وسبقه الاستمرار في دعم المعارضة السورية عبر الجيش الحر والائتلاف، وما انتهت إليه من قرارات ضد من يذهب إلى الجهاد في سورية من السعوديين ومن يحرض عليه، وهو ما مثل، إضافة إلى وضع حد للحركيين من نجوم الإعلام الجديد في السعودية، رسالة إلى أميركا أن السعودية لا تدعم «داعش» و«النصرة» اللذين تدعمهما قطر، ويستغلهما بشار كحائط «مبكى». ولأن الأميركيين براغماتيون، فلا بد من أن زيارة أوباما للسعودية تأتي في الأساس لتحقيق أهداف أميركية، ولو أن أهدافها تتحقق من دون السعودية ما تكبد الرئيس الأميركي عناء السفر، وهل فعلاً كل ما هنالك أن السعوديين يخشون من هجرة أميركا إلى الباسفيك ووسط آسيا؟ وعندها هل يأتي أوباما لطمأنة السعودية حرصاً على نفطها؟ بالطبع، الطاقة لم تعد الموضوع الذي يشد له الرحال من واشنطن، فأوباما هو عراب الغاز الصخري والمصادر البديلة، وسورية ومصر بالنسبة إلى أوباما أمور ثانوية طالما تل أبيب بخير، والموضوع الرئيس الذي يبدو عنواناً للزيارة هو أفغانستان التي يرغب أوباما في سحب قواته منها خلال هذا العام كما وعد شعبه، وإدراكه أن أي حل أفغاني لا يمكن أن يمر من دون السعودية وباكستان. إذ إن طالبان وهي نتاج الاستخبارات الباكستانية التي كانت تتحفظ على أهم مكاسبه «بن لادن»، وأن بقية القوى التي لا يمكن جلبها للحوار من دون الاستعانة بالسعودية، أوباما يدرك أن الرحيل المحتوم لوسط القارة ضرورة أميركية، ولكن السؤال الرئيس: ماذا يملك لتقديمه للسعودية خلال الزيارة؟ وهو لسان حال المواطن العربي كما قالت القصيدة عنوان المقالة: «كلنا نكره أميركا، قبل جيتك وبعد جيتك، غصن زيتون وحمامة». [email protected] aAltrairi@